حاوره في بيروت - عبداللطيف نصار:
أن تجلس إلى عالم دين سني فهذا أمر عادي، وأن تجلس إلى عالم دين شيعي فهذا أمر خاص لمحاولة فهم الآخر الذي نتشارك معه في دين واحد، وأن تجلس إلى عالم دين من آل بيت النبي فهذا أمر سوف يأخذك إلى أجواء النبوة وأنت ترى أحد الذين يحملون جينات النبي صلى الله عليه وآله سلم.
طيّب المعشر هادئ الصوت، يقبل عليك وكأنه يعرفك منذ سنين، يزن كلماته بميزان الذهب لما لها من أثر في من يسمعها، يرى أن الدين واحد والقرآن واحد والإله واحد ،وإن اختلفت بعض الفروع فالأصل واحد.
يدعو إلى التقارب والتفاهم ونبذ التوتر والتشاحن بين السنة والشيعة، يثمّن دعوة الأزهر للتقريب بين المذاهب ويرى في مصر دوراً محورياً للنهوض بوحدة الأمة، ويؤيد مطالب الشعب السوري في الحرية والعدل، ولكن ليس بسفك الدماء.
ويطالب بمراقبة الفضائيات المسمومة من السنة والشيعة والتي تبث سموماً غير حقيقية عن المذهبين، ويذهب إلى تحريم الإساءة إلى الصحابة وأمهات المؤمنين، ويؤكد أن مصحف الشيعة هو مصحف السنة ولا يوجد ما يطلق عليه مصحف فاطمة. ويدعو إلى دراسة الشيعة للمذهب السني للشيعة لإزالة الفرقة وتقريب وجهات النظر، وقد درس المذاهب السنية الأربعة علي يد والده المنفتح على الآخر العلامة سماحة السيد محمد حسين فضل الله، إنه المرجع الديني للشيعة في لبنان العلامة سماحة السيد علي حسين فضل الله الذي خصّ الأهرام بهذا الحوار في بيته الدافئ بالضاحية الجنوبية ببيروت وتنقله «الوطن» كما هو دون تغيير (مع بعض الاختصار):
^ كان الوالد سماحة المرجع الشيعي العلامة السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله من أكثر المراجع الشيعية انفتاحاً على الآخر، وداعياً إلى التقريب بين المذاهب، بالرغم من تلقيه العلم الشرعي والفقه في النجف الأشرف بالعراق، وبالرغم مما نعرفه عن تشدد المرجعيات العراقية والإيرانية تجاه الآخر، كان هو دون غيره أكثر المراجع الشيعية انفتاحاً، لماذا؟
- كان الوالد ينطلق في مواقفه المنفتحة من خلال فهمه للإسلام كدين يفتح الجسور مع الآخرين، انطلاقاً من أن الإسلام في تعامله حتى مع المشركين يقول على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين”، ولم يقل أنا على الحق وأنتم على الباطل، وإنما كان يفتح الجسور، وفي الواقع كلنا يبحث عن الحقيقة، وليكن هذا الجسر مفتاحاً للغة العقول، وباباً للوصول إلى الحقيقة، وبالتالي إذا كنا جادين للوصول إلى الحقيقة سنصل إليها، فالقرآن الكريم يقول “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله”.
وعلى المستوى الإسلامي كانت الدعوة من الله سبحانه إلى المسلمين أن يقول لهم “وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله”، أي عندما تختلفون فهناك مساحة واسعة للالتقاء على الله ورسوله، وقد تختلفون فيما بعد الرسول، ولكن عليكم الرجوع إلى الله ورسوله (ص) وستجدون الحل.
والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول للمسلمين في حجة الوداع “المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، لا ترجعنّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض”، ومن هذا المنطلق كانت دعوة سماحة الوالد إلى التعامل مع الواقع وتجاوز همومه بحثاً عن الوحدة الإسلامية.
