أكد وزير العمل جميل حميدان المنجزات المتحققة في البحرين والتوافق بشأنها حولت ملف العمال المفصولين من سبب للاحتقان والانقسام إلى عامل انفراج وارتياح عام وبما يسهم في تعزيز اللحمة الوطنية.
وقال، في بيان رد فيه على ما يكرره بعض الأشخاص في صحف محلية من معلومات وإشارات سلبية بشأن تعاطي الوزارة بالنسبة للشكوى المقدمة من منظمة العمل الدولية وكيفية التعامل معها إنه، بعد أن كانت شقة الخلاف واسعة بين الأرقام التي تعلنها الحكومة وتلك التي يعلنها الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في ما يخص العائدين إلى أعمالهم، بات الطرفان متفقان على أن ما لا يقل عن 92% من المفصولين عادوا إلى أعمالهم حينذاك، وأن الحالات المتبقية موضع متابعة مع الشركات المعنية وأن جهوداً جادة ومتصلة تبذل لمعالجتها. مشيراً إلى تصريح سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، المنشور بتاريخ 14 سبتمبر 2012، أن الحكومة اتخذت جميع الإجراءات الهادفة إلى إنهاء ملف المفصولين وإغلاقه نهائياً وأنها ستتابع باهتمام أية قضايا تتعلق بهذا الشأن، مؤكداً أنه تمت بالفعل تسوية العديد من الملفات المتبقية والعالقة وإنهاؤها، وكذلك ترحيب الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، المنشور في اليوم التالي، بتصريح سموه وبدعمه إغلاق هذا الملف نهائياً.
وأعرب عن تطلع الوزارة إلى الوصول بهذا الجهد إلى نهايته مع ما واجهه من عراقيل وصعوبات وصولاً إلى اتفاق أطراف الإنتاج الثلاثة في البحرين على رفع طلب موحد بإلغاء الشكوى واستبعادها بصفة نهائية، واستمرار التعاون الإيجابي مع منظمة العمل الدولية لاستكمال مسيرة العمل الناجحة، وأن يضع الجميع يده في يد بقية الأطراف لمواجهة أية مشكلات بروح من المسؤولية الوطنية العالية والرغبة الصادقة في إعلاء شأن ومكانة مملكة البحرين والحفاظ على مكتسباتها بعيداً عن التدخلات الخارجية طالما أن قنوات الحوار والتعاون البناء مفتوحة وقائمة ومتطورة بين الأطراف ذات العلاقة، وبعيداً عن التجاذبات السياسية الطائفية الضارة.
وأوضح الوزير أن مملكة البحرين مرت خلال العام 2011، بالكثير من المصاعب والآثار التي ترتبت على الأحداث المؤسفة خلال شهري فبراير ومارس من العام الماضي، وانعكست على العديد من الجوانب الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، ومن أكثر الآثار المؤسفة تقديم ممثلي (12) من الاتحادات العمالية الأجنبية (تقتصر العربية منها على تونس والجزائر) في الدورة رقم (100) لمؤتمر العمل الدولي المنعقدة في جنيف في يونيو 2011، شكوى ضد مملكة البحرين بزعم أنها انتهكت اتفاقية العمل الدولية رقم (111) بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة، على خلفية موضوع العمال المفصولين في البحرين والأحداث المؤسفة التي شهدتها المملكة وما أثير حول المساس بالحريات النقابية في البحرين حينئذ، وقال: إن المستغرب في هذه الشكوى إنها امتدت لتمس المنجزات والتجارب الرائدة التي تبنتها مملكة البحرين منذ أمد طويل، ومنها المنجزات والمكاسب العمالية، متناسية أن مملكة البحرين في إطار المشروع الإصلاحي، أرست نظاماً ديمقراطياً واعداً واتخذت خطوات جادة ومتقدمة لحريات نقابية ومكتسبات عمالية مشهودة على نحو غير مسبوق في المنطقة، وهي مكتسبات ومنجزات معروفة، كانت ولاتزال موضع إشادة من قبل المجتمع الدولي.
