كتب : عبدالرحمن محمد أمين:
يوسف عبدالملك الشهابي “بوعادل “ المولود عام 1934م بفريق محطة السيارات القديمة بالمحرق المعروفة بفريق “استيشن”، أو كما يطلق عليه “ سوق الخارو” من الذين ولدو على يد القابلة “ميري” التي كانت تسكن في بيت الدوي بحالة أبو ماهر ويعتبر من أوائل البحرينيين الذين اتجهوا للعمل في المملكة العربية السعودية، بعد تخرجه عام 1947م من المدرسة الثانوية بالمنامة، وكان مقرها آنذاك شارع الشيخ عبدالله “موقع سوق الذهب” الحالي وكانت المدرسة الثانوية الوحيدة في البحرين. يحدثنا يوسف عن ذكرياته ونشأته فيقول التحقت بمدرسة الهداية الخليفية بالمحرق عام 1940م ، وكان مديرها ممدوح الداعوق ومساعده محمد الحبال، والاثنان أعضاء في الجمعية الإسلامية بلبنان، أما من الطلبة فأذكر منهم د. آدم عيد؛ وعبدالقادر الكوهجي؛ وأحمد الخان؛ وراشد العمران ومحمد مطر؛ محمد غريب؛ ضرار الشاعر؛ الشيخ سلمان بن محمد بن عبدالله آل خليفة؛ وأخوه الشيخ عبدالرحمن، أما في المدرسة الثانوية بالمنامة فكان مديرها حسين قباص ومن المدرسين الأساتذه محمد الهادي؛ علي و محمد صلاح الدين، وهم من مصر، وقد تركت الدراسة في الصف الأول الثانوي لعدم رغبتي فيها.
العمل في السعودية
ويواصل الشهابي: كانت ظروف توافر العمل في السعودية مشجعة لدرجة جعلتني أقرر السفر والعمل هناك خصوصاً على خط التابلاين فقد عملت أول مرة في محطة الضغط رقم 3 بمنطقة حفرالباطن، عام 1948م وكان عمري أنذاك 14عاماً ولم تتجاوز فترة عملي 4 شهورفقط، وكانت الحياة والمعيشة صعبة جداً وعملت وقتها مع المقاول سليمان العلايان وكان معي من البحرين المرحوم حسن عبدالجبار وخاله محمد كمال وكنا نتقاضى راتباً شهرياً قدره 150 ريالاً “ 15 ديناراً “ بخلاف أجرة عمل الوقت الإضافي، وكنت استغل وقت الفراغ في قراءة الكتب الإنجليزية لأنها كانت اللغة المطلوبة للعمل حينها، و في عام 1949م عملت في منطقة البقيق، وكانت وسيلة انتقالنا من البحرين للسعودية هي السفن البحرية “اللنجات” عن طريق فرضة الخبر، و أتذكر أنه كانت هناك 5 إلى 6 رحلات يومياً عن طريق البحر، إلا إنني فضلت العودة للبحرين والعمل في وطني عام 1950م حيث التحقت بشركة نفط البحرين “ بابكو “ وكان راتبي 3 روبيات يومياً يخصم منها 75 بيزة “فلس” بدل انتقال التي كانت تتم عن طريق الباصات وما يطلق عليه “سالم الخطر “ إلا إنه لضعف الراتب وإلمامي باللغة الإنجليزية تحدثاً و كتابة تركت العمل في بابكو وعدت ثانية إلى السعودية عام 1951م للعمل في ميناء الدمام 3 سنوات، بعدها التحقت عام 1954 بالعمل في مطار الظهران كمترجم لأفراد الجيش الأمريكي بشركة المقاولات الشرقية ممثلاً لمالكها المقاول “ حمد الدوسري “ براتب قدره 500 ريال شهرياً، وأتذكر أنه في إحدى إجازاتي في البحرين حيث كان المال متوفر عندي عام 1950م سمعت عن وجود مطعم في المنامة يطلق عليه اسم “مطعم النيباري “ يقدم أفخر أنواع الغداء بروبية واحدة فقط فكنت كثير التردد عليه، و في عام 1954م إلى عام 1956م عملت لدى عبدالله علي رضا وكان وكيل بواخر بالسعودية، و خلال إجازتي السنوية سافرت إلى إيران عام 1956م بعدها عدت مباشرة للبحرين للاستقرار والعمل بها فالتحقت موظفاً في إدارة المخازن بشركة بابكو في الأول من أكتوبر 1956م براتب قدره 450 روبية “45 ديناراً” وكان مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت يكفي للصرف والتوفير منه، و بعد خدمة استمرت 47 عاماً متتالية تقاعدت عن العمل لدى بابكو عام 1993م ، وأقضي وقتي الآن في الاجتماع كل يوم سبت مع المتقاعدين في مكتب لتأجير السيارات بشارع المعارض بالمنامة يملكه أحمد المنصوري وأحيانا أقضي وقتي في قهوة “كوستا كوفي” في العدلية ، كما أتواجد في مقر “دار البحرين لرعاية الوالدين” وفي الأجواء المناسبة والمعتدلة أمارس رياضة المشي في منتزه دوحة عراد بالمحرق.
