يؤكد العلماء على ضرورة الاهتمام بالأطفال في الصغر، لأنهم زهرة الحياة الدنيا وفي صلاحهم قرّة عين للوالدين، لذلك لابد أن يشب الأطفال على الطاعة والإيمان وخاصة إقامة الصلاة.وفي حديث صريح وواضح من نبي الأمة للآباء والأمهات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء 7 سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء 10 سنين).ويرى العلماء أنه في هذا التوجيه النبوي الكريم من حسن التدرج واللطف بالصغير الشيء الكثير، فهو يُدعى إلى الصلاة وهو ابن سبع سنين ولا يضرب عليها إلا عند العاشرة من عمره، ويكون خلال فترة الثلاث سنوات هذه قد نودي إلى الصلاة وحُببت إليه أكثر من 5 آلاف مرة! فمن واظب عليها خلال 3 سنوات بشكل متواصل هل يحتاج بعد 5 آلاف صلاة أن يضرب؟!وقلَّ أن تجد من الآباء من طبق هذا الحديث واحتاج إلى الضرب بعد العاشرة. فإن مجموع الصلوات كبير واعتياد الصغير للصلاة وللمسجد جرى في دمه وأصبح جزءاً من جدوله ومن أعظم أعماله.وينصح العلماء الآباء والأمهات بضرورة تعويد أطفالهم على الصلاة مصداقاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا ملائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، وقوله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى).وتصديقاً لحديث الرسول الذي حمل المسؤولية العظمى للوالدين، في قوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته).ويرى العلماء أن من أعظم ما يسديه الأب الموفق لابنه اصطحابه للصلاة معه وجعله بجواره ليتعلم منه وليحافظ عليه من كثرة اللغط والعبث.وينصح العلماء الآباء والأمهات ألا يخرج من تحت أيديهم غداً من لا يُصلي، فيأثمان بإخراجه إلى أمة الإسلام عاصياً من أبوين مسلمين، وذلك بالتفريط في حق الله.وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله: (فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسنُنه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً). ويعدد العلماء الفوائد العظيمة في الحرص على صلاة الأبناء خاصة في المساجد على النحو التالي:- براءة ذمم الوالدين أمام الله عز وجل والخروج من الإثم بعد تحبيبه للصلاة وأمره بها، وقال ابن تيمية رحمه الله: “ومن كان عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة، فإنه يُعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويُعَزَّر الكبير على ذلك تعزيراً بليغاً لأنه عصى الله ورسوله”.- احتساب أجر تعويده على العبادة، يقول الرسول الكريم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالَة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً).- استشعار أن الابن في حفظ الله عز وجل ورعايته طوال ذلك اليوم، قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله).- خروج الابن إذا شب وكبر عن دائرة الكفار والمنافقين كما قال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).- تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون للأبوين ذخراً بعد موتهما فإن النبي اشترط الصلاح في الابن كما في الحديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).ويشرح العلماء الأسباب التي تعين الآباء والأمهات على تحبيب أطفالهم في الصلاة على النحو التالي:- أن يكون الأبوين قدوة صالحة في المحافظة على الصلاة والحرص عليها، فإذا بلغوا سبعاً وعقلوا شُرع أمرُهم بالصلاة والذهاب بهم إلى المسجد، فإن الصغير ينشأ على ما كان عوَّده أبواه.- تقديم أمر الآخرة على أمر الدنيا في كل شيء.- الصبر والمثابرة، فالأمر فيه مشقة ونصب، يقول الله في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).- بث في أبنائك أحاديث الصلاة وحكم تاركها وعقوبته في الدنيا والآخرة، ورغبهم في الأجر العظيم لمن حافظ عليها.- اجعلْ لهم الحوافز والجوائز حتى يحافظوا على الصلاة. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (حافظوا على أبنائكم في الصلاة، وعودوهم الخير فإن الخير عادة).- الدعاء لهم في كل وقت واجعلهم أحياناً يسمعون دعاءك لهم بالصلاح والهداية والتوفيق والسداد، ومن دعاء الأنبياء والصالحين مثل: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ).- اربطهم بصحبة طيبة ممن يحفظون القرآن ويحافظون على الصلاة مع الجماعة وشجع أولئك الصغار بالهدايا والحوافز فهم أبناء المسلمين.- ادْعُ لهم عند إيقاظهم واتلُ عليهم بعض الآيات والأحاديث.