وبين الجهود التي بذلتها البحرين تجاه معالجة هذه في منظمة العمل الدولية، والسياسات والموجهات التي تؤطر تحركاتها بهذا الخصوص، وبالذات في ضوء ما نشهده من محاولات مستمرة لحرف الحقائق وتشويه جهود المملكة ومبادراتها في هذا الشأن، خاصة مع قرب موعد الجلسة المقبلة المحددة للنظر في الشكوى في نوفمبر المقبل.
وأشار الوزير إلى أن الوزارة وضعت نصب عينيها وبعد التشاور مع الجهات المختصة والجهات القانونية الخارجية كافة التي استعانت بها المملكة الأسس المرجعية والموجهات العامة التي تسترشد بها لتحديد سير التعامل مع مضمون وإجراءات هذه الشكوى وكيفيته، من خلال التوجيهات السامية لجلالة الملك بإعادة جميع المفصولين ممن لم تثبت بحقهم أية أحكام جنائية أو تكون لهم قضايا منظورة أمام النيابة العامة أو المحاكم إلى أعمالهم ودعوة جلالته للتسامي فوق الجراح وإشاعة روح المحبة والتسامح لتكريس مبادئ حفظ حقوق ومصالح العمال جميعاً في دولة القانون، إضافة إلى الأوامر الصادرة عن صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء، بمتابعة تنفيذ التوجيهات السامية، ودعم الحكومة الرشيدة وكبار المسؤولين الحكوميين وتعليماتهم، والمتابعة المستمرة لسير العمل من قبل سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة.
وقال إن من بين تلك الأسس التي اعتمدتها الوزارة تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي ترأسها البروفيسور محمود شريف بسيوني، ومقررات الفريق الحكومي لمتابعة تنفيذ التوصيات برئاسة سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، واللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة السيد علي بن صالح الصالح، رئيس مجلس الشورى، حيث اشتملت متابعاتها على القضايا العمالية والنقابية، مؤكداً أن مملكة البحرين هي دولة قانون ومؤسسات، وأنها ملتزمة بتنفيذ قوانينها الوطنية، فضلاً عن التزاماتها الدولية، المتمثلة في التزاماتها تجاه دستور منظمة العمل الدولية والاتفاقات التي صدقت عليها المملكة، مثل الاتفاقية رقم (111)، إضافة إلى تأكيد مملكة البحرين حرصها على المحافظة على إنجازاتها الوطنية المشهودة على الصعيد العمالي.
وأوضح الوزير الإجراءات والوسائل التي اتخذتها الوزارة في النهوض بواجباتها تجاه الشكوى، وقال: إن الوزارة كثفت الجهود والإمكانات كافة للإسراع بمعالجة المشكلة وطي ملف المفصولين على خلفية الأحداث الأخيرة وضمان عودة العمال المفصولين والموقوفين إلى أعمالهم في أقرب فرصة ممكنة، والتعاون مع إدارات الشركات لإعادة العمال الذين ثبت أن فصلهم من دون وجه حق إلى أعمالهم وفقاً للتوجيهات الملكية السامية والأوامر والتعليمات الحكومية.
وأضاف: «عملت الوزارة على تحقيق توافق وطني لمعالجة هذا الملف وإزالة التعارض والخلافات المتعلقة بالنتائج المتحققة والأرقام والإحصاءات في هذا المجال، والسعي للاتفاق على حجم وأهمية المنجزات المتحققة بما يؤدى إلى قيام الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وغرفة تجارة وصناعة البحرين ممثلة لأصحاب الأعمال بالوقوف والمشاركة بتنفيذ التوجيهات الملكية السامية والجهد الحكومي البارز الذي تحققت معه النتائج الإيجابية المشهودة، وبما ينعكس على المناخ الاجتماعي والسياسي في مملكة البحرين ويحقق ارتياحاً عاماً لدى مختلف الأطراف، مشيراً إلى الحرص على استمرار التعاون بين أطراف الإنتاج الثلاثة واستمرار الحوار الثلاثي والتأسيس لحوار بناء مع الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين على وجه خاص استجابة لتوصيات منظمة العمل الدولية والمنظمات العمالية والحقوقية الأخرى التي زارت مملكة البحرين، واعتبار هذه المبادرة مثالاً يحتذى به لكيفية تحقيق الانفراج والتفاهم وإدارة الخلافات بين أطراف الإنتاج، مما كان له أثر إيجابي كبير على موقف تلك المنظمات من الشكوى.
