كتب ـ حذيفة يوسف:
قال أخصائيون إن المعارضة الراديكالية تنتهك اتفاقيات حقوق الطفل وتُحيل الناشئة إلى قنابل موقوتة، لافتين إلى أن زجهم بأعمال العنف يفقدهم صحتهم النفسية وينعكس على سلوكهم وتصرفاتهم اليومية. وقال رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن في تصريح سابق له، إن معظم ممارسي أعمال الشغب والتخريب من الأطفال، ما يثبت أن المعارضة الراديكالية لا تحترم أي بند من حقوق الإنسان، وتحاول بكل الطرق غير المشروعة الحصول على أكبر قدر من المكاسب.
ونقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة صوراً وفيديوهات لأطفال تم نقلهم في سيارات “سكسويل” من مدارسهم إلى دوار مجلس التعاون للمشاركة في تظاهرات غير مرخصة.
وبثت “العربية” صوراً لأطفال دون الـ15 خلال اشتراكهم في أعمال عنف وشغب وتخريب مقابل مبالغ مالية بسيطة، يدفعها ممولو الإرهاب في البحرين، ما يؤكد أن تلك الجماعات تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار بشتى الطرق الممكنة، غير عابئة باتفاقات حقوق الإنسان أو الطفل خلافاً لا دعاءاتها.
ولقي الطفل حسام “16 سنة” في المحرق مصرعه إثر محاولته قتل أحد رجال الشرطة، من خلال رمي زجاجة حارقة عليه، ما استدعى تدخل الشرطي لحماية نفسه من الاعتداء.
اتفاقية حقوق الطفل
وتؤكد اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة عام 1989 في مادتها رقم 36، ضرورة حماية الطفل من سائر أشكال الاستغلال الضارة بأي جانب من جوانب رفاهيته.
وتدعو الاتفاقية بمادتها رقم 19 الدول الأطراف إلى ضرورة اتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، أو المعاملة المنطوية على إهمال وإساءة معاملة.
وتعطي المادة رقم 40 من ذات الاتفاقية الحق بإدانته بجرائم عن طريق القضاء ومحاكمته بعد تقديم المساعدة القانونية والملائمة له، فيما تُشير المادة 29 إلى ضرورة احترام ذوي الطفل وهويته الثقافية ولغته والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه، وإعداده للعيش في مجتمع حر بروح من التفاهم والسلم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والمكونات.
وتبين المادة 31 حق الطفل بالراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب والأنشطة المناسبة لسنه، وليس المشاركة في أعمال عنف وتخريب، إضافة إلى إشارة المادة 32 لأهمية حمايته من الاستغلال الاقتصادي أو أداء أي عمل خطير أو يمثل إعاقة لتعليمه أو صحته أو نموه العقلي والبدني والروحي والمعنوي.
وتُلزم المادة 38 الدول بالتعهد باحترام قواعد القانون الإنساني في النزاعات المسلحة، وعدم إشراك من هم دون الـ15 في الحروب بشكل مباشر أو غيره، وضمان حماية الأطفال ورعايتهم.
تجريم انتهاك حقوق الطفولة
واستنكر حقوقيون ومراكز متخصصة بحقوق الإنسان زج الأطفال في البحرين بعمليات عنف وتخريب، ودفعهم للممارسات العنيفة بمختلف الطرق المادية أو الخطابات الدينية التحريضية، وإثارة الشحن الطائفي والعرقي.
ورفعت المراكز البحرينية منها والإقليمية شكاوى ضد أطراف استغلت الأطفال والطلبة في مسيرات واعتصامات غير مرخصة، أو حثهم لارتكاب أعمال عنف وتخريب أو الزج بالأطفال في مواجهات مع رجال الشرطة والأمن.
وطالبت بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق محرضين سلبوا الأطفال حريتهم، وأخرجوهم من الأجواء التعليمية إلى بيئة عنيفة تتخذ من التخريب منهجاً.
وأكدت أن المعارضة الراديكالية تستغل صور القبض على الأطفال المثيرين للشغب والمتورطين بأعمال عنف، في استعطاف المنظمات الدولية والحقوقية، وادّعاء وجود انتهاكات ضد الطفولة من قبل حكومة البحرين، في فبركة واضحة للأحداث الجارية على أرض الواقع.
استغلال براءة الأطفال
واعتبرت الأخصائية النفسية د.بنة بوزبون، الطلب من أي طفل أداء عمل معين قبل بلوغه سن الرشد أو التكليف انتهاكاً لإرادته الذاتية، كونه يعتبر مسيراً، ولم يكتمل ضميره ووعيه بعد.
