حاوره أحمد عبدالله:
كشف رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب علي الدرازي عن وصول المنحة السعودية من أموال “المارشال الخليجي” إلى البحرين قريباً، وأن إجراءاتها وصلت إلى مراحل متقدمة، داعياً إلى رصد ميزانيات مجزية للمشاريع الموازية لمشاريع الإسكان، وضرورة تخصيص ما يعادل 25% من المنحة الخليجية على الأقل لتسديد جزء من الدين العام للدولة والذي قارب 4 مليارات دولار.
وأبدى علي الدرازي، في حوار مع “الوطن”، تفاؤله للوضع الاقتصادي بالمملكة خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أنه سيكون هناك فائض في الميزانية. مطالباً بضرورة العناية بالتوازن في السوق من أجل إنعاش القطاع الخاص مجدداً.
وقال إن وزارة الإسكان لا تملك استيراتيجية واضحة لحل المشكلة الإسكانية، ورغم أنها أعلنت عن إنشاء 50 وحدة سكنية خلال أعوام قليلة، إلا أنه ليس لديها خطة لتأمين مواد البناء لها.
من ناحية أخرى شدد الدرازي على ضرورة الالتزام بقانون المظاهرات والمسيرات البحريني، داعياً إلى احترام السلطة التنفيذية في تحديد الزمان والمكان المناسبين للتظاهر والانصياع لها.
كما بيّن أن الخروج في التظاهرات غير المرخصة يعد انتهاكاً للقانون الذي يجب أن يكون وحده الفيصل في جميع التصرفات. ودعا الدرازي أتباع القيادات الدينية والسياسية إلى إدراك أن المسؤولية تقع عليهم وحدهم وألا ينصاعوا لأي أوامر خاطئة.
إصدار قانون للعمران
وكشف علي الدرازي عن أن النواب سيدفعون باتجاه إصدار قانون للعمران متكامل، يتضمن معايير البناء والوحدة التخطيطية والإنشائية. كما سيقوم مجلس النواب خلال الدور المقبل بمراجعة وتطوير قانون البلديات والمجالس البلدية، غير الملائم على حد قوله.
وأكد أن ميزانية الإسكان المقبلة ستكون الأكبر في تاريخ البحرين بعد إضافة الجزء المخصص لها من المنحة الخليجية إلى المبالغ المخصصة من ميزانية الدولة”.
وبخصوص المبالغ المخصصة للمشاريع الإسكانية بالموازنة العامة للدولة لسنتي 2013–2014، أشار إلى أن وزير المالية رفض التحدث للنواب عن تفاصيل الميزانية قبل إقرارها من قبل مجلس الوزراء، لترفع بعد ذلك إلى مجلس النواب.
وأوضح الدرازي أن “المشاريع الإسكانية لن تعتمد على المنحة الخليجية وحدها وسوف تخصص لها مبالغ من الميزانية العامة للدولة”.
ودعا الدرازي الحكومة إلى التركيز على المشاريع الموازية لمشاريع الإسكان من خدمات كهرباء وماء ومجاري وشوارع وغيرها من البنى التحتية الضرورية، ورصد ميزانيات مجزية لهذه المشاريع الموازية.
وحثّ على ضرورة أن ينصب موضوع الدعم الخليجي على المشاريع الخدمية ومشاريع البنى التحتية، للتخفيف على كاهل الميزانية. داعياً إلى تحويل المبالغ التي كانت تخصص لتلك المشاريع في السابق إلى دفعات في سلة الدين العام.
ودعا إلى تقليل حجم بنود المدفوعات خلال الميزانية العامة للدولة لسنتي 2013-2014، ويحول مقابلها إلى الدفع من الدين العام.
تقليل حجم الدين العام
وأشار إلى أن موضوع الدين العام أصبح ملحاً وارتفاعه إلى قريب من 4 مليارات يشكل خطراً كبيراً ويؤثر على الأجيال المستقبلية.
وأبدى تفاؤله للوضع الاقتصادي بالمملكة خلال الفترة المقبلة، متوقعاً أن منحة التنمية الخليجية ستسهم في تحسن الوضع بالمملكة بشكل عام خصوصاً في 2013، قائلاً: يمكن أن نجزم بأنه لن يكون هناك عجز في الميزانية، بل على العكس من ذلك سيكون هناك فائض في الميزانية يوجه إلى التقليل من الدين العام إلى نسب منخفضة جداً، لكون المنحة الخليجية (10 مليارات دولار) تزيد على مبلغ الدين العام برمته، معتبراً أن عدم التخطيط على هذا النحو سيؤدي إلى تأثر الميزانيات القادمة ونترك للأجيال القادمة تركة يثقل عليهم حملها.