وأكد الوزير أن الوزارة وحدت الجهود لمنع المساس بسمعة مملكة البحرين ومكانتها في الخارج والحيلولة دون قبول الشكوى أو أية ادعاءات غير صحيحة أو أي مساس بمنجزات ومكاسب البحرين المتحققة والمشهودة على الصعيد العمالي، من خلال التعاون مع المنظمات الدولية بشفافية وتمكينهم من الاطلاع على الإنجازات الوطنية المتحققة في هذا المجال، مستمرة بنهجها بتطبيق مبادئ الشفافية في إطار معالجة ملف المفصولين، بإطلاع الرأي العام والجهات المعنية كافة من خلال مختلف وسائل الإعلام على مستجدات الملف، إذ تم بث البيانات والإحصاءات المتعلقة بالمنجزات المتحققة ونشرها أولاً بأول.
وقال الوزير إن من أبرز النتائج المتحققة من هذه الجهود كان عدم موافقة مجلس إدارة منظمة العمل الدولية على قبول الشكوى بصفة رسمية والاكتفاء باتخاذ توصيات وتوجيهات لتسوية أسباب الشكوى ومعالجتها من قبل الجهات المعنية داخل مملكة البحرين، وإزالة الخلاف المثار بشأنها بين الوفد الحكومي والوفد العمالي (الاتحاد العام الذي يحوز على عضوية مجلس إدارة منظمة العمل الدولية) عن طريق الاتفاق على الخطوات المنجزة في هذا الملف بعيداً عن الخلاف والمنازعة، حيث تمثلت أبرز النتائج المتحققة، مشيراً إلى أن الجهود المكثفة التي قامت بها حكومة البحرين في معالجة ملف المفصولين حظيت بتقدير مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، في اجتماعه رقم (312) الذي عقد في (جنيف- نوفمبر2011)، إذ قرر مجلس الإدارة تأجيل النظر في قبول الشكوى وإتاحة الفرصة أمام معالجتها على الصعيد البحريني الوطني الداخلي، وتم توجيه أطراف الإنتاج البحرينية الثلاثة بتشكيل لجنة ثلاثية تضم ممثلين عن حكومة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، ثم عرض نتائج عمل اللجنة الثلاثية على المجلس بحيث يكون هناك توافق على الأرقام والبيانات الإيجابية والنتائج المتحققة، وبذلك تكون الوزارة نجحت بحصر معالجة الموضوع على النطاق المحلي بعيداً عن التدخلات الخارجية.
وأضاف أن أطراف الإنتاج الـ3 في مملكة البحرين وقعت اتفاقية ثلاثية في 11 مارس 2012، بحضور وفد من خبراء منظمة العمل الدولية، وشكلت هذه الخطوة نقلة نوعية في معالجة ملف المفصولين بصفتها الخطوة الأولى نحو تحقيق التوافق بين أطراف الإنتاج في ما يتعلق بالاعتراف بالمنجزات المتحققة والاتفاق على الأرقام والإحصاءات الصحيحة المتعلقة بالمفصولين والعمال الذين تمت إعادتهم لأعمالهم، ومعايير إرجاعهم لأعمالهم وآلية العمل لتنفيذ ذلك، كما عكست هذه الخطوة توافق ممثلي منظمة العمل الدولية مع ممثلي أطراف الإنتاج البحرينية في معالجة ملف المفصولين والتعاطي بإيجابية مع قرار مجلس إدارة المنظمة تأكيداً لقدرة البحرين على معالجة قضاياها محلياً بمشاركة الأطراف المعنية.
