كتب مهند أبو زيتون:
لا يبدو تغيير وكالات الأنباء اللغة والخلفيات المستخدمة في أخبارها عفوياً أو جزءاً من سياق التفاعل اليومي مع الحدث. الملاحظة وحدها كفيلة بتقصي الفعل الإرادي وراء هذا التغيير حسب مقتضيات المرحلة إعلامياً وسياسياً.
فعل «سحقت» الذي كان ينسب للحكومة في سياقات الأخبار عن أحداث البحرين، يصبح «أنهت» في مرحلة ثانية، وفي ثالثة تتبدل الخلفية الثابتة جذرياً ليشار إلى أن «البحرين تتهم إيران بالتدخل وتأجيج الأوضاع». ولا علاقة واضحة لذلك برغبة تقديم الحدث كما هو، بل إنه يشي بتورط أكبر للتوجيه السياسي غير المباشر. وإذا كانت لعبة الإعلام قائمة على الإقناع والتأثير، فإن أزمات المنطقة في «الربيع العربي» فرضت على وسائل الإعلام العربية والعالمية ربما تغليب الدعاية على مساحات بثها مع الحفاظ على قواعد شكلية لا تظهر ناجحة في إلباس الدعاية ثوب إعلام يخبر الجمهور «ماذا حدث؟»، أو في إخفاء طبيعة الإعلام كأحد تبعات السياسة، ولم يعد صعباً على الجمهور معرفة السياسة التي تقف وراء أي وسيلة وتغذيها.
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية نشرت مؤخراً خبراً بعنوان «الغوغاء المعادون للولايات المتحدة في حالة هيجان»، مشيرة إلى المظاهرات التي أعقبت فيلم «براءة المسلمين». وبينما يبدو العنوان «فجاً» في إعلام غربي متفاوت لكنه يستميت في إعلان تمسكه بفصل الرأي عن الخبر، فإن «الأزمات» تبدو له ظرفاً موضوعياً مناسباً لكسر القاعدة بوضوح، كما إن زلازل المنطقة فتحت شهية حتى وكالات الأنباء لممارسة أدوار إعلامية ضاغطة سياسياً على أطراف الصراع، فهل يكثر الحديث عن «المهنية» وتقل «الحقيقة»؟ وهل تنتعش الدعاية ويغيب الإعلام؟