عواصم - (وكالات): شهدت باكستان تظاهرات عنيفة اوقعت 16 قتيلا واكثر من 200 جريح احتجاجاً على فيلم «براءة المسلمين» المسيء للإسلام، والتي أججها أمس نشر صحيفة «شارلي ايبدو» الأسبوعية الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتيرية للنبي محمد. وشهدت باقي الدول الاسلامية احتجاجات بعد صلاة الجمعة تشكل استمراراً لهذه التحركات التي بدأت قبل نحو 10 أيام باحتجاجات عنيفة وحتى دامية في ليبيا ومصر. ورأت المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أن نشر الرسوم بعد عرض الفيلم «استفزاز متعمد» من الأفضل «تجاهله». كما دانت «ردود الفعل العنيفة والمدمرة» على نشر الرسوم والفيلم. ونبهت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون كل الدول إلى أن من «واجبها» حماية البعثات الدبلوماسية لدول أخرى تطبيقاً لشرعة فيينا. وسقط 16 قتيلاً وأصيب نحو 200 بجروح في باكستان حيث أحرق المتظاهرون الغاضبون 4 دور للسينما خلال مواجهات مع الشرطة التي أطلقت النار الحي في بيشاور وكراتشي. كما اندلعت صدامات على نطاق ضيق أيضاً في روالبندي، المدينة التوأم لإسلام آباد، وتظاهرات حاشدة في لاهور ومولتان ومظفر آباد. وشددت التدابير الآمنية في كبرى مدن باكستان في «يوم عشاق الرسول» الذي أعلنته الحكومة رداً على بث فيلم «براءة المسلمين»، داعية إلى الهدوء.
وقدر عدد المتظاهرين في إسلام اباد بنحو 20 ألفاً ساروا وسط هتافات مناهضة للأمريكيين بالقرب من الحي الدبلوماسي حيث السفارتان الأمريكية والفرنسية والذي طوقته القوى الأمنية تحسباً من أي هجوم. وتظاهر نحو 4 آلاف شخص في لاهور، شرق البلاد، وآلاف في مولتان في الوسط، و30 ألفاً في مظفر آباد، عاصمة كشمير الباكستانية وفق الشرطة. وفي كابول تظاهر بين 300 شخص غرب العاصمة الأفغانية. كما تظاهر مئات وسط كابول، كما قال مدير الشرطة الجنائية في العاصمة محمد ظاهر، مؤكداً أن التظاهرات «سلمية».
وفي إندونيسيا تظاهر عشرات الأشخاص أمام مقار شركات أمريكية وبعثيتن قنصليتين فرنسية وامريكية للاحتجاج على الفيلم ونشر الرسوم الكاريكاتيرية. وفي دكا تظاهر 10 آلاف شخص دون صدامات وأحرقوا دمية تمثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعلماً فرنسيا. وفي مكة المكرمة، دعا إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ صالح بن محمد آل طالب في خطبة الجمعة إلى إصدار ميثاق شرف يجرم الإساءة للرسل والأديان، وانتقد في الوقت نفسه الاحتجاجات العنيفة التي أوقعت عشرات القتلى خلال 10 أيام في عدة دول إسلامية.
وتظاهر مئات اليمنيين في صنعاء دون أن يتمكنوا من الاقتراب من السفارة الأمريكية التي تحميها قوات أمنية كبيرة. وفي القدس المحتلة، تظاهر نحو 100 فلسطيني في ساحات الأقصى ورددوا هتافات معادية للولايات المتحدة والرئيس الأمريكي باراك اوباما وإسرائيل. كما شهد لبنان تظاهرات واعتصامات نددت بالإساءة إلى النبي محمد عبر الفيلم والرسوم تخللها إحراق أعلام إسرائيلية وأمريكية، ودعوة من رجل الدين السني الشيخ مصطفى ملص إلى إصدار فتوى «بهدر دم» كل من أساء إلى الإسلام. وتظاهر الآلاف في البصرة جنوب العراق دون أن تتخلل التظاهرة أي صدامات.
