عواصم - (وكالات): خرجت مظاهرات حاشدة في العاصمة الإيرانية طهران مطالبة الرئيس محمود أحمدي نجاد بالاهتمام بالداخل الإيراني وترك سوريا، على إثر الهزة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وهتف المتظاهرون “اترك سوريا واهتم بنا” وفقاً لقناة العربية.
وذكرت المعارضة الإيرانية أن “احتجاجات اندلعت في مدينة مشهد شرق إيران بسبب هبوط قيمة العملة الإيرانية “التومان” أمام العملات الأجنبية”.
وقالت تقارير إن “عدداً كبيراً من المواطنين احتشدوا في ميدان فردوسي في المدينة عقب تلقيهم أنباء عن اندلاع مظاهرات مماثلة في طهران، وردد المتظاهرون شعارات ضد حكومة أحمدي نجاد”.
وأضافت التقارير أن “شرطة مكافحة الشغب تدخلت مستخدمة الغازات المسيلة للدموع والهراوات والصعق الكهربائي والعنف المفرط لتفريق المتظاهرين، فيما قال شهود عيان إن الشرطة اعتقلت عدداً كبيراً من المتظاهرين واقتادتهم إلى جهة مجهولة”.
واعترف موقع مقرب من الأجهزة الأمنية الإيرانية “باعتقال 150 شخصاً ممن وصفهم بمثيري الشغب الذين تظاهروا في بازار طهران، وتحدثت أنباء عن استخدام فرق مكافحة الشغب للعنف المفرط ضد المحتجين فيما اعتقل سائحان أوروبيان في طهران بتهمة التحريض على الاحتجاجات. واستمر إغلاق المتاجر في سوق طهران الكبيرة”.
وذكر موقع “نداي انقلاب” التابع لصحيفة “جوان” والذي تديره الاستخبارات التابعة للحرس الثوري أن أجهزة الأمن اعتقلت 150 متظاهراً، واتهمت “أكبر هاشمي رفسنجاني”، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، بتدبير هذه المظاهرات.
وتحدث شهود عيان في إيران عن انتشار شرطة مكافحة الشغب والباسيج في مدن كبيرة في إيران مثل شيراز وإصفهان وتبريز وبوشهر والأحواز وأردبيل وأورومية وكرمانشاه، وتحدث مصادر عن تحول الأجواء في هذه المدن إلى أجواء أمنية.
واعتبر الموقع أن رفسنجاني دبر لهذه الاحتجاجات انتقاماً لاعتقال السلطات القضائية نجليه “مهدي” و«فائزة” الأسبوع الماضي.
وأشارت تقارير متطابقة إلى أن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، ألغى مؤتمراً صحافياً كان من المقرر أن يعقده في البرلمان عقب ورود أنباء الاحتجاجات في طهران ومشهد.
وذكر شهود أن معظم المحلات التجارية ومكاتب صرف العملات أغلقت أمس في طهران غداة صدامات على خلفية تسجيل العملة الإيرانية انخفاضاً تاريخياً بسبب العقوبات.
وظلت معظم متاجر البازار الكبير، الحي التجاري في المدينة المكتظ عادة، مغلقة وفتحت فقط بعض المحلات التجارية المطلة على الشارع.
وفي حي فردوسي المجاور قامت الشرطة بدوريات قرب مكاتب صرف مغلقة.
وزادت الضغوط السياسية على الرئيس محمود أحمدي نجاد عندما حملته اتحادات تجارية المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية في البلاد والتي تفاقمت بسبب العقوبات الغربية التي فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي.
وقالت وكالة مهر للأنباء وهي وكالة شبه رسمية إن اتحادات تجارية تمثل قطاعات الإنتاج والتوزيع والخدمات قالت إن حكومة أحمدي نجاد دمرت الاقتصاد من خلال إصدار قرارات سياسة خاطئة.
وذكرت الوكالة أن الاتحادات اتفقت على إعادة فتح السوق الكبير وهو أحد مراكز التسوق الرئيسة في العاصمة يوم السبت في وجود قوات الأمن. وخسر التومان “الريال” نحو ثلثي قيمته أمام الدولار منذ يونيو العام الماضي بسبب العقوبات التي قلصت إيرادات إيران من صادرات النفط.
وتسارعت وتيرة خسائر الريال خلال الأيام العشرة الماضية بعدما فشلت محاولة من جانب الحكومة لإعادة الاستقرار من خلال افتتاح مركز لبيع العملة.
