كتبت - شيخة العسم:
لكل شيء إيجابياته وسلبياته، ويبقى من واجبنا الموازنة بينهما، فإن كان الشيء ضرورياً نحاول تلافي السلبيات والاستفادة من الإيجابيات. ومن تلك الأمور شبكات التواصل الاجتماعي.
لقد وجدنا أنفسنا فجأة في عصر التكنولوجيا، وفرضت علينا أمور تؤثر في حياتنا إيجاباً وسلباً. ومنها تأثير شبكات التواصل الاجتماعي، التي دخلت حياتنا دون استئذان. فهل ساهمت هذه الشبكات في توثيق العلاقات بين الناس أم قطعتها؟!
تجيب ربة بيت لولوة سلمان -50 سنة- اعتدت أن استخدم التويتر و»البيبي»، لكني استفدت منه في التواصل مع أهلي وصديقاتي. أنا أعيش مع أبنائي وزوجاتهم في بيت كبير، وهم يدخلون ويخرجون دون أن أراهم أو أعرف أخبارهم، ولا أجد سوى البيبي وسيلة تصلني بهم.
وتشدد الطالبة الجامعية سارة عمر (22 سنة) على أهمية الفيسبوك والتويتر، ولا تجد لهما بديلاً. تقول عمر: كان رأيي في الفيس بوك أنه ليس مهما، رغم أن الجميع كانوا يمتدحونه، وفي إحدى المرات رأيت صديقاتي يلعبن لعبة جربتها وأدمنتها، حتى تعلقت بالفيس بوك. بعد ذلك انتبهت إلى أهمية الفيس بوك في التواصل مع الصديقات حتى القديمات منهن، كما تعرفت على كثيرين، منهم فنانون بحرينيون اكتشفت شخصياتهم المتواضعه عن قرب.
وترى إيمان عمر (27 سنة) أن شبكات التواصل ساهمت في توثيق العلاقات ليس على المستوى المحلي وحسب، بل حتى بين الأصدقاء والمعارف من الشرق والغرب، حيث تبادلنا الثقافات، وتحول العالم بالفعل لقرية صغيرة.
ويلحظ الطالب الجامعي حسن الجار (21 سنة) أن لشبكات التواصل سلبية كبيرة هي طغيانها على العلاقات الإنسانية المباشرة.
يقول الجار: لا يمكن أن نجيز استخدام شبكات التواصل في كل الأوقات، فلا بديل للتواصل المباشر خصوصاً في الأسرة الواحدة أو الأهل والأصدقاء.
ويضيف: أحضر دائماً العزائم والمناسبات، وغالباً ما أجد الجميع لاهين مع أجهزتهم الإلكترونية، وعن الجالسين معهم، وأتذكر أني حضرت عزاء لأقربائي، وفجأة ارتفع صوت شخص بالضحك، وسط الجو الحزين، لأنه قرأ نكتة على جهازة، وذلك موقف واحد لما تسببه هذه الأجهزة من مشكلات.
من جانبها، تؤكد الأخصائية الاجتماعية فخرية شبر مساهمة شبكات التواصل الاجتماعي في التقريب بين الأشخاص المتباعدين، لكنها باعدت بالمقابل بين القريبين، حيث أفسدت الإحساس الاجتماعي لدي الأفراد، مشيرة الى أن هناك من يتواصل طويلاً مع البعيدين، لكنه يرفض أن يخصّص ساعة يتواصل فيها مع عائلته. كما إنها زادت الهوة بين جيلي الآباء والأبناء، بسبب انشغال الأبناء بها، حيث أصبحوا يتقبلون حلولها لمشكلاتهم بلا شعور.
وتضيف شبر: إن الأسرة تواجه مشاكل عديدة بسبب هذه الوسائل الحديثة، ما يحتم عليها مقاومة هذه المشاكل بشتى الطرق والوسائل، وحفظ أبنائها من الضياع وحماية الروابط الأسرية بينهم من الانهيار. لكن بالمقابل علينا ألا نلغي استخدام هذه الوسائل، بل علينا العمل على ترشيد استخدامها، فلا يوجد مسمى لتكنولوجيا سيئة، بل استخدام سيئ للتكنولوجيا.
وتردف شبر: إن الحياة اليومية بطبيعتها مليئة بالضغوط، خصوصاً في عصر كهذا. ويحتاج الإنسان إلى من يتضامن معه نفسياً، ومن يقترب منه روحياً، ليخفف عنه آلامه، ويرفع من معنوياته، وإلى من يستشيره ويستفيد من رأيه، وعندما لا يجد الابن كل هذا فإنه سيلجأ بالطبع لمن يستمع له، ويجب العمل على توعية أفراد المجتمع بشكل عام والشباب منهم بشكل خاص بما يمكن القيام به من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيههم للاستغلال الأمثل لها بما يعود عليهم وعلى مجتمعاتهم بالنفع، ويزيد من تواصلهم مع أسرهم والمجتمع، كما يجب التأكيد على دور الآباء والأمهات في رعاية ووقاية الأبناء من خلال التوجيه والمتابعة والرقابة والتنظيم لاستخدام وسائل التواصل الإلكترونية، وبيان التوازن المطلوب بين الاستخدام الإلكتروني والزيارات الأسرية المباشرة.