كتبت ـ هدى عبدالحميد ومحي الدين أنور:
قال مقيمون عرب وأجانب إن المسيرات غير المرخصة في البحرين تفتقد لمعايير “السلمية”، وغالباً ما تحيد عن مسارها وتنتهي بأعمال شغب وفوضى وتخريب.
وأضاف المقيمون أن الاحتجاجات وغلق الطرقات بالإطارات المشتعلة وسكب الزيت مسّت حياتهم اليومية، وعطّلت الوصول إلى أعمالهم ووظائفهم، مطالبين الأجهزة الأمنية بالحماية الشخصية.
ونبّهوا إلى أن المسيرات الاحتجاجية تؤثر على تنمية المجتمعات وتُقلل فرص الإبداع وتُصعّب الوصول للمراكز الصحية وغيرها من المرافق الخدمية، لافتين إلى أن البعض منهم هجروا منازلهم بحثاً عن مساكن توفر لهم الأمن.
وأكد المقيمون أن هناك من يرسم خارطة ذهنية تجنبه المرور بمناطق التوتر قبل مغادرته المنزل، مشيرين إلى أن المسيرة السلمية لا تُعطّل الحركة المرورية وتُنظّم خارج أوقات الذروة.
مسؤولية حفظ الأمن
وقال أستاذ الإعلام العراقي المقيم في البحرين محمد فياض، إن المسيرات وخاصة غير المرخصة تحديداً تؤثر على بناء البلدان ومسيراتها في التنمية والإعمار والتقدم.
وأضاف “بكل الأحوال نرى أن البناء الثقافي وإرساء دعائم الاستقرار في المجتمعات الإنسانية تستوجب التكاتف والتكافل ما بين الحكومات والشعوب لإرساء قيم التعايش السلمي”، لافتاً إلى أن بناء المجتمع بشكل عصري وسليم ينبغي أن يحفز الطاقات الإبداعية لأبناء المجتمع للحيلولة دون انخراط قوى تنضوي تحت أجندات أجنبية وتسعى لتخريب البناء الداخلي للمجتمع.
ونبّه إلى أن المسيرات أحياناً “تؤثر بشكل كبير على مصالحنا اليومية ومصالح المجتمع، ونرى الكثير من الطرقات مغلقة، وجلّ ما نخشاه سكب الزيت في الشوارع ما يعرض العديد من المواطنين للخطر”.
وقال “بتنا نشعر أننا معرضين في أية لحظة لأعمال الشغب المصاحبة للمسيرات”، مشيراً إلى أن المسيرات تحد من فرص الإبداع والتقدم ونتمنى على الأجهزة الأمنية أن تكثف جهودها لدعم الاستقرار في بلد معطاء ومتنامٍ.
معايير السلمية
من جانبه رفض القانوني السوداني عماد نابري، المسيرات التي تشهدها البحرين هذه الأيام، ووضفها بأنها “غير سلمية” وتنتهي بأعمال تخريبية وتفتقر لشروط “السلمية” ومعاييرها المعترف بها في أنحاء العالم. وأضاف “يُفترض بالمسيرة السلمية ألا تُعطّل حركة المرور، ولا تُنظّم في أوقات الذروة ولا تؤثر على مصالح الناس”، مستدركاً “المسيرات الآن لا تلتزم بالمسار المحدد لها وتنتهي بأعمال عنف، وباتت تؤثر على مصالح الناس وتؤدي في بعض الأحيان إلى تأخر الموظفين عن عملهم وتُصعّب الوصول إلى المراكز الصحية في بعض الأحيان وغيرها من المشاكل المؤثرة في حياة الناس اليومية”.
ولاحظ نابري أن المناطق التجارية تأثرت بشكل كبير جراء الأحداث، لأن الوصول إليها خاصة أيام الإجازات بات صعباً، إضافة إلى عدة مناطق أصبح المقيم فيها يخشى الاقتراب منها، وهناك من هجر منزله وانتقل إلى موقع بديل بحثاً عن الأمن.
خارطة ذهنية للطرق الآمنة
وقال الصحافي الأردني إبراهيم بدر العامل في إحدى الصحف المحلية، إن المسيرات باتت مؤثر سلبي على الجميع من مقيمين ومواطنين، و«أثرت على ممارساتنا الاعتيادية لحياتنا، وقبل خروجي بعائلتي بت أفكر ألف مرة وأرسم خريطة للمسار على أمل ألا أقابل أي من مثيري الشغب أو المسيرات المسببة لغلق الطرقات”.
وأضاف “سابقاً كنا نخرج باستمرار أما الآن فأصبح خروجي بأسرتي في أضيق الحدود، إذ إن المسيرات غيّرت ناموس حياة اعتدنا على ممارستها في البحرين من خروج وتنزه وتجول في المراكز التجارية”.
وأكد أن المسيرات تسببت في تعطيل كثير من مصالح الناس، متذكراً أنه في أحد الأيام تأخر عن العمل نتيجة حرق الإطارات على الطريق العام، مشيراً إلى هذا الوضع استمر قرابة ساعة ونصف إلى أن أتت الشرطة والدفاع المدني وأمّنت المكان.
