كتب - مازن النسور:القلب النابض وشريان التسوق والاقتصاد عندما بدأ.. رغم السنين وهجران الأهل ورحيل الخلان تبقى سوق المنامة القديمة تضج بالحياة وتزخر بالمشترين، ويزورها تجارها “الأقحاح” بين الفينة والأخرى.سوق متنوعة باتت محجاً للباحثين عن الأصالة والتراث والحياة الطبيعية البعيدة عن التكاليف، يجد بها المستهلك والمسافر ضالته، في وقت تتربع على جوانب أزقتها الضيقة المحلات التجارية التي بنى أصحابها اقتصاد البحرين من غابر الزمان.محلات متعددة الأشكال والأنواع.. وكالات تجارية.. مقاه.. تحف.. نثريات.. باعة متجولون.. صرافون عملة.. سوق سوداء.. وجوه من كل صنف ولون.. سوق متعددة تكاد أن تعتبر ملتقى عالمياً.والأسواق في البحرين محطة صنعت وجه المملكة، حيث برز دورها منذ القدم إذ كانت -إضافة إلى كونها مكاناً تمارس عملها الطبيعي في عمليات البيع والشراءـ بمثابة ‘’ملتقى’’ للجميع من تجار وأدباء ومشايخ ومن علية القوم وعوامهم، فكانت مكاناً للتشاور والفصل في القضايا، ومنتديات اجتماعية وسياسية يومية.يقول التاجر محمد البطاح “مع مرور الزمن باتت السوق مكاناً يقتصر على البيع والشراء، فقد هجرها غالبية كبار التجار واستبدلوها بالمجمعات الراقية الحديثة.. اعتبروها تفتقر لمقومات هامة كالتكييف ومواقف السيارات واتساع المكان والواجهات الكبيرة الجذابة، بل إن بعضهم يعتقد أن المشترين هجروها أيضاً، إلا أن الواقع عكس ذلك تماماً، فالمتتبع لها يظهر له جلياً كيف هي عامرة”.وتابع “يستنكر كثيرون هذه المظاهر بالقول إنها باتت للآسيويين أو يشتكي تجار بأن باعة (الفرشات) ينافسوهم على رزقهم.. لكنها حال الأسواق الشعبية القديمة في أنحاء العالم فهي جامعة، ضيقة، تتسع لأرجل الجميع”.من جهته يؤكد العامل في محل بيع الذهب حسين عبدالوهاب أن “السوق مازالت تنبض بالحياة، زحام، وتجارة رابحة، وزبائن من كل صوب، (...) الزحام والعفسة مصدر رزقنا”.عجوز يفترش الأرض بحلي وسبح رجالية وخواتم يؤكد أنه مع تغير الشكل والأزقة والشورع، فهو يبارح مكانه منذ سنوات طوال.. وزاد “السوق القديمة هي الأصل وزبائنها لا ينقطعون”. وتابع “تجار البحرين بدأوا من هنا، وعلى رغم بعدهم إلا أنهم يعودون للاطمئنان بين الفينة والأخرى، فمازالت محلاتهم القديمة على وضعها”.وتنفذ وزارة شؤون البلديات والزراعة بالتنسيق مع غرفة صناعة وتجارة البحرين مشروعاً تطويرياً للسوق القديمة، يضمن احتفاظها بمزاياها مع إدخال المرافق الخدمية وتحسين المباني والشوارع، كما تقوم وزارة الثقافة هي الأخرى بمشروعاتها ذات الطابع التراثي.إلى ذلك يقول محمد حميد إنه يفضل شراء احتياجاته من السوق القديمة، فهو يحصل على أسعار أقل، فضلاً عن المتعة التي يقضيها أثناء تنقله في الزحام والأزقة، لا سيما إذا كان الجو بارداً بعض الشيء. ويضيف “هنا يمكن لك أن تجد ما تريد، فضلاً عن التنوع في الخيارات”. حال لسان من يحب التراث يتساءل.. هل تحافظ البحرين على قبلها النابض، أم تتركه مرتعاً للعمالة كما يعتقد البعض؟؟