وفي القاهرة، تظاهر قرابة 100 شخص أمام مقر السفارة الفرنسية. ونظمت في بنغازي، شرق ليبيا، تظاهرة دعت اليها جماعة متشددة للتنديد بالاساءات التي لحقت بالاسلام، بالتزامن مع تظاهرة مضادة للتنديد بالتشدد والعنف وتفشي السلاح. وفي المغرب، نظمت في مدينة سلا تظاهرة ضمت نحو 200 معظمهم من أعضاء التيار الإسلامي وسط شعارات مناهضة للغرب مثل «الموت لأوباما» و»الشيطان الأمريكي». ويخشى الغربيون وعلى رأسهم فرنسا أن يزيد نشر الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد التوتر ويؤدي إلى فلتان جديد الجمعة. لكن في باريس أكد رئيس مجلس مسلمي فرنسا محمد موسوي لإذاعة فرنسا الدولية أنه «يكرر دعوته إلى عدم التظاهر». ودعا وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان الرعايا الفرنسيين إلى البقاء في بيوتهم وأكد أنه «مهتم» بأمر الجنود الفرنسيين فيأفغانستان ولبنان. وحظرت السلطات الفرنسية تظاهرتين مقررتين اليوم قرب السفارة الأمريكية والمسجد الكبير في باريس. وقال وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس أن مديري أجهزة الشرطة في شتى انحاء البلاد تلقوا أوامر بمنع أي احتجاجات على هذا الأمر والتعامل مع من يخالف هذا الحظر. ودفعت اعمال العنف التي تخللت التظاهرات الاحتجاجية على الفيلم والرسوم البعثات الدبلوماسية الغربية الى البقاء في حالة تأهب واتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر.
فقد قررت فرنسا إغلاق سفاراتها وقنصلياتها ومدارسها في 20 بلداً إسلامياً بعد نشر صحيفة «شارلي ايبدو» الأسبوعية رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد، في خطوة جاءت بعد بث الفيلم المسيء للإسلام «براءة المسلمين».
وشهدت تونس استنفاراً أمنياً تحسباً لمهاجمة سفارات أجنبية، فيما بقيت مراكز التعليم الفرنسية مغلقة من الأربعاء الماضي وحتى صباح بعد غد.
وقد فرضت إجراءات أمنية مشددة وسط العاصمة التونسية حيث منعت حركة السير خلال النهار لمنع أعمال عنف او تظاهرات خصوصاً أمام سفارة فرنسا.
وفي مصر أغلقت المدارس والمراكز الثقافية الفرنسية في إجراء وقائي و»ان لم يسجل أي تهديد محدد». من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة أنها «اتخذت إجراءات مشددة» لحماية كل بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية في العالم بعد الهجوم على قنصليتها في ليبيا وعلى عدد من مقارها في العالم. وقد أعلنت إغلاق سفارتها في نيودلهي وأمرت موظفيها الذين يقيم كثير منهم في حرم السفارة، بالبقاء داخل المبنى بسبب مخاوف من تظاهرات ضد الفيلم المسيء للاسلام، كما ذكرت مصادر دبلوماسية. كما أغلقت المدرسة الأمريكية في نيودلهي ودعي الأمريكيون الموجودون في الهند إلى توخي الحذر. وأغلقت السفارة البريطانية والمراكز القنصلية الألمانية في تونس أيضاً. وكانت لندن وبرلين أعلنتا عن إجراءات لحماية بعثاتهما بعد هجمات على سفارتيهما في الخرطوم الأسبوع الماضي.
وفي القاهرة تمركزت عشرات من آليات الشرطة حول السفارة الفرنسية. وفي لبنان، أبلغت إدارات المدارس الفرنسية في بيروت وجبل لبنان والشمال والجنوب تلامذتها بالتزام منازلهم بسبب الأقفال، فيما تحدثت تقارير عن تعزيزات عسكرية في طرابلس وصيدا وبيروت.
وقد اغلقت السلطات الفرنسية 3 مراكز ثقافية وسفارتها في دكا، بينما أغلقت كل البعثات الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية في إندونيسيا. من جهته، اعتبر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد أن الفيلم المسيء للإسلام هو نتيجة «مؤامرة اسرائيلية» وذلك في خطاب القاه بمناسبة عرض عسكري نظم في طهران في ذكرى بدء الحرب الإيرانية العراقية. من جانبها، عمدت وزارة الخارجية الأمريكية المستاءة لأن رسالتها المنددة بالفيلم المسيء للإسلام لا تسمع جيداً، الى التركيز على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات التلفزيونية في محاولة لاحتواء حركة الاحتجاجات العالمية. وبدأت السفارة الأمريكية في إسلام آباد هذا التحرك، عبر انتاج اعلان تلفزيوني مدته 30 ثانية تم بثه على الشبكات السبع في باكستان في محاولة للفصل بين الحكومة الأمريكية والفيلم المثير للغضب. كما بثت لقطات مجمعة لمواطنين أمريكيين يدينون فيلم «براءة الإسلام». وأنفق مبلغ 70 ألف دولار لبث الإعلان الذي يظهر فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وفقا لما ذكرته المتحدثة باسم الخارجية فيكتوريا نولاند.