لا يخفى على محبي ومتابعي تشيلسي الإنجليزي التغييرات الكبيرة التي بدأت تظهر على استراتيجية النادي اللندني في إبرام تعاقداته وبالتحديد منذ عام 2010، والتي تعتمد على تكوين فريق شاب وأكثر حيوية يمنح تشيلسي فرصة المنافسة على المدى الطويل، بعدما وصل الفريق في أوقات ماضية إلى معدل أعمار مرتفع جداً حد كثيراً من إمكانية تطوره بشهادة كبار المدربين من بينهم السير أليكس فيرجسون.
الاستراتجية العامة في التعاقدات تسير وفق رؤية عدة مستشارين لمالك النادي الروسي رومان أبراموفيتش والتي لا تعتمد بالضرورة على رأي المدرب، هذه الرؤية الذكية في التعاقدات الشابة بالتحديد في أكاديمية النادي قادها الدنماركي فرانك أرسنين الذي غادر تشيلسي بعدما ساهم في تكوين أكاديمية قوية ستضيف للنادي الكثير في السنوات المقبلة، والآن يكملها النيجيري مايكل إيمينالو رئيس الكشافين والمستشار الفني المقرب للمالك الروسي، حيث نرى العديد من التعاقدات التي تمت دون الرجوع لمدرب الفريق حينها مثل التعاقد معالبلجيكيينروميلو لوكاكو -المنتقل على سبيل الإعارة لويست بروميتش- وكيفن دي بروين، والأسباني سيزار أزبيليكويتا، كذلك الاستغناء عن أسماء كبيرة بعيداً عن مشورة المدرب مثل السماح للألماني مايكل بالاك بالرحيل وكذلك الإنجليزي جوكول وغيرهم الكثير.
الآن فقط يمكن أن نقول بإن إدارة تشيلسي تسير على الطريق الصحيح، وقد استفادت من أخطاء الماضي وبدأت تعد لفريق شاب، أكثر حيوية وسرعة وتعطشاً للألقاب وهذا لاحظه الجميع في (ميركاتو) الفريق الصيف الماضي حيث كان أكبر لاعب تم انتدابه هو الألماني ماركو مارين والذي لم يتجاوز الـ23 عاماً فقط!!
بهذه التعاقدات الجديدة بدأ تشيلسي الانطلاق الفعلي لأسلوب لعبه ليكون فريقاً (هجومياً) أكثر متعة، فريقا يستحوذ على الكرة ويفرض سيطرته بتواجد عدة لاعبين مهاريين يسيرون اللعب ويتحكمون في إيقاع المباراة بمهارتهم الفطرية التي كان يفتقدها أزرق لندن في السنوات الماضية.
من شاهد لقاء تشيلسي وستوك سيتي الأخير والمثلث الهجومي المكون من (ماتا – هازارد – أوسكار) يدرك تماماً أي أسلوب لعب جديد مقبل عليه الفريق، حيث شاهدنا لعب كرات على الأرض أكثر، سلاسة ومرونة في تبادل الأدوار بين هذا الثلاثي الذي يلعب سوياً لأول مرة في التشكيل الأساسي، ومع مرور المباريات سيخلق تكرار مشاركتهم الانسجام المفقود نوعاً ما لتكون قوة ضاربة للفريق لا ينقصها إلا مهاجم يترجم مجهوداتهم إلى أهداف.
لكن على جماهير تشيلسي أن تعي بأن انتقال الفريق من الأسلوب الدفاعي و(الرتم) البطيء الذي يعتمد على الصلابة الدفاعية والقوة البدنية بالإضافة للنجاعة أمام المرمى بالتسجيل من أقل الفرص المتاحة إلى الأسلوب الهجومي، بالكرة السريعة واستخدام مهارات اللاعبين باستغلال المساحات وفرض الأسلوب يحتاج إلى وقت طويل ولا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها، فالتحول لمثل هذا الأسلوب ليس بالأمر الهين، فهو بحاجة لغرس فلسفة فريق تبقى ثابتة مهما تعاقب المدربين واختلفوا ولعل أهم العوامل التي تساعد على ذلك:
- الاستقرار الفني لسنتين على الأقل حتى يُزرع هذا الأسلوب في لاعبي الفريق، بعدها يسهل السير عليه مع أي مدرب قادم للفريق.
-استمرار ذات الخيارات والمواصفات الفنية في تعاقدات الفريق خاصة من ناحية مهارة اللاعب والسن.
-الصبر لما لا يقل عن ثلاثة مواسم حتى يكون الفريق متقنا للكرة الهجومية الشاملة من ناحية الاعتياد على هذا الأسلوب وإكمال النواقص التي يعاني منها الفريق حاليا في بعض المراكز والتي تحد من نجاح الأسلوب.
هذه العوامل الثلاث إن عمل عليها تشيلسي سوف يصل لهدفه وهدف مالك النادي في رؤية كرة قدم ممتعة، تجمع بين المستوى والنتائج.. هذا لا يعني بأن تشيلسي سيكون مثل برشلونة، لأن هذا يحتاج لبناء سنوات عديدة ولكنه سيصبح أكثر توازنا ويمنحه خيارات وخصائص فنية مختلفة تصل به لمرحلة التكامل الفني.. وهذا لن يحدث إلا بتواصل دعم الإدارة أولاً والصبر على الفريق ثانياً بعدم استعجال نجاحات الفريق.