كتب – جعفر الديري:
تبدي كثير من الزوجات خشيتهن من انقلاب أزواجهم عليهن، ويشعرن أنهنّ لسن بمأمن من غدر الأزواج، ويؤمنّ أن الزوج حتى لو كان صاحب عيال، ومقترناً بزوجة جميلة؛ لن يتردّد في الزواج من أخرى، متى لمس استجابة من المرأة المعنيّة، فكيف لو عرضت امرأة نفسها عليه بالمجان أو مقابل مهر بسيط، دون تكاليف عرس وأفراح؟!.
أمثال هذه المرأة تصفها الزوجات بخطافة الأزواج، أو سارقة الأزواج، فهي في عرفهن امرأة دون إحساس ودون قلب حتى؛ فهي لا تكترث لحال زوجة مخلصة لزوجها حتى تحقّق مبتغاها، ولا لحال الأبناء الذين هم في أمسّ الحاجة لوجود أبيهم إلى جانبهم، امرأة قادرة بما أوتيت من مكر ودهاء على التلاعب بعقل الزوج، وتسخيره لمآربها. فإذا كانت قد استطاعت أن تستأثر به دون زوجته التي قضى معها سنوات طوال، ودون أبناء من صلبه، فمن يضمن للزوجة الأولى أن تحتفظ بحبه ولأبنائه أن ينعموا بحب أبيهم وعطفه؟!.
خطّافة الأزواج في مفهوم أمينة سعيد، هي امرأة من لحم ودم، لكنّها أيضاً معجونة بماء إبليس كما يقال. أسلمت قيادها لنفسها، حتى أصبحت لا تجد بأسا في هدم بيت على ساكنيه، امرأة تعيش بأنانية مفرطة، وبحب للذّات لا مزيد عليه.
وتتساءل سعيد: لماذا تبني امرأة مسلمة سعادتها على حطام امرأة أخرى؟! لو كانت تعيش في مجتمع لا يردعه دين أو شريعة سماوية، لالتمسنا لها العذر بأن جميع الناس دون مبادئ، لكنها -أي خطّافة الرجال- تعيش بين أظهر أناس مسلمين، يؤمنون بالله وباليوم الآخر، فهي تشهد عن قرب حياة الزوجات الصالحات. ونحن والحمد لله في مجتمع محافظ كالمجتمع البحريني، وجميع نسائنا مشهود لهنّ بالعفة والاستقامة، فكيف لامرأة أن تخطف زوجاً من زوجته في مجتمع مثل هذا؟!.
الويل للزوجة المخلصة
من جانبها تؤمن سعاد حسن بأن خطف الأزواج ليس مشكلة فحسب، بل معضلة تواجه الزوجة. أمر يعني ضغط الزر على مشكلات عدة، لا تطيح بالزوجة فحسب بل بالأبناء أيضاً. وهي معضلة تبرز على السطح، فلا يمكن للزوجة أن تخفي حقيقة أن هناك امرأة أخرى في حياة زوجها. فبينما تكون الزوجة في سعادة مع زوجها وأبنائها، تكتشف أن زوجها يخطط للزواج بأخرى. وفي بعض الأحيان يواجهها الزوج برغبته في الاقتران بأخرى، وفي أحيان أخرى تكتشف أنه مقترن بالفعل بأخرى.
وتضيف حسن: إنها حالة قد تصادفها أي زوجة، حين تكتشف أنّ هناك أنثى، تسللت إلى بيتها في غفلة منها، فاستحوذت على لب الزوج. حالة يمكن أن تكون أخطر ما يصادف الزوجة، حين تفتح عينيها؛ فتجد البيت خال من زوجها. وحدها وأبناءها فقط، أما الزوج فاستحوذت عليه أخرى، وسرقته من أيام وليال جميلة، كانت الزوجة فيها أشبه بالملكة بين رعاياها.
