كتبت- هدى عبدالحميد:
قال متخصصون في علم النفس والاجتماع، إن:« اختلال الدور الاجتماعي للفرد، وغياب دور الأسرة ورقابتها على الأبناء، وتوفر السيولة المالية لدى الشباب من العوامل الحاسمة التي تقف وراء الإدمان، اضافة إلى الأسباب المؤدية لتعاطي المخدرات، بينها” القلق والاكتئاب النفسي المزمن وفقدان الذاكرة” من أهم الأمراض النفسية المصاحبة للمتعاطي”.
وأكدوا أن” الأحداث التي مرت بها البحرين خلقت أزمة نفسية كبيرة لدى الشباب، وتركتهم في ضياع وهزت مفاهيمهم، ودفعت بعضهم إلى السياسة في الوقت الذي لايملكون فيه وعيأً كافياً ودراية كافية في المجال السياسي، فخلق لديهم احباط قد يلجأ الشباب إلى إدمان المخدرات”.
وأضافوا أن” المفاهيم الخاطئة عن المخدرات، من أنها تزيل الشعور بالقلق والاكتئاب والملل، وتزيد القدرة الجنسية، سبب رئيس أيضا في الانزلاق نحو الادمان، موضحين أن البعض قد يلجأ إلى استخدام المواد المخدرة كشكل من أشكال الهروب من المشكلات أو استخدام خاطئ لبعض الأدوية”.
وشددوا على أن” البحرين، قادرة على حماية شبابها من هذه الآفة الخطيرة لأنها تملك قواعد يمكنها الانطلاق من خلالها كمؤسسات الشباب والرياضة ومؤسسات المجتمع المدني والجهات التوعوية والمؤسسات الحكومية، مشيرة إلى أنه إذا تكاتف الجميع لتحقيق برامج حقيقية ومستدامة على المدى الطويل حسب رؤية واستراتيجية وأهداف محددة، سيكونون قادرين على توعية وحماية الشباب باستيعاب طاقتهم في كل ما هو مفيد”. وقال أستاذ علم النفس بجامعة البحرين د.توفيق عبدالمنعم، إن:« الأسباب التي تدفع الفرد إلى الإدمان والتعاطي للمواد المخدرة، متنوعة، بينها: “ضعف الوازع الديني، وعدم التوعية الأسرية والمجتمعية بهذا الجانب أوضعفها، وعدم التركيز عليها، وجود أصدقاء السوء مع غياب الرقابة الأسرية، وعدم اهتمام الأسرة بمعرفة ممارسات الأبناء خارج المنزل، نتيجة لانشغال الأسرة، توفر المال مع الأبناء مع وقت الفراغ وعدم توظيفه بالصورة المناسبة، فضلا عن وجود معتقدات خاطئة بأن المخدرات تزيل الشعور بالقلق والاكتئاب والملل، وتزيد في القدرة الجنسية. كما قد يلجأ البعض إلى استخدام المواد المخدرة كشكل من أشكال الهروب من المشكلات. وإهمال الرعاية الأسرية للجوانب التربوية، وعدم الاهتمام بالمشاكل النفسية للأبناء، كما أن كثرة المشاكل الأسرية من الممكن أن يسهل انحراف الأبناء، إضافة إلى دافع حب الاستطلاع والفضول لدى بعض الأفراد في تجربة أشياء غير مألوفة دون معرفة آثارها وتأثيراتها الجسمية والنفسية. وأشار إلى أن البعض الآخر قد يلجأ إلى استخدام المواد المخدرة للعلاج استخداماً سيئاً لا يتبع فيه إرشادات الطبيب مما يسبب له الإدمان.
الأضرار النفسية
وأوضح أن الأضرار النفسية للتعاطي، على المدى البعيد، قد تظهر بعض المشكلات النفسية، بينها القلق والاكتئاب النفسي المزمن وفقدان الذاكرة، كما قد يحدث تعاطي المخدرات اضطراباً في الإدراك الحسي العام، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بحواس السمع والبصر وتخريف عام في المدركات، اضافة إلى الخلل في إدراك الزمن بالاتجاه نحو البطء واختلال إدراك المسافات. كما قد يؤدي تعاطي المخدرات إلى اختلال في التفكير العام، إذ تظهر بعض التصرفات الغريبة، إضافة إلى الهذيان والهلوسة.
اضافة إلي التقلبات الوجدانية والانفعالية يحدث تعاطي المخدرات اضطراب في الوجدان، حيث ينقلب المتعاطي عن حالة المرح والنشوة والشعور بالرضا والراحة”بعد تعاطي المخدر”، ويتبع هذا ضعف في المستوى الذهني ولكن سرعان ما يتغير الشعور بالسعادة والنشوة إلى ندم وواقع مؤلم وفتور وإرهاق مصحوب بخمول واكتئاب.
وأضاف أن” تعاطي المخدرات، قد يتسبب في حدوث العصبية الزائدة والحساسية الشديدة والتوتر الانفعالي الدائم والذي ينتج عنه بالضرورة ضعف القدرة على التواؤم والتكيف الاجتماعي”.