وطالب بدر بوقف هذه المسيرات لما تتسببه من تعطيل مصالح الناس وتهديد الأمن، إضافة إلى أن المسيرات لا تلتزم بالضوابط والشروط الواجب مراعاتها في المسيرات السلمية، بألا تعطل مصالح الناس وتكون في مسار محدد ووقت محدد، مستدركاً “هذا لا يتوفر في أغلب الأحيان الآن ولذلك يجب التصدي لهذه المسيرات بعد أن باتت تؤرق حياة المواطنين والمقيمين”.
البحرين هي الوطن
«بالنسبة للبعض يعتبر البحرين مجرد بلد آخر لا غير” تقول أليشا الشابة الهندية ذات الـ21 ربيعاً وتضيف “بالنسبة لي أمضيت حياتي هنا، فالبحرين هي الوطن”.
وأردفت “عشت لحظات جميلة لا تنسى في البحرين أفخر بها طوال حياتي”، مستدركة “لكن خلال السنة والنصف الماضية شهدت البلاد ظروفاً عصيبة سببت لي الحزن”.
وأضافت “كانت البحرين دوماً مكاناً يمتاز بالحرية، ويستطيع الفرد فيها الذهاب أينما يرغب وفي أي وقت يشاء”، لافتة إلى “أما الآن فإن الأمور مختلفة”. وقالت “في السابق كان والداي يسمحان لي بالخروج لأنهما كانا يدركان بأني سأكون بخير، ولكنهما الآن يفكران مراراً قبل أن يسمحا لي بالخروج، مضيفة “وحتى بعد أن أنهيت المدرسة ودخلت جامعة البحرين أُجبرت على تركها بسبب الهجوم فذهبت إلى جامعة أخرى”.
وأعربت عن إيمانها الشخصي أن المسيرات والاحتجاجات غير مجدية “فهي تسبب الإزعاج للآخرين”، موضحة “رأيت العديد منها العام الماضي ولا شيء تحسن، الأمور تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، أتمنى أن تعود البحرين لسابق عهدها”.
الخوف من المجهول
عمر غل باكستاني من كراتشي، يعمل في البحرين منذ 17 عاماً في تحميل وتنزيل الشحنات ويقول “دخلي يتيح لي مساندة أسرتي المؤلفة من زوجتي و3 بنات وولد واحد يعيشون في باكستان”.
ويضيف “لأنني لست متعلماً ولم أحصل على عمل في بلدي جئت إلى هنا، وحصلت على خبرة جيدة، مستدركاً “منذ بدء المشكلات في البحرين لا أرى أن البلاد في نفس الوضع الآمن الذي كانت عليه”.
وأردف “عندما أخرج من بيتي لا ألبس لباسي التقليدي خوفاً من التعرض للضرب، وحتى لو كانت بلادي تمر بمثل هذه المشكلات يظل الناس يعيشون دون خوف، هناك أناس في هذا البلد كل همهم خلق المشاكل”، مبيناً “من حقهم الخروج بمسيرات احتجاجية ولكن دون إيذاء الآخرين”.
بين الأمس واليوم
أميتا البالغة من العمر 58 عاماً تعمل خادمة منزل في البحرين منذ 21 سنة، وكانت بلادها سيريلانكا مرت باضطرابات شديدة دفعتها للقدوم إلى البحرين بحثاً عن حياة أفضل.
تقول أميتا “ما شاهدته خلال السنة والنصف الماضية لم أشهده منذ أن قدمت البحرين”، وتضيف “أعيش في خوف شديد خاصة من الطرقات المظلمة والبعيدة عن المنزل”.
وتصف حياتها “أحياناً أنظر مرتين خلفي لأتأكد أن أحداً لا يتبعني، خاصة أنني استخدم المواصلات العامة في تنقلاتي، كنت في السابق أتنقل بكل راحة بال لكني اليوم أخشى أن أتورط وسط مسيرة أو مشكلة، وكامرأة مسنّة فإن الوضع يخيفني لأني لا أستطيع الدفاع عن نفسي ضد أي هجوم”.
وتردف “الذين يطالبون بحقوقهم لا يدركون مدى إلحاق الضرر بالآخرين جراء أفعالهم لأنهم لا ينظرون إلى الآخرين أبداً، أحياناً أشعر أني مهددة من قبل شبان يسيرون في الشوارع على شكل عصابات، لأني لا أعرف نواياهم و ما إذا كانوا سيعبرون دون إيذائي”.
المعارضة مهووسة بإظهار القوة
عبدالرحمن رجل أعمال يبلغ من العمر 47 عاماً بحريني الجنسية يقول “اقتصاد هذه البلاد منحتني كل ما هو إيجابي كي يستمر عملي بنجاح، ولكن خلال السنتين الماضيتين تغير كل شيء، كنت أوظف 100 عامل ولكن بعد تلك المشكلات تقلص العدد إلى 30 فقط”.
و يضيف عبدالرحمن “المشكلات أضرت بعملي وكبحريني أشعر بالخجل نحو ما يجري في بلدي، لا أعتقد أننا بحاجة إلى الصراع والمسيرات التي تنظمها المعارضة الشيعية”.
وقالت “إن جمعية الوفاق وقادة المعارضة الشيعية يزدادون اهتماماً بإظهار قوتهم، ولا يسعون بالطرق السلمية لحل المشكلات”، ويتساءل “ما حاجة هذه المسيرات غير المرخصة؟ ربما يستطيعون اليوم المضي قدماً في الإضرار بالناس، لكنهم سيوقعون أنفسهم في المشكلات مستقبلاً”.