في أمسية ساحرة للموسيقار اللبناني ربيع أبوخليل -أقامتها وزارة الثقافة في الصالة الثقافية، ضمن فعاليات المنامة عاصمة الثقافة العربية 2012 في شهر الموسيقى- تخطت الموسيقى الحدود كما الكلمة، والنغمة ترجلت من الآلة وتحاكت مع الحواس.
هكذا كانت الليلة الكلاسيكية التي سكن بها الموسيقار العالمي ربيع أبوخليل مع آلته العود التي لم يشأ تصنيفها باسمها ، فهي على حد قوله “ تطلق الألحان من الأوتار، وكل الآلات الموسيقية تتشارك مع المعزوفات فتكون في نوته فريدة لا تعرف بمسمى معين، فالأنظمة الموسيقية تتباين على ثقافة الانفتاح والتعبير، وتسكب أروع الترانيم في قالب واحد. يقول الموسيقار العالمي لودفيك فان بيتهوفن إن “الموسيقى وحي يعلو على كل الحِكم والفلسفات”، إذاً، الموسيقى التي أتى بها أبوخليل لم تكن اعتباطاً على مسرح الصالة، بل كانت متشاكلة مع الروح الناطقة في التجانس والتناسب، ولن تكون الأخيرة على أرض مملكة البحرين.
قبيل بدء الليلة الكلاسيكية التي استهلها بسويعات قال الموسيقار أبوخليل “ لم أندم على أي موسيقى أطلقتها، فأنا أمثل كابوسا لشركات الأسطوانات، ولا أتنازل عن أي شيء مقتنع به، ذوق العالم يخصه، وما يهمني أن الموسيقى تصل شفافة وصريحة، فخطواتي في المشهد الفني كانت متعرقلة ومعقدة، إلا أن الضغط النفسي يولد إبداع آخر، فالموسيقى بالنسبة لي لم تكن قرارا عقلي، بل كانت قرار ضروري”.
وأضاف: أن “الآلة هي الآلة، وليست هي تعبير، بل الموسيقى، دائماً ما أخاطب أفراد الفرقة الموسيقية وأقول لهم، يجب أن نتخطى مفهوم الآلة، وآلة العود التي تمثلني هي موسيقى فحسب فيداي هي ما تعزف وما نسمعه ليس عود وأنما موسيقى، فهذه الآلة جزء مني وأسافر معها في كل مكان”، مستشفاً” أعشق أن أرى شخصيتي من خلال موسيقاي، بالطبع فأنا أتأثر بالموسيقى الكلاسيكية وأم كلثوم وغيرها، والمهم أن من ينصت إلى 5 نونات من موسيقاي سيعلم أنها تنمي إلى ربيع أبوخليل”، معللاً “جملة من المبدعين من قاموا بتقليدي وهذا فخر لي، وأنا لست أتاجر بفني، فالفن فيه الأخذ والعطاء”
ويرى أبوخليل أن “كلمة التراث، نخطئ بها كثيراً في تخصيصها، فأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وسيد درويش كانوا ثوريين لحظة ولوجهم إلى عالم الموسيقى، وعندما رحلوا أصبحوا تراث، فأين تراث الغد إذا كنا نحن لم نجدد بأفكارنا ومن جميع أنحاء العالم، لم أتعاط التراث وأمزجه، الموسيقى بالنسبة لي فن تعبير وليس تصنيفاً، وأشعر بالضرورة إلى التعبير وكل مبدع يعبر على طريقته أما بالكلمة أو بالنغمة أو بالرسم”، معرباً بذلك”ما يهمني هو أن يعجبني ما أعزفه، وإذا لجئت إلى ما يعجب الآخرون فسأهلك، فالإرضاء صعب، وعلى حسب التأثير والأصعب تأثيراً، أنا عربي ومتطلع كثيراً على التراث العربي، لا أعيش به لكنه جزء مني، والإنسان إن لم يعرف جذور تراثه، لن يفقه شيئاً، كما إنني أعيش في عصر 21 ولا أتقهقر إلى عصر الخمسينات، وحياتي بين الشرق والغرب”.