عواصم - (وكالات): أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن طائرة الركاب السورية التي تم اعتراضها مساء أمس الأول في تركيا أثناء توجهها من موسكو إلى دمشق كانت تنقل «ذخيرة» ومعدات عسكرية إلى دمشق. وأضاف أردوغان في خطاب متلفز أن «حمولة الطائرة الإيرباص 320 كانت تشمل معدات وذخيرة مرسلة إلى وزارة الدفاع السورية من مصنع روسي لإنتاج العتاد العسكري».
وتسبب الحادث في أزمة دبلوماسية بين موسكو وأنقرة، فيما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها «طلبت من أنقرة توضيحات لأسباب اعتراض الطائرة السورية واتهمت تركيا بـ «تعريض من عليها من ركاب روس للخطر». كما نفت السلطات الروسية وجود أسلحة في الطائرة». واتهمت دمشق أنقرة بـ «العدائية» تجاهها بعد الحادث، في مؤشر جديد على ارتفاع نسبة التوتر بين البلدين على خلفية النزاع الدامي الذي تشهده سوريا منذ نحو 19 شهراً.
وعلى الأرض، تستمر العمليات العسكرية على أشدها بين القوات النظامية والمجموعات المقاتلة المعارضة التي تحاول قطع طريق الإمداد لقوات النظام إلى مدينة حلب حيث تدور معارك دامية منذ ثلاثة أشهر، وقد أحرزت تقدماً في هذا الإطار خلال الساعات الأخيرة.
وفي وقت لاحق، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «انفجاراً عنيفاً» وقع مساء أمس أمام مبنى القضاء العسكري بالقرب من وزارة التعليم العالي في حي المزة في دمشق، و»لم ترد معلومات عن حجم الخسائر». ووصف بيان صادر عن وزارة الخارجية السورية اعتراض طائرة تابعة لمؤسسة الطيران العربية السورية وإجبارها على الهبوط في أنقرة بأنه «تصرف معاد ومستهجن»، معتبراً أنه «مؤشر إضافي على السياسة العدائية التي تنتهجها حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان». وطالبت الحكومة السورية السلطات التركية «بإعادة باقي محتويات الطائرة كاملة وبصورة سليمة»، مشيرة إلى أن الطائرة لم تكن محملة بسلاح أو بـ «بضائع محرمة».
وكان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو صرح أن تركيا صادرت «شحنة مشبوهة غير قانونية» من طائرة سورية اعترضتها طائرات عسكرية وهي في طريقها من موسكو إلى دمشق.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن مسؤولين قولهم إنهم اشتبهوا بأن الطائرة تنقل أسلحة. وذكرت قناة التلفزيون «ان تي في» التركية أن الشحنة قد تكون تحوي قطع صواريخ، بينما قالت محطة «تي ار تي» الحكومية إنها معدات اتصال. لكن مصدراً في أجهزة تصدير الأسلحة الروسية صرح أن الطائرة لم تكن تنقل أسلحة، «ولا عناصر لصنع أسلحة». واتهمت الخارجية السورية السلطات التركية بـ «الخرق الفاضح» للقوانين والمعاهدات «عبر إجبار الطائرة عسكريا على الهبوط». وأشار بيان الخارجية السورية إلى أن هذا التصرف «عرض سلامة الطائرة والركاب للتهديد» نتيجة «الظهور المفاجئ للطائرات العسكرية دون أي مبرر أو سابق إنذار بالإضافة إلى احتجاز الركاب المدنيين لساعات طويلة بشكل غير إنساني وإساءة معاملة طاقم الطائرة».
وبعد الحادث، حذرت أنقرة شركات الطيران التركية من دخول المجال الجوي السوري تفادياً لتعرضها لإجراء انتقامي محتمل، بحسب وكالة أنباء الأناضول.
وطالبت موسكو من جهتها تركيا بإيضاحات، مؤكدة أن أنقرة عرضت حياة الركاب الروس وعددهم 17 «للخطر».
من جهة ثانية، أعلن مسؤولون أتراك أن سوريا أوقفت قبل أسبوع وارداتها من الطاقة الكهربائية من تركيا بسبب أضرار لحقت بشبكة التوزيع نتيجة الحرب القائمة في البلاد، على أن يتم استئنافها إذا طلبت سوريا ذلك. من جهة أخرى، أرجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة مقررة إلى تركيا كانت مقررة في 15 أكتوبر الجاري، بحسب ما أكد متحدث باسمه. ثم أعلن مكتب رئيس الوزراء التركي أن بوتين سيزور تركيا في 3 ديسمبر المقبل.
وفي وقت لاحق، قال مسؤولون بوزارة الخارجية التركية إنه تم استدعاء سفير روسيا في تركيا على خلفية أزمة الطائرة السورية.
ميدانياً، استولى مقاتلون سوريون معارضون على نحو 5 كيلومترات من الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب قرب مدينة معرة النعمان الاستراتيجية التي سيطروا عليها قبل يومين، بحسب ما أفادت تقارير. وتشكل معرة النعمان ممراً إجبارياً لتعزيزات الجيش المتجهة إلى مدينة حلب التي تشهد معارك دامية منذ ثلاثة اشهر.
وقال المسؤول في المكتب الإعلامي للناشطين المعارضين في معرة النعمان فراس عبد الهادي إن نحو 300 شخص قتلوا في 3 أيام في المدينة، بينهم 190 جندياً نظامياً.
وقالت مصادر متطابقة إن بين هؤلاء الضحايا 65 سجيناً أُعدموا في دقائق قبل انسحاب الجنود من المواقع التي هاجمها المقاتلون المعارضون. من جهة ثانية، قتل 70 شخصاً في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا أمس.
وتواصل القصف على أحياء يسيطر عليها المعارضون في مدينة حمص في وسط البلاد، وعلى مدينة القصير في الريف. وأوضح مصدر عسكري سوري أن القوات النظامية بدأت حملة للسيطرة على معاقل المقاتلين المعارضين في حمص وريفها تأمل في إنهائها قبل نهاية الأسبوع الجاري. وقتل 8 أشخاص وأصيب 8 آخرون بجروح فجر أمس في «اعتداء مجموعة إرهابية» على حافلة تقل عمالاً سوريين بعد دقائق من اجتيازها معبراً حدودياً مع لبنان، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا».
وفي أثينا، أعلنت السلطات اليونانية التخطيط لإيواء 20 ألف لاجئ سوري على جزيرتين يونانيتين، في إطار التزاماتها بملف حقوق الإنسان.
دبلوماسياً، وصل الوسيط الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي إلى مدينة جدة السعودية «محطته الأولى في جولته الثانية على المنطقة»، كما أعلنت الأمم المتحدة، مشيرة إلى أنه سيجري في المملكة «لقاءات موسعة تتناول الأزمة في سوريا».
وكان الإبراهيمي قام بأول زيارة له إلى الشرق الأوسط منتصف سبتمبر الماضي وتخللتها خصوصا زيارة إلى دمشق التقى خلالها لقاء مع الرئيس بشار الأسد.
من جانبه، اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن هناك «خطر» تصعيد بين تركيا وسوريا، مشيداً بـ «ضبط النفس» الذي تحلت به أنقرة لمنع تدهور الأوضاع.