طــــــــــــارق مصـــــــــــــــــــباح



تُعَرِّف دائرة المعارف الأمريكية النشاط المدرسي بأنه “تلك البرامج التي تنفذ بإشراف المدرسة وتوجيهها، والتي تتناول كل ما يتصل بالحياة المدرسية وأنشطتها المختلفة ذات الارتباط بالمواد الدراسية أو الجوانب الاجتماعية والبيئية أو الأندية ذات الاهتمامات الخاصة بالنواحي العملية أو العلمية أو الرياضية أو الموسيقية أو المسرحية أو المطبوعات المدرسية”.
فكل ما يتعلمه الطالب داخل الصفوف الدراسية، أو من القراءات الحرة، أو ممن حوله، لا بد أن يعمل به لكي ينفع نفسه ومجتمعه، حيث قال الإمام الغزالي رحمه الله في كتابه (إحياء علوم الدين): “علم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون”، ولذلك وجدت هذه الأنشطة المتعددة والمتنوعة في كل المجالات لتصقل المدارس شخصية الطالب وتكتشف مواهبة وتستثمر طاقاته.
للأنشطة المدرسية أثر إيجابي على احترام الذات والرضا عن الحياة والعمل، فقد أشارت نتائج الدراسة التي قام بها قولن (Gullen,2000) إلى أن الطلاب الذين يشاركون في الأنشطة المدرسية يزداد عندهم احترامهم لذواتهم وثقتهم بأنفسهم. كما إن دراسة إلدن ورفاقه (Elden, etal.1980) التي أجريت على 351 طالباً وطالبة في المرحلة الثانوية، توصلت إلى أن الاشتراك في النشاطات المدرسية يعزز الاتجاه الإيجابي نحو قيمة العمل.
في المقابل، فإن للأنشطة المدرسية أثراً إيجابياً على التحصيل الدراسي، فقد أشارت نتائج الدراسات التي أجراها كل من بوركمان ورفاقه (Bureckman, etal. 1997) وبراوس و وودز (Brighouse and Woods, 2000) إلى تميز الطلاب المشاركين في الأنشطة المدرسية بالقدرة على تحقيق النجاح والإنجاز الأكاديمي، بالإضافة إلى إيجابيتهم مع زملائهم وأساتذتهم، وتمتعهم بروح القيادة والتفاعل الاجتماعي السوي والمثابرة والجدية، كما إنهم يميلون إلى الإبداع والمشاركة الفعَّالة ولديهم الاستعداد لخوض تجارب جديدة بثقة.
وفي دراسات إدوارد (Edward, 1994)، و سيلكر و كويرك (Silliker and Quirk, 1997 ) أشارت النتائج إلى أن التلاميذ الذين يقضون أوقات فراغهم في أنشطة حرة موجهة، مقارنة بالآخرين، تميزوا بالتفوق الدراسي وهم من الأوائل في مدارسهم.
بقي أن نؤكد على أهمية التخطيط السليم والتنظيم الموجه للنشاط المدرسي، فيجب أن يخضع لحاجة ورغبة إدارة المدرسة التي رأت ضرورة وجود النشاط لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة من خلال مساعدة التلاميذ للاستفادة من تلك الأنشطة. ولهذا يجب أن تتعدد ألوان النشاط المدرسي حتى يتمكن كل تلميذ من وجود النشاط الذي يلائم ميوله ورغباته ويتناسب مع قدراته، ولكن يجب أن يتم اختيار تلك الأنشطة بناءً على الإمكانيات المتاحة لكل مدرسة.
وصدق الفيلسوف المعلم الصيني كوانشو - الذي يرجع تاريخه إلى القرن السادس- عندما قال: “إذا كنت تخطط لسنة فاغرس بذرة وإذا كنت تخطط لعشر سنوات فازرع شجرة وإذا كنت تخطط لمئة سنة، فعلّم الناس، فعندما تزرع بذرة واحدة فإنك تحصد محصولاً واحداً وعندما تعلم الناس تحصد مئة محصول، فممارسة الأنشطة المدروسة تتمم عملية البناء المعرفي لدى الطلبة وكلما كان المشرفون على الأنشطة واعين على فلسفة التربية وعلى ما يلزم أمتهم للغد كانت قيادتهم للناحية العملية التطبيقية أكثر فائدة وثمراً”.