بين حقول الأرز وأشجار جوز الهند في جزيرة بالي الرائعة، يتمدد رجل موثوق الكاحلين على سرير خشبي قديم في حديقة.. هكذا يعيش 15 ألف مريض عقلي في إندونيسيا بسبب غياب الرعاية الصحية.
يعاني إي كيتوت لينغا البالغ من العمر 54 عاماً من الفصام وقد كبلت عائلته كاحليه بسلاسل فولاذية ثقيلة منذ ثلاثين سنة.
وفي إندونيسيا أكثر من 15 ألف شخص يعانون أمراضاً عقلية.
وقدرت منظمة الصحة العالمية، التي احتفت الأربعاء باليوم العالمي للصحة العقلية، عدد الأشخاص الذين يعانون اكتئاباً أو اضطراباً عقلياً في العالم بأكثر من 350 مليون شخص.
وفي غالبية البلدان، لاحظت المنظمة أن طريقة معاملة المرضى النفسيين تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان.. فهم يتعرضون لقيود جسدية وللعزل ويحرمون من حقوقهم الأساسية.
وفي معظم الأحيان، لا يتحرك لينغا ولا يتكلم إلا نادراً لكن عندما تنتابه نوبة، قد يهاجم أفراد عائلته في منطقة كارانغاسم شرق بالي.
وتقول زوجة شقيقه «هاجمني في أحد الأيام ومزق ملابسي وحاول أن يخنقني فكبلناه مذاك الوقت، لم يكن أمامنا خيار آخر». كان لينغا في العشرينيات عندما بدأ يشكل خطراً على الآخرين. وقد زار ثلاث مرات أطباء في مستشفى الأمراض النفسية في الجزيرة فاكتفوا بمعالجته بالعقاقير. وكان المبلغ الذي يدفعه في كل مرة يشكل عبئاً على عائلته.
وتقول الدكتورة لوه كيتوت سورياني إن هناك نحو خمسين مريضاً عقلياً مكبلاً في منطقة كارانغاسم وحدها. وقد اكتشفت هذه الطبيبة النفسية وضعهم قبل حوالي عشر سنوات بينما كانت تجري بحثاً حول ارتفاع معدلات الانتحار في المنطقة.
ومذاك الوقت، تكرس سورياني وثلاثة متطوعين وقتهم لمعالجة نحو 700 مريض من أصل 895 مريضاً تقريباً في الجزيرة ويقدمون إليهم العقاقير والمساعدة ويعلمونهم أيضاً التأمل والغناء.
وتشير إلى أن هذا النوع من العلاجات يسمح للمرضى بالاستغناء عن العقاقير في 31% من الحالات.
وقد قدمت حكومة بالي حوالي 400 ألف يورو سنة 2009 إلى الدكتورة سورياني لكنها توقفت لاحقاً عن مدها بالمال بسبب انتقادات طالت الطرق التي تستخدمها هذه الطبيبة النفسية.
وأظهر استطلاع أجرته وزارة الصحة الإندونيسية سنة 2007 أن 11.6% من الإندونيسيين أي أكثر من 27 مليون نسمة يعانون اضطرابات عقلية وأن 5% من المرضى فقط يتلقون العلاج.
ويعود السبب بحسب الوزارة إلى أن 2% فقط من الميزانية تخصص للصحة، منها 1% للصحة العقلية.
وفي إندونيسيا التي تحتل المرتبة الرابعة في العالم من حيث الاكتظاظ السكاني وتضم 240 مليون نسمة، هناك 48 مستشفى للأمراض النفسية و700 طبيب نفسي فقط.