^ وهل ما ذهب إليه سماحة الوالد لاقى ترحيباً من بقية مراجع النجف وإيران؟
- للأسف، فهم البعض مفاهيم الوالد خطأ، معتقدين أن الالتزام بالمذهب يقتضي الحفاظ على كل ما ورد في المذهب سواء كان صحيحاً أو غير صحيح، ولكن الوالد كان حريصاً على تأكيد الأمور الصحيحة في المذهب، ولكنه كان يناقش ما يعتبره من الأمور غير الصحيحة، وبالتالي انزعج البعض من ذلك، لأنه يرى أن الاقتراب من الوحدة الإسلامية يسيء إلى المذهب، وبالتالي كانوا يريدون التركيز على المذهبية لحماية المذهب ولو على حساب الدين.
^ ولكن بعض الأمور التي كان يراها الوالد غير صحيحة في المذهب الشيعي، هي ما تخيف الشارع السني في كثير من البلدان العربية والإسلامية، فهناك خوف من الهلال الشيعي القادم من إيران مروراً بالعراق وسوريا وأخيراً لبنان، وهناك تخوف أيضاً من نشر التشيع، فما هي تلك المظاهر التي كان الوالد وأنتم أيضاً ترونها غير صحيحة بالرغم من صدورها من بعض من ينتمون إلى المذهب؟
- هناك حقائق أساسية في المذهب، وكان الوالد يطالب بها مثل عدم جواز الإساءة إلى صحابة رسول الله (ص) أو أمهات المؤمنين، بل كان يرى أن هذا الأمر يصل إلى حد التحريم، وبعد وفاة والدي أشرنا نحن إلى ذلك أيضاً، مؤكدين أنه لا يجوز الإساءة إلى الصحابة وأمهات المؤمنين، ولابد من ضرورة فهم المذهب الشيعي من قواعده الأصلية، وليس البحث عن المذهب من خلال بعض الكتب التي قد لا تكون صحيحة. هذا يتطلب تحمل المسؤولية من الطرفين، وعلى الحكماء من المذهبين أن يظهروا للناس الحقائق، ولا يحملون الأمر أكثر مما يحتمل، وعلى الجميع -سنة وشيعة- أن يسعوا لتوحيد الأمة، وليس لتفريقها وتمزيقها.
^ هناك أيضاً من يقول إن الشيعة لا يؤمنون إلا بقرآن فاطمة الزهراء لاعتقادهم بتحريف المصحف الشريف، فأين الحقيقة حسب أصول المذهب الشيعي؟
- ليس هناك غير القرآن الكريم الذي تجده في كل المساجد الشيعية والسنية وبيوت المسلمين، وما تركته فاطمة الزهراء (ع) ليس قرآناً، ولكنه أحاديث عما نقلته عن أبيها صلى الله عليه وآله وسلم، وعن زوجها الإمام علي (ع)، ومن خلال فهمها مما كانت تعيه من الإسلام ومن والدها.
وكما إن هناك أحاديث غير صحيحة أو ضعيفة عند أهل السنة، هناك أيضاً مثلها عند الشيعة، وهذا يتطلب إعادة النظر في التاريخ الإسلامي، ولاسيما التاريخ الذي يترك أثراً سلبياً في علاقة المسلمين فيما بينهم، ونحن دائماً نطالب ونسعى للقاء على نقاط الاتفاق، وليس الفرقة، وهذا ما تعلمناه من الوالد ونحن على دربه سائرون.
^ وبالرغم من هذه الرؤية المنفتحة والواضحة في نهج السيد فضل الله وأنتم من بعده، إلا أن كثيراً من خطباء المساجد وشيوخ الفضائيات في المذهبين السني والشيعي يقدمون للناس ما يكرّه كل أهل مذهب في المذهب الآخر؟
- مع الأسف هؤلاء من المذهبيين الذين يركزون على نقاط الخلاف والاختلاف، ولا يركزون على نقاط الالتقاء، ويخالفون ما يريد الله سبحانه، وليس صحيحاً أن نحمل السنة كلاماً يقوله البعض، كما ليس صحيحاً أن نحمل الشيعة كلاماً يقوله البعض أيضاً، ولا بد من أن يتوقف هذا الشحن المذهبي لأنه ليس في صالح الأمة، ويجب أن نعرف كل مذهب من مصادره الصحيحة، وألا نأخذه ممن يسعون إلى إثارة الفتنة، أو من أصحاب الأفق الضيق الذين يرون أن حماية المذهب بهذا الأسلوب هو حماية للقضايا التي يؤمنون بها، وهذا غير صحيح.