السحر ينقلب على الساحر
من جهتها ترى بتول إبراهيم أنّ الروابط الإنسانية هي آخر معقل لدينا ضد جنود النفس وشياطينها، وأن الإنسان متى فقد الإحساس بالآخرين استساغ كل فعل مشين. كما هو شأن خطافة الرجال. وتستدرك إبراهيم: على أن خطّافة الرجال، لا تعي ما تفعل بنفسها، فالزوج الذي سيرتبط بها، سيؤوب إلى رشده حتماً، ويكتشف كم أنه كان مغفلاً، حين أطاع نزواته وترك زوجة أمينة عاشت معه على الحلوة والمرّة، وأنجبت له أبناء وبنين. وتضيف إبراهيم: لقد لمست هذه الحقيقة عن قرب، كما سمعت كثيراً من الحوادث بهذا الشأن، فالمرأة السارقة أمامها خياران؛ فإما أن تستمر في الكذب، وحبل الكذب قصير، وإما أن تعترف بخطئها، لكن بعد فوات الأوان، فقد ارتبطت بإنسان متزوج، وأنجبت منه، وهي تخاف اليوم ما خافته الزوجة الأولى. خصوصاً أن كثيراً من الأزواج إن لم يكن جميعهم، يكنّون محبة عظيمة للزوجة الأولى، وإذا كانوا مختلفين بشأنها، فلا شك أن محبتهم لأبنائهم، لا يقابلها شيء، حتى الأبناء من الزوجة الثانية –خطافة الرجال- لا يستطيعون أن ينسوهم البكر من أبنائهم.
حجر لا يشعر
في المقابل، تحمّل مريم محسن الرجل المسؤولية كاملة بهذا الشأن، والزوج الذي ينساق وراء غرائزه واندفاعاته، ويرفض التنازل.
تقول محسن: إن الزوج يتعلل بأن أي إنسان لا يستطيع مقاومة إغراء النساء، وبأنه كرجل أباح له الله تعالى أن يتزوج من أربع، لكنه لا يغفر للمرأة خروجها من البيت غضبى إلى بيت أبيها. ويجد أن اعتراضها على ذلك هو ما يسبب المشاكل، وكأنّ الزوجة حجر لا يشعر!. وتواصل محسن: ما يزيد الطلة بلّة أحكام المجتمع الفجّة، فهو يلتمس العذر للرجل ولا يكترث بالمرأة، وكثيرون بل أغلب أزواج اليوم كلما ساءلتهم أنفسهم عن جدوى ما يصنعون، كلّما تراءت لهم أفعال آبائهم وأجدادهم، وأكدت لهم أنهم لا يرتكبون محرّماً، وأن الزواج بأخرى وثالثة ورابعة من حقهم، وأنّ أمهاتهم عشن في سعادة وأنجبن البنين والبنات. فهم يحمّلون الزوجة مسؤولية خراب بيتها، ويدعونها إلى مراعاتهم ومراعاة أطفالها، والقبول بالأمر الواقع، وليتهم يقفون عند هذا الحد!.
المرأة مالها مبدأ
كما إن لدى جليلة حسين رأياً مشابهاً، لكن من جانب آخر. فهي لا تحمل الرجل وحده مسؤولية الاستجابة لخطافة الرجال، بل على الجدّات اللاتي قبلن بوضع مثل هذا، حتى أصبح الرجل يشعر وكأنه إله وأن زوجته جارية عنده.
تقول حسين: لقد عاشت جدّاتنا في ظلّ هيمنة طاغية للرجل، وتكاد لا تجد بيتاً يضمّ زوجة واحدة فحسب، فأغلبها تحوي زوجة ثانية وثالثة ورابعة، وأطفال يتكدّسون في حجر ضيقة، وأتساءل من المسؤول عن كل ذلك؟ أليست الجدات اللاتي خضعن لسلطة مطلقة للرجل، ولم يبدين أي لون من ألوان المواجهة!. كيف لزوجة أن تنام مطمئنة وهي تجد أبناءها وبناتها لا يكادون يجدون مكاناً لهم، ثم تستيقظ في الصباح لتجد زوجها وقد تزوج بأخرى، وأفرد لها غرفة، ولا يمضي وقت حتى يفكر بأخرى؟!. وتردف حسين: أقول ذلك شفقة بالزوجة طبعاً، وليس بدافع التقليل من شأنها، فالواقع أن تلك الزوجة لو حاولت الاعتراض لضربها زوجها، ولو حاولت مرة أخرى، لدفع بها إلى بيت أبيها، وهناك ستجد معاملة أشد، فلا أبوها ولا أمها يقبلان بها، فكيف وأطفالها معها؟! واقع صعب بالفعل، وإذا كنا ننتقد جداتنا لسكوتهن، فلا يعنــــي ذلــك أننــــا لا نشعـــــر بحجــــم ما عانـــــوه مــن ضغوطـــات.
