^ «نحن من أهل الشيعة الشرفاء نؤيد الاتحاد الخليجي قلباً وقالباً ونريد العيش بأمان نحن وأبناؤنا” كانت العبارة السابقة إحدى تعليقات القراء على مقال لي سابق عن الاتحاد الخليجي، فصلت فيه القول عن أنواع الذين يعترضون على تحقيق هذا الحلم، وفي الحقيقة لم تفاجئني العبارة التي علق بها القارئ الكريم على المقال، فأنا أعلم كثيرين من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة الذين يؤمنون حتى النخاع بعروبة هذا الوطن، ولا يرون له امتداداً سوى في عمقه الخليجي والعروبي، دون أن تمتد أعناقهم شرقاً لتصافح الأحلام الإيرانية ليس بابتلاع البحرين وحدها، ولكن السيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضي العربية. تتضح الأحلام الإيرانية وتدخلاتها في الأراضي العربية البحرينية من خلال تصريحات متعددة، بعضها فج تفوح منه رائحة الكراهية والبغضاء، مثل تلك التي صرح بها بعض نوابهم ومسؤوليهم أن البحرين من حق إيران وليست من حق المملكة العربية السعودية!، وكأن البحرين لابد لها أن تكون تابعة لأحد، أو هكذا يصورون، وتسير خلفهم مجموعات من الذين يظهرون خلاف ما يبطنون، لكن الرد عليهم أن البحرين دولة عربية مستقلة ذات سيادة ليست من حق إيران ولا السعودية، ولا من حق أحد، فلها إرادتها المستقلة، وشعبها الحر الذي يقرر ما يشاء، بما في ذلك قرار الاتحاد مع الظهير العربي والامتداد الخليجي الطبيعي لها كدولة عربية خليجية. ومن الخطأ الجسيم أن نضع الطائفة الشيعية الكريمة كلها في سلة واحدة، حيث يوجد كثيرون من أمثال هذا القارئ الكريم الذي علق مؤيداً للاتحاد الخليجي، لأنه -وغيره كثيرون- يعلمون أن لو -لا قدر الله- تسلطت إيران فستحصد الأخضر واليابس، وستمارس عنصريتها التي اشتهرت بها مع غير الفرس، حيث إن ساستهم يعتقدون -كما كان هتلر يعتقد أيام ألمانيا النازية- أنهم شعب الله المختار، وبالتالي يستحقون تمييزاً على سائر الأجناس والشعوب. في لقاء لي بأحد رجال الدين الشيعة الذين أعتز بمعرفتهم ندد لي بما يقوم به البعض من حرق للإطارات، وإغلاق للشوارع، وتلويث للهواء النقي الذي يستنشقه الأطفال، وقال لي بالحرف الواحد: إن هؤلاء يتاجرون بالدين، ولما كان في جلستنا رئيس تحرير إحدى الصحف اليومية الهامة في مملكة البحرين، اقترحت على الأخير أن يقوم بتقديم هذه النماذج الرافضة لعنف الشوارع عبر الإعلام والصحافة، واقترحت أن يتم حوار صحافي فوراً تسجل فيه هذه الآراء التي أنا على يقين أنها لدى قطاع عريض من الناس، لكن المفاجأة أن هذا الشيخ اعتذر برفق، متعللاً أنه لو تم حوار كهذا فإن بيته وعائلته سيكونان تحت التهديد! ومما ذكره لي الشيخ الوقور أنه حينما كان يدرس في مدينة “قم” كان الشيوخ الإيرانيون ينظرون إلى العرب نظرة دونية!!، رغم أنهم ينسبون لدراسة العلوم الشرعية التي تحث المسلمين على المساواة بينهم، وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح. وغالبية أفراد المجتمع البحريني -شيعة وسُنة- يؤيدون الاتحاد الخليجي قلباً وقالباً، ويؤيدون الخطط الرامية إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي بوسعها أن تصل بالبحرين إلى تجاوز المرحلة الراهنة، ويريدون أن يعيشوا بسلام وأمان.