^ ليس في العنوان خطأ فهو من كلمتين، ما (أداة نفي) و«كنبغيك” كلمة باللهجة المغاربية تعني نحبك، والجملة من الكلمتين تعني (ما نحبك.. ما نطيقك.. ما نشتهيك.. عوع!)، أما قائلها فلا يقولها لا باللهجة المغاربية ولا باللهجة البحرينية ولا حتى بالفصحى، لكنه يقولها بوجهه الذي يبدو وكأنه يحتوي على زر تشغيل وإغلاق حيث يكون مبتسماً ثم فجأة إن رآك (عنفش) بوجهه وانصرف أو سلم عليك ببرود، فهو يقول لك بطريقته (ما كنبغيك)! ويوصل إليك رسالة مفادها طالما أنك لست معنا قلباً وقالباً فأنت ضدنا وإننا ليس فقط ما كنبغيك ولكن سنلغيك! المعنيون هنا هم بعض من صنفوا أنفسهم على أنهم معارضة أو اعتبروا أنفسهم مناضلين وربما صار لهم شأناً وكلمة ودوراً في تحريك الشارع، فهؤلاء يعتبرون كل من ليس معهم ضدهم، وبالتالي هم خارج “الفورمة” ولا يستحقون حتى ابتسامة مجاملة أو أن حدهم مصافحة باردة (حتى يعود إليهم رشدهم!). بالتأكيد ليس كل المحسوبين على هذه الفئة يمارسون مثل هذا السلوك الخاطئ والمعبر عن ضيق أفق وفقر في الخبرة الحياتية والسياسية، فبينهم من يعبر لك عن احترامه ويوصل إليك رسالة حضارية مفادها أننا نختلف معك ولكن هذا لا يفسد الود بيننا، فنحن في النهاية في مركب واحد والفارق بيننا هو أنك تنظر إلى مسائل معينة من زاوية غير الزاوية التي ننظر منها، وبالتالي فإنك ترى مخارج لما صرنا فيه غير المخارج التي نراها. لكن هؤلاء للأسف قلة. ككثيرين غيري يسألني البعض سؤالاً مباشراً لا يخلو من اتهام هو؛ لماذا تقف إلى جانب الحكومة؟ جوابي له يكون بسؤال واضح ومباشر هو؛ لماذا أقف ضدها؟ فيقول إن هذا يعني أنك تقف ضد الناس، فأجيبه ببساطة أنني لم أكن أبداً في يوم من الأيام ضد الناس ولا يمكن أن أكون كذلك! وأضيف أنني لم أدع يوماً أن الذين عبروا عن آرائهم وأفكارهم ومطالبهم بالطرق الشرعية المتاحة كانوا على غير حق، فمن حقهم كمواطنين أن يعبروا عن عدم رضاهم وأن يطالبوا بما يرونه حقهم وأن يسعوا إلى إصلاح المعوج من الأمور والأحوال، لكنني أقف بوضوح ضد أسلوب المطالبات وطريقة معالجة المشكلات التي يتبعونها، فأنا ومعي كثيرون لا نؤمن بأسلوب العنف ونؤمن أن باب الإصلاح مفتوح وأنه ممكن، بل إن القيادة نفسها والحكومة وجميع المسؤولين في المملكة يؤكدون دائماً أنهم يؤمنون بالإصلاح ويسعون إليه. اختلافي مع الآخرين ليس في المطالب فأنا لا أقول إن المواطنين خرجوا من أجل لا شيء ولكنه في أسلوب المطالبة، فنحن دولة خليجية لها ظروفها ولها عاداتها وتقاليدها وأعرافها وهي ليست مثل مصر أو ليبيا أو تونس أو اليمن أوسوريا أو غيرها، وبالتالي فإنه غير ممكن استنساخ الطريقة نفسها لإحداث التغيير. لعل المتابعين لمشاركات البعض من أمثال الاجتماعية هدى المحمود والكاتب الصحافي أحمد البنعلي والمحامي فريد غازي والنائب أحمد الساعاتي وغيرهم في فضائية العالم يلاحظون أن أحداً منهم لا يقول إنه لا يوجد أخطاء أو تقصير أو إنه ليس مع المواطنين حقاً في الخروج والتظاهر وممارسة كافة أشكال التعبير، ولكنهم يتوقفون عند طريقة التعبير وكيفية المطالبة.. وبالتأكيد لا يدعون إلى إسقاط النظام وإنما إلى الإصلاح. لا ألتفت لمن يقولون (ما كنبغيك) سواء بألسنتهم أو بوجوههم، ولو أنني أتألم لحال مثل هؤلاء، فالقضية لا تحل عبر هذا السلوك الذي يعطي فكرة سيئة عن ممارسيه ويظهرهم بشكل غير لائق، ولو أنه يخفف شيئاً من معاناتهم النفسية! ويش.. كنبغيك؟!