الزواج و الأبناء
تزوجت عام 1961م و بالمصادفة في الليلة التي كان مقرراً فيها إقامة حفل الزواج توفى شقيق زوجتى فألغيت الحفلة، والحمد لله فإن لي 3 أولاد أكبرهم “غسان” الذي يعمل صحفياً والمرحوم عادل وكمال وابنتان، وكنت حصلت على بيت من شركة بابكو أثناء عملي لديهم شمال المحرق وبعته على زوجتي التي قامت ببنائه وتحويله إلى بناية، وأنا الآن أسكن منطقة البسيتين ومن فضل الله أن بيوت أبنائي غسان وكمال قريبة من بيتي.
الهوايات
مارست لعبة كرة القدم لفترة طويلة مع شباب فريق محطة السيارات القديمة حيث لم يكن هناك وقتها اتحاد لكرة القدم، كذلك لعبت كرة السلة و لضعف الإمكانيات في السابق لم نكن إلا كرة واحدة نستخدمها في لعبة كرة القدم والسلة والطائرة معاً، حيث لم تكن هناك قوانين أو ضوابط، وفي عام 1962م وخلال عملي في بابكو كنت أشارك في البولنج والريشة؛ ومن الطرائف المضحكة أني كنت حارساً للمرمي في إحدى المباريات وكنت طويل القامة ولضعف الإمكانيات في تلك الفتره كنت حافياً وحينها وجه أحد المهاجمين كرة قوية نحو مرماي؛ ومن قوة الضربة انخلع حذاء اللاعب متجهاً نحو المرمى وفي حركة لا شعورية قمت بالإمساك بالحذاء فيما أخذت الكرة طريقها إلى المرمى.
ذكريات من الماضي
عندما كنت أسكن بيت العائلة القديم بالقرب من كازينو المحرق وكراج بلدية المحرق في خمسينيات وستينيات القرن الماضي كان منزلنا يقع في الطرف الأخير شمال مدينة المحرق حيث لا يوجد أي منزل من ناحية الشمال، إلا أنه وخلال خمسينيات القرن الماضي قام المرحوم محمد أمين ببناء أول بيت في المنطقة التي كانت تعرف بـ “البر” لبعدها عن أحياء المحرق السكنية، ويقع هذا البيت مقابل الدوار الذي يقع في نهاية شارع المطاعم شمال المحرق حالياً باتجاه الشرق وهو الدوار الذي تقام فيه الآن احتفالات نادي المحرق الرياضي العريق عند إحراز البطولات و كان هذا المنزل يشاهد من منزلنا مباشرة، حيث إن الناس كانت تقول لماذا ترك محمد أمين الديرة وسكن البر، بعدها أقيم منزل آخر لـ محمد الحسن “مالك شركة غاز البحرين بالقرب منه “، وكانت منطقة شمال المحرق أو “البر” تستخدم كملاعب لشباب المحرق يمارسون بها لعبة كرة القدم فكانت توجد مجموعة من الملاعب يقع بعضها قرب مقبرة المحرق فكان موقع نادي البسيتين الحالي وبيت المرحوم سلطان السويدي وموقع مطعم الشعله الحالي أراضي خالية تستخدم لممارسة كرة القدم، و كان موقع ملعب نادي البحرين الحالي ومصلى العيد المكان المفضل لدى إخواننا العمانيين عندما كانوا يمثلون الطبقة العاملة الوحيدة في البحرين لتعلم ركوب الدراجات الهوائية الوسيلة الوحيدة المفضلة في تلك الفترة، وأتذكر أن أصحاب السمو المغفور له الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة وأخاه المرحوم الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة كانا يتواجدان عصر كل يوم في موقع بيت المرحوم سلطان السويدي حيث يتم إطلاق الحمام في السماء فتنطلق خلفها طيور “ الشاهين “ لاصطيادها تدريباً لاستخدامها أيام القنص وهي الرياضة المفضلة عند أفراد العائلة المالكة الكريمة.
وعلى ما آتذكر فإنه لم تكن في فريقنا القديم إلا سيارة تاكسي واحدة بإسم يوسف بهمن، كما كانت قوافل بيع الأسماك القادمة من الدير وسماهيج تعرض الأسماك بالقرب من منزل خالي محمد الشهابي وكان سعر ربعة السمك ذات الرائحة الطيبة تباع بروبية واحدة، وكان عشاء معظم الأهالي هو الأرز الأبيض مع سمك الصافي، و إذا ما تأخرنا عن الحضور إلى بيوتنا بعد صلاة المغرب ويكون العشاء اكتمل ننام على الجوع لعدم وجود مطاعم مثل حالنا اليوم، أما الفطور فيكون من الحليب الطازج الذي يتم استخراجه من الأغنام التي تربى في معظم بيوت المحرق.
حادثة لا تنسى
بعد حصولي على رخصة قيادة السيارة عام 1958م على يد الممتحن الإنجليزي “هايد “ ضابط الشرطة لأول مرة أمتحن بها، قمت بعدها بالمشاركة مع أخي المرحوم المهندس هشام الشهابي بشراء سيارة من نوع “همبرهوك “ بمبلغ 500 روبية “ 50 ديناراً “ وبعد سنة ونصف وأثناء عودتي من العمل تعرضت لحادث مروري أدى لانقلاب السيارة بنا لكن الحمد لله الذي نجانا من موت محقق، بعــــدها قمـــــت بشــــــراء أول سيــــــارة جــديدة وهـــــي مـــن نـــــوع “اوبــــــل “ وكــــــــــان وكيلها المرحوم حسن العجاجي عام 1961م وكانت سيارة يدوية بدون مكيــــــف سعـــــرهـــا 3000 روبية “ 300 دينار “ قسطها الشهري 50 روبية “ 5 دنانير”.