ولذلك أطالب بمراقبة الفضائيات السنية والشيعية التي تروج للمفاهيم الخاطئة في المذهبين، كما أطالب المرجعيات الدينية في المذهبين أيضاً بأن تخرج عن صمتها، لمواجهة هؤلاء الذين يروجون للفتنة -وهم قلة- ولكن أصواتهم أعلى، وهم مستفيدون من إثارة الغرائز المذهبية التي تضر بالمذاهب وتضر الإسلام بشكل خاص، والمشكلة أن أصوات المنفتحين في المذهبين خافتة، ولا تسمع إلا في الدوائر الصغيرة، وهذا يتطلب من المرجعيات أن ترفع صوتها موضحة للناس حقائق المذهبين التي تدعو إلى الوحدة والتواصل وليس الفرقة والتناحر.
^ ومن هذا الفهم يقوم الأزهر الشريف كأكبر مرجعية سنية في العالم بتدريس المذهب الجعفري للطلاب لفهم المذهب الشيعي والتقريب بين المذاهب، فماذا فعل مراجع الشيعة لفهم المذهب السني وتوضيحه للشارع الشيعي؟
ـ نحن نثمّن دور الأزهر في تدريس العلماء الذين يحملون الدعوة إلى الناس من مصادره الأصلية، كما ندعو نحن أن يُدرّس المذهب السني من مصادره، وهناك حرص من الجانب الشيعي على ذلك، ولكن لدى من يعيشون الانفتاح على الآخر في هذا الإطار مثل السيد حسين فضل الله، ففي المعاهد الشرعية التابعة لنا يتم تدريس المذاهب السنية الأربعة الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي.
وقد درست شخصياً على يد والدي المذاهب السنية، وعشنا هذا الحال في البحوث الفقهية والنقاش العلمي ما يتيح للعالم الانفتاح على مناخ ثري ومتنوع في تعامله مع مختلف المذاهب الإسلامية. وهناك اتجاه في المذهب الشيعي موجود في الحوزات المنفتحة لدراسة المذاهب السنية، كما يدرس المذهب الشيعي، وذلك درءاً للتعصب وبروز الاختلاف الذي ينتج من الجهل بالآخر.
ونحن نؤكد أن هناك الكثير من القواسم المشتركة ونقاط الالتقاء بين السنة والشيعة، وندعو، ليس في الحوزات العلمية فحسب، بل في المساجد والمدارس، من أجل توضيح وتدريس المذاهب الإسلامية الأخرى، لإزالة التشنج بين أهل المذهبين الذي ينتج من الغربة التي نعيشها والتي جعلت المسلم أياً كان مذهبه يعتقد أشياء ليست صحيحة.
^ من وجهة نظركم الدينية، وباعتباركم من المراجع الدينية في لبنان، هل يمكن إحداث تقارب بين المذهبين السني والشيعي بالتعاون مع الأزهر الشريف؟
- نحن ندعو كل المراجع ليتلاقوا مع الأزهر الشريف في ما قدمه شيخ الأزهر الذي أطلق صوتاً مرتفعاً يدعو إلى الوحدة، ومن موقعنا ندعو الجميع سنة وشيعة، إلى أن يعملوا على تأييد وحدة الأمة، ولنا إن شاء الله لقاء قريب مع شيخ الأزهر ومفتي مصر، ونحن على ثقة أن لمصر دوراً رائداً في العمل من أجل الوحدة الإسلامية، وإزالة كل التوترات التي يراد لها أن تحدث في الواقع الإسلامي في الوقت الحالي، وإذا كان هناك خلاف سياسي بين المسلمين، فيجب ألا يكون مؤدياً للتشنج والفرقة.