وحذر من أن عدم الاهتمام الكافي بالقطاع الخاص، والعناية بالتوازن في السوق لإنعاش القطاع الخاص مجدداً، قد يؤدي إلى تراجع الاقتصاد المحلي خلافاً للتوقعات.
ودعا إلى تخصيص ما يعادل 25% من المنحة الخليجية على الأقل للتقليل من حجم الدين العام الذي أصبح يتصاعد بشكل كبير.
وأكدا حصول تقدم في إجراءات الدفعة السعودية من أموال المارشال الخليجي، مؤكداً أنها ستصل البحرين قريباً، من دون أن يذكر السقف الزمني بشكل محدد لوصول التمويلات إلى البحرين.
وبين أن النقاش مايزال جارياً مع بقية الدول الخليجية الأربع الأخرى حول المشاريع التي سيملونها وطريقة الدفع.
وقال الدرازي إن مخصصات المشاريع الإسكانية من المنحة الكويتية من برنامج التنمية الخليجي تصل إلى 380 مليون دينار.
وفي سياق متصل نوه إلى استفادة البحرين من التكامل الخليجي بالدعم الذي قدمته إليها الدول الشقيقة في مجلس التعاون.
وأشار إلى أن ما بين 85%-89% من الميزانية العامة للدولة يتم تغطيته من الناتج المحلي عن طريق مبيعات النفط، موضحاً أن هذا الجانب من الميزانية لن يتأثر بالوضع الاقتصادي الداخلي لأن أسعاره مربوطة بمعطيات عالمية.
وبين الدرازي أن الوضع الاقتصادي في البلد تردى بشكل مخيف في 2011 وواصل التردي في 2012 بسبب عدم وجود دوافع ذاتية له، ما أدى إلى إفلاس الكثير من الشركات وتسريح العمالة. كما توقفت الإنشاءات في العديد من المؤسسات الخاصة بسب تصل إلى 80% بسبب تراجع أسعار العقار.
ورأى أن العوامل السياسية لها تأثيرها بشكل كبير على الوضع الاقتصادي قائلاً: “إذا لم يوجد استقرار سياسي وهدوء في الشارع فلن ينهض الاقتصاد بالمملكة”.
كما طالب الدرازي بتحسين الوضع الاقتصادي لجميع المواطنين حتى لا يتم استغلالهم في زعزعة الأوضاع بالمملكة. مشيراً إلى أنه ينبغي الانتباه إلى المناطق التي تعتبر في البحرين غير مهيئة بمقومات البنى التحتية، هي مناطق راقية بمعايير دول أخرى.
خلاف الأفكار عامل قوة
ومن جهة أخرى، شدد الدرازي على أن جميع البحرينيين يحبون وطنهم ويؤمنون بضرورة خدمته والسعي لمصلحته والنهوض به.
وأضاف أن طبيعة تشكل المجتمع البحريني من فسيفساء مختلفة يحتم على كل مكون تقبل الطرف الآخر، كما إن الخلاف في الرؤى والأفكار يجب أن يكون عامل قوة وبناء وليس عامل هدم.
ولفت إلى أن بعض الدول التي توجد بها تكوينات اجتماعية مختلفة استطاعت أن تقلب إلى عامل تنمية وبناء وتوحد وليس العكس، ما أدى في النهاية إلى نهضتها وتشبهها بالمعيار الجامع الذي يتفق عليه الكل وهو معيار المواطنة.
وحذر الدرازي من اقتفاء النموذج العراقي الحالي في الطائفية بعد ما أمضت العراق آلاف السنين وجميع طوائفها متعايشة ومتسالمة.
وقال إن البعض في البحرين يبحث عن إحياء خلافات دينية ومذهبية ليست موجودة أصلاً رغم أن جميع البحرينيين أمة واحدة.
ودعا جميع الأتباع إلى أن يدركوا أن الحساب والمسؤولية يتجهان إليهم وحدهم دون القادة الذين يرسلون التوجيهات التي قد تكون خاطئة.
واعتبر أن القائمين على مشاريع الوحدة الوطنية لا يعملون بشكل صحيح سواء في الجانب الرسمي المتمثل في وزارة التنمية الاجتماعية أو في الجانب الآخر.
