كتـب - وليـد صبـري:
أكد محللون أن “التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والتي حذر فيها من خطورة التحديات الطائفية التي تواجهها المنطقة الآن، تعبر عن ازدواجية وتناقض واضح ما بين ما يقوله المالكي وسلوكه السياسي على الأرض”، موضحين أن “المالكي أكبر من ينفخ في كير الطائفية المقيتة، والتي أدت إلى تأجيج التوتر بين السُنة والشيعة ليس في العراق فحسب ولكن في المنطقة كلها”.
وأشاروا إلى أنه “في الوقت الذي يخشى فيه المالكي من الطائفية، يتعمد تهميش وإقصاء المكونات السياسية في العراق، خاصة قادتها السُنة، من خلال محاولاته إبعادهم عن دائرة صنع القرار واستفراد المالكي ودولته “ائتلاف دولة القانون” به.
ورأى المحللون أن “المالكي يخطب ود الشيعة في المنطقة من خلال مطاردته لنائب الرئيس العراقي السُني طارق الهاشمي، وكانت آخر تلك المحاولات صدور حكم غيابي بإعدامه، اضافة الى دعم المالكي المطلق لنظام الرئيس السوري بشار الاسد في ابادة المدنيين من خلال نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا عبر الأجواء العراقية. وقال المالكي في كلمة ألقاها أمام المؤتمر السنوي للمرشدين والمرشدات الذي أقامته هيئة الحج والعمرة في محافظة النجف إن “المنطقة تمر بموجة خطيرة من التحديات جذورها طائفية، وهناك أموال طائلة من السحت تصرف لأهداف طائفية فقط لإبقاء النار مشتعلة لينجو الطغاة منها ويبقوا في السلطة”، فيما شدد على أن “التصدي لهذه المحاولات هي مسؤولية جميع المسلمين وليس طائفة دون أخرى”.
وعلق الكاتب والمحلل طارق الحميد على تصريحات المالكي بقوله “رئيس الوزراء العراقي يحذر من الطائفية في المنطقة في الوقت الذي يعتبر نظامه أسوأ أشكال الطائفية، وأحد أبرز مؤججيها وبالتعاون مع إيران، فعراق ما بعد صدام حسين مثل الشرارة البغيضة في إشعال جذوة الطائفية السياسية في منطقتنا من جديد، فالنظام العراقي الحالي، ومعه “حزب الله” في لبنان، وبشار الأسد في سوريا، وبرعاية إيرانية، هم من أعادوا إشعال الطائفية السياسية في المنطقة بشكل خطير”. وخلص الحميد إلى أن “الطائفية علة مزمنة بالمنطقة لكنها لم تكن بهذا السوء الذي يعصف بكل منطقتنا”، موضحاً أن “المالكي مستمر بقمع قرابة نصف المجتمع العراقي، لأسباب طائفية”.
في سياق متصل، أرجع الكاتب والمحلل عبدالرحمن الراشد سبب عودة قوات الأسد إلى الوقوف على قدميها بعد أن فقدت سيطرتها على معظم الأراضي السورية، وبعد أن دخل الثوار العاصمة دمشق، إلى العراق الذي لعب دور الممول المالي والنفطي والمعبر البري، ولعب دور “الحبل السري” لنظام الأسد.
وقـال الراشــد “بعــد أن تمكن الثــــوار الســـــوريـــــون مــن إغلاق المنفذ الحدودي في مدينة البوكمال مع العراق بعد استيلائهم عليه، وقطعوا الحبل السري وتوقف طابور الشاحنات، قام المالكي بفتح العراق أجواءه للطائرات الإيرانية، فأقامت إيران بالتعاون مع المالكي أسطولاً جوياً أعاد الحياة لقوات الأسد”، مضيفاً أن “العراق يلعب دوراً مهماً في الحرب ضد الشعب السوري، وهذا ما تؤكده المعلومات التفصيلية المدعومة برصد الاتصالات العراقية مع الطــــــــــائــــــرات العابرة، والمدعومة بمعلومات عن الاتفاقيات الثلاثية بين إيران وسوريا والعراق”.
ورأى الراشد أن “المالكي لعب دوراً بالغ الخطورة، بسبب الضغوط الإيرانية عليه، ورغبة المالكي شخصيا الذي وصل لمنصبه بفضل إيران التي ضغطت على بقية الأحزاب الشيعية التي كانت ترفض توزيره واضطرت لإعطائه أصواتها، ومن الطبيعي أن تؤول الأمور إلى ما هي عليه اليوم، أي أن يسدد المالكي فواتيره للنظام الإيراني الحليف”. وأشار الراشد إلى أن “المالكي وضع نفسه في مرمى كثير من دول العالم، حينما تعاون مع نظام طهران بغسل أموال نفطها، وبدعم دمشق مالياً، وبفتح الممرات الجوية لدعم قوات الأسد”.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه رغم الخلافات الجمة التي تبدو في العلن بين إيران وأمريكا، إلا أن رئيس الوزراء العراقي هو الحالة الفريدة التي يتفق عليها قادة واشنطن وطهران، ولا يختلفان بشأنها مطلقاً.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المالكي هو الشخص الوحيد الذي تتفق عليه أمريكا وإيران في العلن. في الوقت ذاته، كانت التصريحات الأخيرة لوزير الاتصالات العراقي المستقيل محمد توفيق علاوي أبرز دليل على الوضع السياسي الذي يعيشه العراق في ظل حكومة المالكي، حينما اتهم رئيس الوزراء بغض النظر عن عمليات فساد يقوم بها مقربون منه. ورأى علاوي أن “الشيء الوحيد الذي حققه المالكي هو تعميق الطائفية”، معتبراً أن “رئيس الوزراء يغازل القاعدة الشيعية من خلال محاكمة نائب الرئيس السُني طارق الهاشمي الذي حكم عليه مؤخراً بالإعدام”.
وأكد علاوي الذي استقال من منصبه في 27 أغسطس الماضي، بعدما اتهم المالكي بممارسة “تدخلات سياسية” خصوصاً في مجال تسمية أو نقل المسؤولين البارزين أنه يملك وثائق تؤكد وجود عمليات كسب غير مشروع داخل الحكومة. وقال “الأشخاص القريبون من المالكي جماعة فاسدة، ورئيس الوزراء يعرف الفاسدين ويسمح لهم بأن يكونوا أكثر فساداً”.
وأضاف علاوي أن “العراق في قمة قائمة الدول الفاسدة، في موازاة الصومال وميانمار”، مضيفاً أن “هذه الدول ليس لها دخل وميزانيتها عبارة عن ملايين من الدولارات فقط فيما ميزانية العراق بلغت 100 مليار دولار في العام الماضي!”.