كتب - حسن خالد:
بكافة المنظومات في العالم، تكون قد بنيت على نحو متماسك ومتزن، فأي خيط ينفض منها فإنها تنهار على الفور، وما نعاصره لعله أكثر الأدلة وأبرزها إلهاماً لنا وإثباتاً بأننا في منظومة مبعثرة يملؤها العبث وسوء التنظيم.
فأهم خصال هذه المنظومات المميزة المتماسة هي الخطة والتطبيق، أو كما نقول بالخطة السليمة والتطبيق السليم، بحيث تكون الخطة قد بنيت اقتباساً من طاقة الموارد البشرية، أي لا خطة تبنى من دون النظر لمواردها البشرية وبمختلف أجناس عملهم الرياضي في أي من المؤسسات أيضاً، فلا يمكننا أن نطبق خطة اليابان في مجال كرة القدم لأن تراكماتنا من الطاقة والثقافة العلمية والعملية ليست متطابقة من مواردنا كما هي متطابقة معهم، كما إن اليابان لا تستطيع تتبع خطة الألمان في مشروعهم الكروي، لأن كما ذكرنا بأن الموارد والطاقات الألمانية غير متناسبة تماماً مع اليابانيين، وهذا ما نجحت به الإمارات عندما صنعت منظومة متكاملة المعالم في منتخبها الأولمبي طبقاً لما تملكه من طاقات بشرية وخبرات وثقافة إماراتية عربية، وتمكنت من خلق قاعدة مميزة أولاً لهؤلاء العناصر المستهدفين وهم لاعبو المنتخب الأولمبي، وهذا ما أتكلم عنه بالمرحلة الأولى من صنع تلك المنظومة، بوجود تخطيط ينظر إلى كل زوايا الوسط الرياضي، ويقام على حسب تلك التراكمات والعناصر الموجودة، من ثقافة رياضية، من كفاءات، جهود، خبرات علمية وعملية.
والمرحلة الثانية هي لا تقل أهمية عن الأولى، فتطبيق التخطيط قد تكون العملية الأصعب، لأن الأفكار تنهمر على الإنسان بكل أريحية وسهولة من دون وجود ما يعيق قدومها، ولكن في حال التنفيذ فإن هناك ما يوجد من معوقات، فوجود الميزانية العادلة أولاً، المصداقية والمهنية في تنفيذ كل ما هو موجود في ذلك المخطط، والأهم هو إكمال نصاب ذلك المشروع بالكامل، بحيث حتى لو بدأ الوقت، نكون قد ملكنا كل تلك العملية الإنتاجية، ولكن كما حدث الآن في دورينا، فإن مشروع الدوري كان يسري في مساره السليم من أوقات وتنسيق وإعداد من طرف الأندية، ولكن احتواء تلك العملية للإخلال في جانب الأرضية الكارثية التي شاهدها كل طيف الشارع الرياضي، وهذا ما أقصده بالخلل المنظوماتي في هيكلة المنظومة، وهذا ما كسر المنظومة ليعيدها من الأول الآن، إلى أول المشوار وبدايته، وإلى الآن لا يعلم أحد سبب تلك المشكلة في ظل توافر الوقت الطويل لأي من المؤسستين اللتين تقوم بعملية الرئاسة على دورينا المحلي، من تنظيم معلوماتي وعملي وتطبيقي، ويقع السؤال كل السؤال، هل فكروا بما يمكن أن يحدث جراء قرار بدء الدوري على أرضية تصطاد اللاعبين وتفتعل فيهم الإصابات خصوصاً بأننا مقبلون على بطولة في غاية الأهمية “كأس الخليج”، وما حدث لعله خير دليل على البعثرة والعبث في تلك المنظومة التي لربما لا تستحق أن تسمى بالمنظومة، لأن مصطلح هذه الكلمة لا يستحقه سوى من يدير عملية التخطيط بكل تفان ومن يدير عملية الإنتاج بجرأة وبكل مهنية حسب ما وضع عليه من مكانة ونصب.
لم تتكون أي من المنظومات العالمية يوماً على أخطاء، ولم تتكون النجاحات بأي من الأزمنة على العبث في الطرح والعشوائية العمليّة، بل كما ذكرت يجب على كل من أراد أن يثبت صحة تلك المنظومة وأحقيتها بالطرح، فعليه أن يستجيب ويخدم كل ما تزوده أفكاره من اقتراحات وخطط، وهكذا هي العملية تزويدية من طرف لآخر، ولكن أين المستفيد في منظومتنا؟!