وبخصوص المظاهرات في المناطق التجارية وإضرارها بالاقتصاد الوطني، شدد الدرازي على ضرورة الالتزام بقانون المظاهرات والمسيرات البحريني، والذي يكفل حق التظاهر السلمي”. مضيفاً أن الطريق الوحيد هو تقديم طلبات الترخيص للمظاهرات ويترك الأمر لتقدير السلطة التنفيذية فيما إذا كان الزمان والمكان مناسبين للتظاهر فترخص للمظاهرة، وإن رأت السلطة التنفيذية أن المظاهرات لا تناسب فيلزم الانصياع لقراراتها، وتصبح المظاهرات في هذه الحالة خروجاً على القانون”.
وأشار إلى قانون التظاهر في البحرين من القوانين المتطورة والمتحضرة، مبدياً مخالفته للرأي الداعي إلى تخصيص مناطق للتظاهر لكون ذلك يعد تراجعاً في مجال الديمقراطية والحريات.
تسوية الشركات الأجنبية بالبحرينية
من ناحية أخرى انتقد الدرازي “الانفتاح الزائد” في القوانين المنظمة للاستثمار الأجنبي في البحرين. وطالب بأن يتم تسوية الشركات الأجنبية بالشركات البحرينية على الأقل، وألا تعطى للأجنبي ميزات وتسهيلات تفضيلية على المواطن. وقال إن القوانين الاستثمارية بالبحرين، نتيجة لانفتاحها الزائد وهشاشتها لا تحول دون دخول الشركات الوهمية إلى المملكة وقيامها بتهريب الأموال إلى الخارج.
وقال إن البحرين تعاني من مشكلة كبيرة في التخطيط بشكل عام والتخطيط العمراني على نحو خاص، داعياً إلى العناية بالتخطيط؛ إما بإنشاء وزارة كاملة له كما هي الحال في دول أخرى أو بإسناد موضوعه إلى مؤسسة وطنية كبرى.
وبين أنه لا يوجد قانون للعمران في البلد، وأن النواب سيدفعون باتجاه إصدار قانون للعمران متكامل، يتضمن معايير البناء والوحدة التخطيطية والإنشائية، مع أنه يحتاج مزيداً من الدراسة.
وبين أن النواب قاموا بعدة خطوات في هذا الاتجاه واطلعوا على وجهة نظر وزارة البلديات القائمة الآن على التخطيط. وانتقد أن تكون وزارة شؤون البلديات هي المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ في نفس الوقت.
وفيما يتعلق بحل المشكلة الإسكانية في البلد والجهود التي تبذلها وزارة الإسكان قال الدرازي: إن وزارة الإسكان رغم أنها تعمل على إنشاء أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية في السنة أي ما مجموعه أكثر من خمسين ألف وحدة سكنية خلال 5 سنوات، إلا أنها لم تعدل المواد اللازمة لذلك وليس لديها حتى الآن خطة واضحة لتأمين ما يكفي من مواد البناء؛ من الرمال الإسمنت وغيرها من المواد اللازمة.
ومن جانب آخر اعتبر الدرازي أن هيئة تنظيم سوق العمل ساعدت كثيراً على ضبط موضوع العمالة الوافدة وقللت من التلاعب في شأنها، مشيراً إلى أن المجال لايزال يحتاج إصدار تشريعات تضبطه بشكل أكبر لسد الطريق على المتلاعبين في هذا المجال، ومن أجل إعطاء صلاحيات أكبر لمسؤولي الهيئة وإعطاء مفتشيها صفة الضبطية القضائية حتى يستطيعوا مخالفة المخالفين للقانون بشكل مباشر.
وقال الدرازي: إن مراجعة وتطوير قانون البلديات والمجالس البلدية، سيكون أولويته خلال الدور المقبل، معتبراً أن عدم ملاءمة هذا القانون أدت إلى تداخل عمل النواب مع الأعضاء البلديين، ما جعل النواب ينهمكون لوقت طويل في قضايا خدمية لا تدخل ضمن اختصاصهم.
ورأى أن القانون الحالي يكبّل الأعضاء البلديين بشكل كبير ويحد من تصرفهم ويكرس تبعيتهم لجهة تنفيذية غير منتخبة، وهو ما يراه خطأ.
من ناحية أخرى أشار الدرازي إلى أن اللجنة المالية بمجلس النواب أنجزت كل المشاريع والموضوعات التي أحيلت إليها في الدور الماضي، ولم يتبق لديها إلا مواضيع بسيطة لا تستدعي الاجتماع.