وأكد الوزير أنه في إطار ارتياح القيادة الرشيدة وترحيبها بالنتائج الإيجابية المتحققة من وراء توقيع الاتفاق الثلاثي، تشرف رئيس وأعضاء الأمانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بلقاء جلالة الملك في 21 مارس 2012، وأشاد جلالته بالاتفاق الثلاثي وبجهود الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في مسيرة التنمية والإنتاج، وأشار جلالته إلى أنه لا يقبل أن يكون أحد من أبناء البحرين عاطلاً عن العمل أو قطع راتبه من دون وجه حق، وأنهم جميعاً أبناؤه، ونوه في هذا الصدد باهتمام وزارة العمل المستمر لإعادة المفصولين إلى أعمالهم، وبمساندة جلالته لهذه الجهود الموفقة.
وأشار الوزير إلى التغيير والتطور الإيجابي الواضح في موقف الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في التعامل مع هذا الملف، وقال إن الأمانة العامة للاتحاد العام أظهرت تكراراً إشادتها وتقديرها للتوجيهات السامية لجلالة الملك، ومساندته لأبنائه العمال في جميع الظروف ورعايته لقضاياهم، مثمنة بصفة خاصة توجيهات جلالته وعنايته بموضوع المفصولين وإعادتهم إلى أعمالهم، كما أشاد الاتحاد تكراراً بجهود الحكومة الموقرة في معالجة ملف المفصولين تحديداً كنتيجة للجهود المضنية التي بذلتها أطراف حكومية جادة ومخلصة، واعتراف وتقدير الاتحاد العام بالمنجزات الحكومية في رعاية عمال البحرين. وقد أسفر هذا التغيير عن نتائج إيجابية انعكست على طبيعة العلاقة الثنائية وتحقيق مصالح العمال بشكل أفضل.
وأضاف أن مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في اجتماعه اللاحق المنعقد في (جنيف - مارس 2012)، أشاد بالتقدم الذي أحرزته مملكة البحرين وتأكيده تعليق النظر في الشكوى والاستمرار في عدم قبولها ودعوة أطراف الإنتاج البحرينية الثلاثة إلى الاستمرار في معالجة الملف على الصعيد الوطني، مستنداً في قراره هذا إلى مجموعة حقائق، منها عودة الغالبية العظمى من المفصولين إلى أعمالهم مما يعني أن المملكة أوفت بالتزاماتها إلى حد كبير وبذلت جهوداً مكثفة وملموسة في هذا المجال وباتت موضع تقدير من أعضاء المجلس.
واعتبر الوزير سماح مملكة البحرين بالتعددية النقابية إحدى ثمار التعاون مع منظمة العمل الدولية والاستفادة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال، مشيراً إلى أنها خلال سعيها لترسيخ المكانة المرموقة التي حققتها على صعيد المنطقة العربية في مجال الحريات النقابية، واستجابة لما نصت عليه اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، قررت مملكة البحرين السماح بالتعددية النقابية من أجل كسر الاحتكار وإتاحة المجال للتنافس الشريف بعيداً عن أية منزلقات طائفية أو فئوية في إطار تقديم المزيد من المنافع للعمال وخدمة قضاياهم، معرباً عن أمله في أن يسهم ذلك في إنجاح الجهود المشتركة ودعمها لمعالجة أية آثار سلبية في إعلاء صورة مملكة البحرين ومكانتها في الخارج.
وأكد الوزير أن كل ما تحقق في هذا المجال يصب في مصلحة البحرين وتطلعاتها نحو معالجة الأمور بصفة هادئة بعيداً عن التدخلات الخارجية، وقال إن إظهار حرص البحرين على الالتزام بمعايير العمل الدولية وعلى الأخص من خلال الحوار الثلاثي، والتعاون والعمل المشترك بين الأطراف البحرينية المعنية باللحمة الوطنية ويقوي النسيج الاجتماعي ويطور العلاقات بين العمال وأصحاب العمل من ناحية، والعمال أنفسهم داخل المنشآت من ناحية أخرى، كما يسهم بتوفير البيئة الإيجابية الصحية اللازمة لرأب الصدع في العلاقات الاجتماعية، وبالتالي يطور اقتصاد المملكة ويحقق المزيد من النمو الاقتصادي، إضافة إلى الحفاظ على المكانة المرموقة التي حققتها المملكة على الصعيدين العربي والدولي.