ليس صيداً سهلاً
أما حسن إبراهيم فيعرب عن دهشته من تصور النساء بأن زوج اليوم يمكن أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، وأنه صيد سهل للمرأة خطّافة الرجال!. إذ لا يمكن للرجل للزواج حتى لو رغب في ذلك. فالأمر لا يتعلق فقط بعدم توافر المال، بل بالحياة العصرية والانفتاح الثقافي، وبالوعي الكبير الذي يشمل جوانب الحياة كافّة.
ويضيف إبراهيم: كان أجدادنا مستعدين للزواج في أي وقت، هذا صحيح، لكنهم أيضا لم يكونوا يعون معنى وجود أكثر من زوجة وأبناء، تقع مسؤليتهم على كواهلهم! زوجة واحدة وأبناء كثر، كانوا يشكّلون عبأ على رب أسرة لا يجد سوى البحر والمزرعة أمامه، فكيف لو كانت لديه زوجتان أو ثلاث أو رابعة وأبناء يفرّخون في كل عام؟!.
ويتابع إبراهيم: لم يكن أجدادنا يعون ذلك عندما تدفعهم رغباتهم للزواج، لذلك كانوا يرغبون في النساء مثنى وثلاث ورباع، وما إن يتقدم بهم العمر، حتى يكتشفون خطأهم، فقد تقدموا في السن، وكثير من أطفالهم لا يتجاوزون الثانية أو الثالثة عشرة! فمن أي يطعمونهم ولا راتب لديهم ولا تقاعد؟!
ويواصل إبراهيم: كان ذلك حال أجدادنا! أمّا رجال وشباب اليوم فلا يجرؤون على الزواج بأخرى، ولا يمكن لأي سارقة أن تخطفهم من زوجاتهم وأبنائهم، لأنهم حتى لو رغبوا في ذلك، سيفكرون ألف مرّة قبل الإقدام على هذه الخطوة.
عاملات مستقلات
كذلك لا يرى محمود حبيب فرصة لزوج اليوم لإغضاب زوجته، والاستجابة لكل امرأة تعرض نفسها عليه، معللاً ذلك بأن أمور اليوم لم تعد كالسابق، والفتيات يتمتعن باستقلالية وبحضور كبير، ورجل اليوم يعلم أنه لو انساق وراء غرائزه فسيخسر الكثير. وليس أدل على ذلك من القضايا الكثيرة التي تمتلأ بها أروقة المحاكم، والتي تدل على استعداد المرأة للسير في طريقها حتى تنال مبتغاها. بل إن هناك كثيراً من قضايا الطلاق، ترفعها الزوجات على أزواجهن، رغم أنه لديهن أبناء، إذ يطلبن لطلاق دون خوف طالما أنهن يعملن، وهن قادرات على إعالة أبنائهن.
ويضيف حبيب: الواقع أن رجل الأمس كان يهدّد زوجته بتركها دون إعالتها وأبنائها، فكانت تصبر مغلوبة على أمرها، أما اليوم فهناك زوجات يتقاضين رواتب أفضل مما يتقاضاها الرجل، بل هناك -ولنكن صريحين- فتيات يترفعن كثيراً على الشاب، ويشترطن شروطاً مجحفة يستجيب لها الشاب! إذن فالمعادلة لم تعد كما كانت في السابق. وإذا كان من شيء يستحق الإشادة، فهو أن المرأة ومن ضمنها البحرينية، وعت جيداً خطورة الإنفاق، فاجتهدت حتى حققت ذاتها، فهي تشارك الزوج اليوم في العمل والبيت، ولا يجد له أي دور مستقل، لذلك لا يستطيع تجاوزها، أو الاستجابة لأيّ خطافة رجال حتى لو كانت “أم حمار” نفسها!.