إن العنف الممارس ضد المرأة، هو أحد المشكلات الصحية الكبرى وأحد صور انتهاكات حقوق الإنسان.
وقد تنشأ هذه المشكلة بسبب قلة التعليم، وقلة خبرات الشخص في الحياة، إضافةً إلى قلة المراكز الاجتماعية لتوعية وتثقيف الناس حول هذه المشكلة.
والذي لاشك فيه أن هذا العنف يؤثر على المرأة جسدياً، ونفسياً، وجنسياً، وإنجابياً.
تتنوع العوامل المؤدية إلى هذا بين الأسباب الثقافية، والاقتصادية، والتربوية إلى جانب منظومة العادات والتقاليد البالية.
فمن الأسباب الثقافية أن يأتي الجهل وعدم القدرة على التعامل، واحترام الآخرين على رأس الأسباب الثقافية المؤدية إلى هذه الظاهرة إضافة إلى مشاعر الغيرة التي قد تنتاب الرجل الشرقي من تفوق النساء تعليمياً وثقافياً عليه، مما يؤدي إلى تعويض النقص الثقافي الذي يعاني منه باللجوء إلى العنف ضد المرأة، أما عن الأسباب التربوية فإن الابن ينظر إلى الأب، وهو يضرب الأم، لذا فإن الطفل عندما يكبر يتعامل بعنف، ويقلد الأب في تصرفاته.
أما بالنسبة إلى الأسباب الاقتصادية فإن بعض الرجال يلجؤون إلى العنف على الزوجة والأبناء، كونهم يصرفون عليهم، ويبلغ بنسبة هؤلاء الرجال للأسف إلى ما يقارب من 45% من حالات العنف الموجهة ضد المرأة.
أما فيما يتعلق بالعادات والتقاليد فإن تميز الذكر على الأنثى في كل شيء، وتعويد المرأة على تحمل كل ما يأتيها من الرجل وتقبل كل شيء بسبب كونها امرأة ويعتبر من أهم العادات والتقاليد البالية المتسببة في استمرار هذه الظاهرة.
وتعتبر المرأة أحد العوامل المسؤولة عن استمرار العنف ضدها بسبب تقبلها أو تسامحها أو سكوتها، مما يحرض الطرف الآخر على التمادي عليها أكثر وأكثر.
وقد أشارت الدراسات فيما يتعلق بالعنف الجنسي، أن هذا النوع من العنف يتراوح بين اغتصاب الزوجة وإجبارها على ممارسة العلاقة الحميمية، إضافةً إلى الاعتداء الجنسي على الأطفال من الإناث داخل الأسر، والاعتداء الجنسي الذي تتعرض له الإناث بالخطف أو الاغتصاب.
أما فيما يتعلق بالعنف النفسي والعاطفي فهناك عدد من الدراسات قد ركزت على ممارسة العنف النفسي، والعاطفي ضد المرأة في أماكن كثيرة من العالم، وأوضحت من منظمة الصحة العالمية أن ما يتراوح بين 20 و70% من النساء يتعرضن لأعمال الإساءة العاطفية، والابتزاز النفسي من جانب الذكور.
وكشفت دراسات منظمة الصحة العالمية أيضاً أن ما يتراوح ما بين 40 و70% من النساء يقتلن بأيدي أزواجهن أو أصدقائهن.
ويعد ختان الإناث واحد من أبشع طرق العنف الممارس ضد الإناث يقدر أن أكثر من 130 مليون بنت يعشن اليوم قد تعرضن لهذه العملية.
ولعل من أخطر النتائج النفسية والصحية المترتبة على ممارسة العنف ضد النساء ما استغرق عنه الأبحاث من ارتفاع في معدلات الاكتئاب، واضطرابات النوم، وتدهور الحالة الصحية، والصداع المزمن، فضلاً عن ارتفاع معدلات الانتحار بين الإناث، وارتفاع معدلات الحمل غير المرغوب فيه والنتائج عن الاغتصاب، فضلاً عن ارتفاع الإصابة بمرض نقص المناعة (الإيدز).
إن معالجة هذه الظاهرة يحتاج إلى الرجوع إلى القانون الإلهي الذي يعطي للمرأة حقوقها الكاملة ويؤكد كرامتها ويوفر لها الحماية والحصانة الكاملة، وتطبيق، ومعاقبة بمن يقوم بالعنف ضد المرأة لكي تحس المرأة بأمان، ولابد أيضاً من التوعية الاجتماعية للمرأة حتى تعرف حقوقها، ونشر ثقافة احترام المرأة وتقديرها، وعن وسائل الإعلام المرئية أنها تلعب دوراً في التوعية المجتمعية بهذه المشكلة، وكذلك إنشاء مؤسسات تقوم بتعليم الأزواج كيفية التعامل مع بعضهم البعض بطريقة صحيحة ومراعاة حقوقهما المتبادلة تجاه الآخر. الدكتور حميد اليماني يحدد نقاطاً للحل، أوردها من أجل الفائدة، أولاً نشر ثقافة الحوار وتقبل الرأي ورأي الآخر. ثانياً إصدار التشريعات والقوانين في تجريم العنف ضد المرأة وتطبيقها بشكل كامل وصارم ونشرها في المجتمع.
أما بالنسبة للنقطة الثانية فإن مجلس النواب مطلوب منه العمل السريع تجاه هذا الملف. ثالثاً إفساح المجال وتشجيع المرأة في العمل والاستقرار الاقتصادي وهناك الكثير من النساء ترضخ اقتصادياً. رابعاً توفير مراكز الإرشاد الأسري مما يسهل الوصول إليها وتقديم مختلف البرامج لرفع الوعي المجتمعي بشكل عام والإرشاد اللازم للأسرة المعرضة والمقبلين على الزواج. وخامساً توفير مراكز لإعادة التأهيل لمجموعة من الناس الذين هم معرضون لممارسة العنف مثل الشخصيات غير السوية والمدمنين على المخدرات والكحول والأطفال المراهقين الذين عاشوا في أسر يسودها العنف.
أمينة عيسى قمبر