^ وهل تعتقدون أن التقارب المصري الإيراني -إذا حدث- سيكون له دور في التقريب بين المذهبين السني والشيعي؟
- نحن نعتقد أن التلاقي ضروري بين المسلمين كافة، وخصوصاً بين مصر وإيران، وذلك لما لمصر من تأثير في الواقع الإسلامي العام، وكذلك دور إيران في الساحة الإسلامية بعامة والشيعية بشكل خاص، وهذا التقارب لا بد من أن يسعي الجميع إليه، ليسفر عن انفتاح وتصالح بين مصر وإيران، لإزالة التشنج، وهذا سوف يساعد على التقارب بين أطراف الدائرة الإسلامية.
^ وهل ترون خطراً علي الشارع الشيعي من صعود الإسلاميين لسدة الحكم في دول الربيع العربي؟
- بالعكس، نحن كشيعة نعتبر صعود الإسلاميين المنفتحين الحواريين أمراً إيجابياً، ومصدراً للتلاقي والتقارب، ولا نعتقد أن هناك أزمة للشيعة من ذلك، ولكننا نخشى من الذين يعيشون الانغلاق، ويرفضون الانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى، أولئك الذين يكفرون المذاهب المختلفة عنهم، وهم في الحقيقة يشكلون مشكلة، ولذلك نحن نؤيد صعود أية حركة إسلامية تنطلق من مبادئ الإسلام وتنفتح على الآخر الإسلامي وغير الإسلامي.
^ ولكن إيران الشيعية تدعم النظام السوري في قمعه للمطالبات الشعبية بالحرية والعدالة والتغيير، فهل موقفكم أيضاً كذلك؟
- نحن نقف مع قضية الشعب السوري لأننا ننظر إلى القضايا من منظار العدالة والتوازن وعدم الظلم، ونؤيد الموقف الحق ونرفض الظلم والمجازر، ولا نتطلع إلى الأشخاص أو الدول، لأننا مع الحق كما يقول الله تعالى “ولا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”. ولذلك نحن مع الموقف الحق، وضد الموقف الباطل، مع العدل وضد الظلم، ونحن ضد إراقة الدماء، ليس للمسلمين فحسب، بل للإنسان عموماً، ونخشى أن يكون ما يحدث في سوريا استنزافاً لها بعدما خرج أمر ما يحدث من إطاره الداخلي ليمتد إلى الإطار الإقليمي والدولي.
وبالنسبة إلى موقف إيران من الوضع في سوريا، فمن خلال معرفتي بالقادة في إيران، سمعت من بعضهم أنهم لا يؤيدون قصف المدنيين، ويرون أن الصراع لم يعد بين النظام والمعارضة، ولكنه أصبح صراعاً إقليمياً بين القوى الكبرى على الأرض السورية، ولذلك فإيران ترى الصورة في إطارها الإقليمي وليس الداخلي فقط.
^ ولكن البعض يرى أن ما يحدث في سوريا هو حرب بين النظام والسنة، بما يعني أن ما يحدث هو حرب مذهبية بين العلويين والسنة، فما رأيكم؟
- نخشى أن يكون الأمر مستفيداً من المناخ الطائفي والمذهبي السائد في المنطقة، ونتمنى ألا يتحول إلى فتنة مذهبية، بعدما تحول إلى صراع إقليمي ودولي وليس سورياً فقط.
^ إذا كان ما يحدث في سوريا مستعصياً على الحل لتحوله من الإطار الداخلي إلى الإقليمي، فإن شظاياه وصلت إلى لبنان، خاصة بين فريقين لبنانيين في طرابلس، كبرى مدن الشمال اللبناني، بين العلويين في جبل محسن، وبين السنة في باب التبانة، ما أوقع العديد من القتلى والجرحى، لمصلحة من ما يحدث في طرابلس من اقتتال بسبب الأحداث السورية؟
- ما يحدث في سوريا لن يفيد سوريا أو لبنان في شيء، كما إن المتصارعين لن يستفيدوا شيئاً، ونحن من موقعنا ندعو إلى حوار في الداخل اللبناني لتدارس ما يحدث في طرابلس، حتى لا يترك أثراً على الداخل اللبناني، فالشحن والتوتر قد يزداد، وقد يستفيد منه شخص أو موقع هنا أو هناك، وليس عيباً أن نختلف سياسياً، ولكن العيب أن يتحول هذا الاختلاف إلى توتر داخلي، وأعتقد أن الجميع داخل لبنان يدركون أنه لا فائدة من التوتر الحاصل نتيجة ما يحدث في سوريا، لأنه توتر سياسي أكثر منه أي شيء آخر.
