كتب - محرر الشؤون السياسية:
تهلّلت جماعات الإسلام السياسي في مختلف بلدان الوطن العربي لصعود الإسلاميين في دول ما عرف بالربيع العربي، بدءاً بفوز حركة النهضة، ذات التوجه الإخواني، في انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان) في تونس العام الماضي، واعتلائها رئاسة الحكومة. وما تلاها من فوز لافت لحزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي، وتوليه رئاسة الحكومة أيضاً. كما ابتهجت الحركات الإسلامية في الخليج عموماً وفي البحرين على وجه الخصوص، بالفوز الكبير الذي حققته جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب المصري (تمَّ حلّه لاحقاً) وما تبعه من فوز مرشح الجماعة د.محمد مرسي برئاسة أكبر الدول العربية وإحدى أقواها تأثيراً.
وبعث إسلاميو البحرين الوفود إلى دول الربيع العربي والتقوا بقيادات الجماعات الإسلامية، لينقلوا لهم التهاني والتبريكات، ويقاسموهم الفرحة بهذا البعث الإسلامي الجديد. ويطلعوهم عن قرب على حقيقة وضع البحرين، ملتمسين منهم التأييد والمساندة.
علاقات حركات الإسلام السياسي في الخليج بالحركة الأم في مصر ظلت موضع إشكال، خصوصاً أنه وإلى وقت قريب ظلت العلاقة بين حركة الإخوان المسلمين والجمهورية الإسلامية قائمة وتتحسن، الأمر الذي يتعارض مع مواقف طهران وسياساتها تجاه دول الخليج والبحرين منها على نحو خاص. وهو ما جعل السؤال مشروعاً حول موقف الحركة الإسلامية في البحرين حال تعارض مصلحة الوطن مع مصلحة الجماعة في مصر تجاه إيران. إذ إنَّ واقع العلاقة بين الإخوان المسلمين وإيران من جهة والصراع المحتدم بين محور إيران وقوى عربية من جهة أخرى، يحتم على تلك الحركات في الخليج أحد خيارين، إما الانسياق المطلق أمام قرارات جماعة الإخوان المسليمن من مختلف القضايا الإقليمية بما فيها قضية الموقف من إيران، والعلاقة بإسرائيل، أو الوقوف إلى جانب النخب الحاكمة في الخليج والشعوب الخليجية بحزم ووضوح وصراحة.
هذا في الوقت الذي يصف فيه متابعون للشأن الخليجي الجماعات الإسلامية بالعجز عن صناعة فكر محلي يتماشى مع طبيعة الشعوب والأنظمة الخليجية.
ويرى مراقبون أنَّ عدم إفصاح جماعات الإسلام السياسي في الخليج عن حقيقة أهدافها وعدم تحديد مطالبها يضع عدة تساؤلات حول تحركاتها في الخليج عموماً والبحرين تحديداً.
الصعود اللافت للإسلاميين في مختلف دول الربيع العربي يجعل من الوارد تطلع الإسلاميين في البحرين إلى تحقيق نتائج أكبر في أي انتخابات برلمانية مقبلة، بعد ما شهدت قوتهم الشعبية تراجعاً كبيراً تجلى في النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعية في 2010، وتناقص تمثيلهم في مجلس النواب بشكل حاد، لكن هل سيحالف تطلعات الإسلاميين وتوقعاتهم بالصعود من جديد الحظ، أم أنَّ لمنطقة الخليج العربي طبيعتها المعينة، كما إنَّ للشعوب الخليجية استثناءاتها الخاصة؟
وحذَّر رئيس جمعية ميثاق العمل الوطني أحمد جمعة من أنَّ “الإسلام السياسي، يسعى للوصول إلى السلطة في منطقة الخليج بأيِّ ثمن”.
وقال إنَّ “الأنظمة والحكومات في منطقة الخليج دعمت الإسلام السياسي، وإنَّ الحكومات في أغلب دول مجلس التعاون مخترقة من هذا التيار”، وأضاف “على الحكومات الخليجية أنْ تضع خطة لخلق توازن سياسي في المنطقة والحد من صعود الإسلام السياسي، حتى لا يظل مهيمناً على مقدرات الدول والشأن العام بها”.
وكان القائد العام لشرطة دبي ضاحي خلفان قد حذر من “مؤامرة دولية” للإطاحة بحكومات دول خليجية، وقال إنَّ المنطقة يجب أنْ تستعد لمواجهة أي خطر قادم من قبل الاسلاميين، أو من سوريا وإيران على حدٍ سواء.
ويرى مراقبون أنَّ النموذج الإسلامي السياسي الأقرب إلى أخوان الخليج هو نموذج حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي يؤكد أنَّ من ثوابته احترام النظام الملكي القائم والمحافظة عليه، والحرص على خصوصية المغرب التاريخية، بعيداً عن أيِّ تأثر بدول الربيع العربي الأخرى. ويرى الحزب أنه بالتقاء الإرادة الملكية بالالتحام والاتفاف الشعبي يظل المغرب قادراً على صناعة المعجزات.