وأضافت أن العمر العقلي للطفل يجعل منه غير مدرك للنتائج المترتبة على أي سلوك، ما يعني أن دفعه لتنفيذ أعمال شغب وتخريب هي عملية “اختطافه من ذاتيته”، موضحة أن الطفل لا يرى نهاية الطريق الذي يسلكه، وهو لا يمانع حين يُطلب منه أي عمل جيداً كان أم سيئاً.
وأضافت أن نسبة الأطفال من مثيري أعمال الشغب تصل إلى 99%، باعتبار الراشدين لا يؤدون مثل هذه الأعمال خوفاً على أنفسهم من الأذى أو ما يلحق بهم من ضرر.
ولفتت بوزبون إلى أن ما يحدث في البحرين للأطفال هو “اختطاف نفسي واجتماعي” كونهم في مراحلهم العمرية الصغيرة وفي طور تشكيل الهوية، وحينها يجب توفير الجو النفسي الآمن لهم.
وقالت إن النمو الصحيح والبيئة المناسبة والمجتمع الآمن للطفل هي أعمدة يجب أن تتوفر في حياته، وإلا يحدث خلل في تكوين هويته وشخصيته، ما ينعكس عليه سلباً بعد بلوغه سن الرشد.
القنابل البشرية الموقوتة
وبينت بوزبون أن الأطفال والمراهقين يتميزون بالحماس والاندفاع الشديدين، إضافة إلى طاقة جسدية كبرى ينقصها عقل لتحريكها، ما يشجع تلك الفئة الإرهابية على التدخل وفرض أجندتها ومعتقداتها عليهم، ويؤدي بهم ليكونوا قنابل بشرية موقوتة.
وحمّلت بوزبون المحرضين مسؤولية سلب حياة الأطفال، مشيرة إلى أنها جريمة بحق فئة عمرية صغيرة، تسمع خطباً رنانة محرّضة على أعمال العنف، ما يرفع هرمون “الأدرنالين” لديهم ويجعل حياة الطفل لا قيمة لها.
وقالت إن ضرب الأطفال أو إهانتهم لفظياً من قبل أعضاء الهيئة التعليمية ممنوع بمدارس البحرين ومرفوض من الأهالي، متسائلة “كيف يُسمح إذاً بإخراج الأطفال من جوهم الدراسي ودفعهم لارتكاب أعمال تضر بمصالحهم؟”.
وحذرت بوزبون أولياء الأمور من مغبة دعم أو تشجيع الأطفال للانخراط في مثل هذه الأعمال، كونهم ليسوا “سلعة” وإنما أمانة يجب أن يحافظ عليها لحين بلوغهم سن الرشد.
ولفتت إلى أن الأطفال في مناطق التوتر، يُستغلون لتنفيذ أعمال عنف انعكست في تصرفاتهم وسلوكهم اليومي، وأصبح القتل أو الضرب أسلوب تعاملهم مع الآخرين، وقالت “الطامة الكبرى أن يتحول العنف إلى “لعبة” يستمتعون بها”.
وزادت بوزبون أن المراهقين يتأثرون برفاقهم وبمحيطهم الخارجي أكثر من الداخلي، ما يضعف دور الأهل في تربيتهم، ويزيد من اللائمة على المجتمع المحيط.
وحذرت من أن هؤلاء الأطفال يخسرون صحتهم النفسية والعقلية بعد بلوغ سن الثلاثين، ما يكلفهم الكثير لمحاولة العلاج ولا يكون ذا جدوى في بعض الأحيان.
وقالت إن الطفل عندما يمارس العنف ويندم عليه بعد سن البلوغ يربي أطفاله بأحد طريقتين خاطئتين، الأولى بالحماية الزائدة لهم ما يؤثر على شخصيتهم، أو بإهمال شديد كردة فعل وانتقام لما حدث له في صغره.
ودعت الجهات المعنية لصياغة برامج مناسبة للأطفال المتورطين بأعمال العنف والتخريب، على أن تشمل الأسرة والبيئة المحيطة، كونه يخرج نقياً من دائرة الإصلاح والتأهيل ليعود لذات البيئة العنيفة.
وأضافت أن من يرتكبون أعمال عنف يعانون عادة من تفكك أسري ومشاكل داخلية، ما يجعل منهم ذخيرة حية ضد المجتمع بشكل عام، وأداة سهلة لدى المخربين وأصحاب الأجندات.