^ وهذا التوتر في الداخل يدفع فريق “14 آذار” الذي يتزعمه تيار المستقبل السني، للمطالبة بنزع سلاح حزب الله الشيعي، خوفاً على الشارع السني كما يقال، فهل هذا الطرح صحيحاً؟
- نحن دائما نطلب من أهل السياسة أن يبعدوا المذاهب عن خلافاتهم السياسية، فلتظل السياسة في دائرتها السياسية بعيداً من الدائرة المذهبية، وليكن معالجة المطالب من منطلق سياسي لا طائفي.
^ مرت منذ أيام ذكرى غياب الإمام موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا منذ أكثر من 30 عاماً، وقيل إنه حي، وقيل إنه توفي، وقيل إن هناك معلومات جديدة من الجانب الليبي، فأين الحقيقة؟ وهل هناك جديد في هذا الأمر؟
- للأسف قضية الإمام موسى الصدر غامضة وتحتاج إلى توضيح، وحتى الآن لا نعرف كيف اختفى وأين، ولم نصل إلى حقيقة مؤكدة منذ اختفائه حتى الآن، فقد أخبرنا الجانب الليبي أنه توفي، فتم إجراء تحليل DNA على رفات قالوا إنها تعود إليه، ولكن التحاليل لم تثبت أنها له، ونحن ليس لدينا جديد، فالمعلومات كلها لدى الطرف الليبي الذي لم يخبرنا الحقيقة حتى الآن.
^ عشاق آل البيت من السنة والشيعة يطوفون بالأضرحة -الإمام الحسين والسيدة زينب في مصر مثلاً- يتمسحون بها ويطلبون منها العون والمدد، بل ويطلبون أحياناً أن تحل لهم مشاكلهم، فماذا تقول لهم وأنتم من آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟
- الإمام الباقر(ع) كان يقول: “أحبونا حب الإسلام، ولن تُنال ولايتنا إلا بالعمل”، وعلينا أن نتوجه بحاجاتنا إلى الله سبحانه، وليس صحيحاً أن نتوجه إلى أحد من الأولياء لنطلب منه حاجتنا، لأن أولياء الله كانوا يطلبون حاجاتهم من الله وحده، ومن حقنا أن نطلب من الله وليس من سواه.
^ كثيرون في الدول العربية يزعمون صدقاً أو جهلاً أنهم ينتسبون لآل البيت، معتبرين أن ذلك ميزة لتجعلهم أفضل ممن سواهم، فأين الحقيقة؟
- الأمر يحتاج إلى التثبت من النسب، ونحن ندعو إلى الوعي في هذا الأمر، لأن البعض قد يريد أن ينسب نفسه لآل البيت ليحصل على موقف ما أو امتياز في نفوس الناس، ونحن نؤكد أن الانتساب إلى بيت النبوة مسؤولية، فالإمام الصادق يقول لمن ينتسبون إلى آل البيت “الحسن من غيركم حسن، ومنكم أحسن لأنكم تنتسبون إلى رسول الله، والقبيح من غيركم قبيح، ومنكم أقبح لأنكم عندما تسيئون فإنكم تسيئون لنسبكم”، ولذلك فالانتساب إلى بيت النبوة يمثل مسؤولية كبيرة، وليعلم هؤلاء أنهم حين يصبحون بين يدي الله لن يكون للنسب أي أثر، وفي الواقع العملي فإن النبي (ص) يعتبر سلمان الفارسي “منا آل البيت”، بينما عمه أبو لهب كان كافراً ونزل فيه قرآن يصف كفره، والقضية هي كيف تعيش هذا النسب، فالله تعالى لا يحاسب الناس على أنسابهم ولكن على أعمالهم.