وأدى هذا الانخفاض في قيمة العملة إلى تراجع مستويات المعيشة وأجبر إيران على خفض وارداتها وتسبب أيضاً في خسارة وظائف في القطاع الصناعي. كما تسبب في ارتفاع معدل التضخم الذي قال ستيف هانكي أستاذ الاقتصاد بجامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة إنه أصبح تضخماً محموماً.
وقال تجار عملة إن آخر سعر للريال في تعاملات الثلاثاء الماضي سجل مستوى قياسياً منخفضاً عند 37500 ريال مقابل الدولار في السوق الحرة.
وبدا الاقتصاد الإيراني تحت وطأة العقوبات الدولية، مترنحاً مع انهيار العملة الوطنية وارتفاع نسب التضخم والبطالة وتباطؤ الإنتاج النفطي.
من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الأربعاء إن النظام الإيراني هو المسؤول عن تبعات أفعاله بشأن أزمة “التومان” الذي شهد انخفاضاً تاريخياً هذا الأسبوع بسبب العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني.
وصرحت كلينتون رداً على سؤال بشأن تراجع العملة الإيرانية الذي أدى إلى صدامات في طهران، “أعتقد أن الحكومة الإيرانية تتحمل مسؤولية ما يجري داخل إيران”.
وأضافت “أن هدفنا كان وسيبقى إقناع النظام الإيراني بالتفاوض الجدي والصادق مع المجتمع الدولي بشأن البرنامج النووي”.
واعتبرت كلينتون أن الإيرانيين “اتخذوا قراراتهم الخاصة بهم والتي لا علاقة لها بالعقوبات وهو ما أثر على الظروف الاقتصادية في البلاد”. وأقرت الوزيرة مع ذلك أن “العقوبات كان لها أيضاً تأثيرها لكن يمكن تلافي ذلك إذا رغبت الحكومة الإيرانية في العمل بصدق مع مجموعة الخمسة زائد واحد” أي الدول الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا.
من جهته، رأى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن “ربيعاً فارسياً سيعقب الربيع العربي” نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على إيران والتي ستثير على حد اعتقاده حركة احتجاجات واسعة.
وقال ليبرمان للإذاعة العسكرية “الربيع العربي سيليه ربيع فارسي، فعدم الاستقرار ينتشر في إيران وليس فقط في طهران” مضيفاً “لاشك بأن الحركة الاحتجاجية ستتعزز مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية الصيف المقبل”.
وبحسب ليبرمان فإن “النظام الإيراني يقترب من نقطة حرجة، فالعقوبات الدولية لم تقنع المسؤولين هناك بنبذ برنامجهم النووي ولكن المهم أن الشعب الإيراني بدأ يفصح بأنه ليس على استعداد للتضحية بنفسه من أجل تحقيق طموحات قادته الثورية والمتطرفة”.
في غضون ذلك، أشارت تقارير إلى أن هبوط الريال يهدد أنشطة التهريب إلى إيران حيث تندفع قوارب مصنوعة من الألياف الزجاجية كالطلقة متفادية المنحدرات الصخرية في آخر جزء من رحلتها المحفوفة بالمخاطر من إيران إلى المياه الهادئة لساحل شبه جزيرة مسندم العمانية. ويتولى قيادة هذه القوارب السريعة جيش من المهربين الإيرانيين معظمهم من المراهقين الذين يقطعون مضيق هرمز ذهاباً وإياباً في رحلات مكوكية لتهريب مختلف البضائع إلى موانئ إيران الجنوبية ويتفادون بذلك دفع الجمارك على الواردات.
من ناحية أخرى، اتهمت لجنة بارزة لحماية الإعلام إيران بمحاولة إسكات أصوات الصحافيين وإجبارهم على ممارسة الرقابة الذاتية وهو ما يزيد من الضغط الدولي على طهران بشأن معاملتها للنشطاء والصحافيين.
وقالت لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك إن طهران التي تواجه عقوبات اقتصادية صارمة بسبب برنامجها النووي تحاول إعاقة الوصول إلى الإنترنت في إيران. وقال نائب مدير لجنة حماية الصحافيين روب ماهوني “أوضاع الصحافيين المستقلين في إيران تزداد سوءاً يوماً بعد يوم. القيام بمحاكمات وسجن شهيرة محاولة تقوم بها السلطات لتخويف الإعلام وإجباره على الصمت وممارسة الرقابة الذاتية. يجب على المجتمع الدولي أن يتصدى لهذه التصرفات”.