اختلال الدور الاجتماعي
من جانبها قالت رئيسة جمعية الاجتماعيين البحرينية هدى المحمود، إن:« اختلال الدور الاجتماعي للفرد أو حرمانه من أن يقوم به هو من العوامل الحاسمة التي تقف وراء الإدمان، إضافة إلى الوفرة المادية التي يعيشها المراهق مع ضعف الرقابة الأسرية والاجتماعية والتفكك الأسري وعدم القدرة على التكيف مع المشكلات المحيطة بالشخص من أهم الأسباب المؤدية لتعاطي المخدرات”.
وأكدت المحمود، سهولة الحصول على المخدرات نتيجة وقوع البحرين في موقع متوسط بين الدول التي تصدر المخدرات، وبين الدول التي تستقبل المخدرات مع وفرة المال لدى الشباب أدت إلى الحصول عليها بسهولة، اضافة إلى أن القوانين في البحرين في السابق كانت قوانين رخوة وليست مثل القوانين الآن، مشيرة إلى دراسة قامت بها منذ عدة سنوات توصلت خلالها إلى أن نسبة المتعاطين من الشباب الذين يمثلون 60% من المجتمع، وصلت إلى 1% وهذه النسبة اذهلت القائمين على البحث، مما لا يدع مجال للشك أن هذه النسبة تزايدت الآن وذلك يدق ناقوس الخطر في أذهان جميع المؤسسات الرسمية والأهلية.
وأضافت المحمود، أن” القضية مجتمعية وتحتاج إلى تضافر كافة الجهود مشيرة إلى أن الشباب هم أمل المستقبل والعنصر المنتج ويجب أن يوجه له الاهتمام لانهم عماد التنمية ومع دخول الشاب في هذا المنعطف الخطير يكون قضى على نفسه وأسرته ومجتمعه خصوصاً أن ما نسبته 10% من المتعاطين للمواد المخدرة قادرون على الشفاء أما الباقيون فمنهم من يعاود الطريق ومنهم من تودي المخدرات بحياته”.
برامج عملية لمشاكل الشباب
وأشارت إلى أن” الشباب في حاجة إلى برامج عملية ومستمرة تنظر إلى مشاكل الشباب وإلى اهتماماتهم وجعل الشباب انفسهم اداة فعالة في القضاء على هذه الآفة الخطيرة ولذلك يجب أن يتم دعم وتوجيه وتعزيز نشاط الجمعيات الشبابية لان الشباب هم الاقدر على حل مشكلاتهم.
أضافت: للأسف المؤسسات القائمة غير قادرة على تلمس مشكلات الشباب ومعاناتهم على المستوى النفسي أو المادي أو الاجتماعي فهي مؤسسات قاصر في إمكانياتها وطاقتها البشرية اما المؤسسات الرسمية تتناول الموضوع بشكل رسمي كواجب وبرامجها سطحية مؤكدة أن البرامج الوعظية ليس لها مردود جيد لدى الشباب ولا يتفاعلون معها”.
وأكدت أن” الأحداث التي مرت بها البحرين خلقت أزمة نفسية كبيرة لدى الشباب، موضحة أن الأزمة لها توابعها فمازال بعض الشباب يعانون الانعزال والخوف المرضي ذلك أن الأزمة المجتمعية أثرت بشكل كبير عليهم وتركتهم في ضياع وهزت مفاهيمهم ومع الأسف لم نجد برامج جيدة تحتويهم وتسهم في حل مشاكلهم اضافة إلى انها دفعت بعضهم إلى السياسة في الوقت الذي لايملكون فيه وعي كافي ودراية كافية في المجال السياسي فخلق لديهم احباط وهذا يدق ناقوس الخطر للحلول التي قد يلجأ إليها هؤلاء الشباب والذي قد يكون أحدها إدمان المخدرات”.
الإحباط والتجربة السيئة
وأوضحت أن” الشعور بالاحباط والتجربة السيئة التي يمر بها الشخص تؤدي به إلى عدم وجود أي ثوابت يمكن الاعتماد عليها مما يجعل الخوف والملل والقلق يطغى عليه ويمنعه من تأكيد ذاته وتحقيق آماله فيختبأ في اللاشعور الذي تهيؤه له المخدرات لهذا يبحث عن ثغرة توصله بسهولة إلى التنفيس عن نفسه في عالم الخيال التي تمنحه إياها تلك المخدرات والذي عجز عن تحقيقه في عالم الواقع”.
وأكدت المحمود، أن” البحرين قادرة على حماية شبابها من هذه الآفة الخطيرة لأنها تملك قواعد يمكنها الانطلاق من خلالها كمؤسسات الشباب والرياضة ومؤسسات المجتمع المدني والجهات التوعوية والمؤسسات الحكومية، وإذ تكاتف الجميع لتحقيق برامج حقيقية ومستدامة على المدى الطويل حسب رؤية واستراتيجية وأهداف محددة سيكونون قادرين على توعية وحماية الشباب باستيعاب طاقتهم في كل ما هو مفيد”.