عواصم - (وكالات): أكد نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي أن سوريا أقرت بمسؤوليتها عن القصف الذي أوقع 5 قتلى مدنيين وإصابة 10 آخرين على الأراضي التركية وقدمت لأنقرة اعتذارها عن ذلك، فيما واصلت تركيا قصفها للأراضي السورية، وتوالت الدعوات العربية والدولية لأنقرة إلى ضبط النفس لاسيما بعد تلويحها بعملية عسكرية داخل سوريا. والتأم البرلمان التركي في جلسة طارئة مغلقة ووافق على مطلب الحكومة إعطاء الإذن لشن عمليات عسكرية داخل سوريا “عند الاقتضاء”.
غير أن نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي أكد أن هذا الضوء الأخضر إجراء ردعي وليس تفويضاً لشن حرب على سوريا. وفي وقت لاحق ذكرت تقارير أن تركيا صعدت من هجماتها الانتقامية بالمدفعية مما أسفر عن مقتل عدة جنود سوريين. وفي وقت لاحق، أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده “لا تنوي شن حرب على سوريا”. وقال أردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي “كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والأمن. تلك هي نيتنا. لا ننوي شن حرب على سوريا”. ودانت دول عربية وغربية القصف السوري الذي قالت دمشق إنه حادث، فيما أعربت الولايات المتحدة عن غضبها وقالت فرنسا إن القصف يهدد الأمن العالمي في حين رأت فيه بريطانيا أمراً “غير مقبول” مؤكدة “تضامنها” مع “الحليفة الأطلسية تركيا”.
وبرزت تكهنات بأن الحادثة ستصب في صالح المعارضة التي تقاتل لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وذكر مصدر أمني تركي أن الجيش واصل قصف الأراضي السورية رداً على سقوط قذائف على قرية اكجاكالي التركية التي تقع قبالة مركز تل أبيض الحدودي السوري ما أسفر عن مقتل 5 مدنيين أتراك بينهم أم وأولادها الثلاثة. وأثناء جنازة القتلى، كان الركام الناجم عن القصف لايزال متناثراً في المكان الذي قتلوا فيه.
وأصابت قذيفة جداراً وسقطت في باحة قرب شجرة زيتون تجمعت تحتها المرأة وأولادها لتحضير العشاء.
وقالت روسيا، الحليف المقرب لدمشق، إن سوريا أقرت أن القصف الدامي كان “حادثاً مأسوياً وأنه لن يتكرر”، مطالبة دمشق بإعلان ذلك رسمياً. وقتل العديد من الجنود السوريين نتيجة الرد التركي، بحسب ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، دون تحديد عددهم. وطالبت تركيا مجلس الأمن الدولي بالتحرك ضد دمشق بعد القصف الذي أثار إدانة قوية من الغرب. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن واشنطن تشعر “بالغضب” فيما قالت فرنسا إن الحادثة تمثل “تهديداً خطيراً للأمن والسلام الدوليين”. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن الحادثة “مرفوضة بالكامل ليس فقط بالنسبة لتركيا بل للمجتمع الدولي ككل”. ووسط التوتر المتصاعد توالت الدعوات إلى التهدئة وضبط النفس. ودان الاتحاد الأوروبي القصف السوري لكنه حث جميع الأطراف على ضبط النفس فيما دعت ألمانيا إلى “عدم التصعيد والتروي في التعامل مع هذا الوضع المتفاقم”. كما سعت إيران الحليف الرئيسي لسوريا، إلى التهدئة وطلبت من “الجانبين إبداء ضبط النفس”. وفي جلسة طارئة، طلبت حكومة أردوغان من البرلمان الإذن بشن عمليات عسكرية داخل سوريا.
ووافقت غالبية من 320 نائباً في البرلمان الذي يضم 550 مقعداً على التفويض ومدته سنة، غير أن اتالاي أكد أنه ليس “تفويضاً بشن حرب” على سوريا. وتتعرض قرية اكجاكالي والمناطق المحيطة منذ أسابيع لنيران عشوائية من الجانب السوري حيث تخوض القوات الحكومية والمعارضة المسلحة معارك للسيطرة على المركز الحدودي القريب، وقد أدت هذه النيران إلى إغلاق نحو 100 مدرسة في المنطقة ودفعت بالحكومة إلى دعوة السكان للبقاء بعيداً. وهي أخطر حادثة بين تركيا وسوريا منذ تلك التي وقعت في يونيو الماضي عندما أسقطت سوريا مقاتلة تركية كانت دخلت لفترة وجيزة المجال الجوي السوري ما أسفر عن مقتل طاقمها المؤلف من طيارين اثنين.
وبعد حادثة أمس الأول دعت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، إلى اجتماع طارئ للحلف وطالبت مجلس الأمن بالتحرك حيال ما وصفته بالهجوم “الشائن”. وقال حلف الأطلسي إنه يدعم تركيا الدولة العضو فيه، وحث النظام السوري على وضع حد “لانتهاكاته الفاضحة للقانون الدولي” التي وصفها “بأنها خطر واضح وقائم” على حليف.
وتظاهر مئات الأتراك في إسطنبول رفضاً لاحتمال اندلاع حرب مع سوريا.
وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في بيان نقله التلفزيون الرسمي إن دمشق تحقق في مصدر القصف وتقدم تعازيها لأسر الضحايا. وقد واصل الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن الدولي مشاوراتهم في شأن إصدار بيان تعليقاً على الحادث الحدودي بين سوريا وتركيا، مع إبداء موسكو تحفظات عن مشروع بيان وفق دبلوماسيين. وفي سوريا قصف الجيش السوري مناطق عدة من حلب، ثاني أكبر المدن السورية التي يتركز فيها النزاع منذ منتصف يوليو الماضي عندما توعد الجيش بشن “أم المعارك” لإخراج المقاتلين من المدينة.
وفي ريف دمشق، أدى تفجير واشتباكات بين الجيش ومسلحين إلى مقتل 21 من عناصر الحرس الجمهوري، بحسب ما أكد المرصد السوري.
من جانبها، نددت الجمعية البرلمانية في مجلس أوروبا في ستراسبورغ بـ “الجرائم ضد الإنسانية” التي ترتكب في سوريا، داعية أوروبا إلى “بذل المزيد لمساعدة ضحايا النزاع”.