القاهرة - (أ ف ب): انفرجت الأزمة التي أثارها الخميس الماضي قرار الرئيس المصري محمد مرسي إقالة النائب العام عبدالمجيد محمود، الذي اعترض عليه القضاة بشدة باعتباره تدخلاً غير مقبول في عمل السلطة القضائية، وذلك بعد الاتفاق على بقاء النائب العام في منصبه. وكانت رئاسة الجمهورية أصدرت مساء الخميس الماضي مرسوماً بتعيين النائب العام سفيراً لمصر لدى الفاتيكان ما اعتبره نادي قضاة مخالفة لقانون السلطة القضائية الذي يحظر على السلطة التنفيذية إقالة أو عزل النائب العام ما لم يبلغ سن التقاعد أو يقدم استقالته. وقال النائب العام في تصريحات للصحافيين عقب لقاء مع الرئيس المصري إن أعضاء “مجلس القضاء الأعلى تلقوا دعوة كريمة من رئيس الجمهورية وقابلوا الرئيس ونائبه محمود مكي وانتهينا إلى أنه ما دامت رغبتي أن أبقى فسأظل كما أنا” في موقعي. من جانبه أكد المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية في مؤتمر صحفي أنه “حدث سوء فهم ولبس” ناتج عن الاتصالات الشفهية التي أجريت مع النائب العام حيث تم إبلاغ الرئاسة بموافقة عبدالمجيد على الاستقالة من منصبه لذلك صدر قرار بتعيينه سفيراً لدى الفاتيكان. وأضاف مكي أن “الحفاظ على السلطة القضائية واستقلالها هدف أساسي” لرئاسة الجمهورية متهماً “بعض القوى السياسية” التي لم يسمها بـ«محاولة دفع القضاء إلى المعترك السياسي”.
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت “تعيين النائب العام سفيراً لمصر لدى الفاتيكان” ما يعني إقالته من منصبه. ورد عبدالمجيد محمود بعد بضع ساعات ببيان أعلن فيه أنه “باق في عمله طبقاً لقانون السلطة القضائية”. وتصاعدت الأزمة عندما أصدر محمود بياناً أكد فيه تلقيه “تهديدات مباشرة وغير مباشرة” من مسؤولين كبار من بينهم وزير العدل لدفعه إلى القبول بإقالته.
وأكد عبدالمجيد محمود في بيانه غير المسبوق أن وزير العدل أحمد مكي ورئيس اللجنة التأسيسية حسام الغرياني حذراً من احتمال تعرضه لاعتداء إذا ما رفض الامتثال للمرسوم الرئاسي بتعيينه سفيراً في الفاتيكان.
وأضاف أن “وزير العدل أبلغه صراحة أن المظاهرات التي ستخرج في كافة محافظات مصر سوف تطالب بإقالته من منصبه كنائب عام” وأنه تلقى اتصالاً آخر من الغرياني “الذي أبلغني صراحة أنه يعرض علي ضرورة الرحيل من منصبي كنائب عام تحت ذريعة “خطورة الموقف”، فطالبته بإيضاح الأسباب على وجه الدقة، فأجابني الغرياني بالنص “أنا في حل من إبلاغك بالأسباب، وأقترح عليك أن تنتقل للعمل كسفير لمصر في دولة الفاتيكان”. وجاءت هذه الأزمة غداة حكم محكمة جنايات القاهرة الأربعاء الماضي ببراءة جميع المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ«موقعة الجمل” التي كان متهماً فيها عدد من كبار المسؤولين في النظام السابق. والنائب العام متهم من قبل ناشطين “ثوريين” ومن جماعة الإخوان بإخفاء وطمس الأدلة في قضايا قتل المتظاهرين وهو ما ينفيه بشدة. وتزامنت الأزمة بين الرئاسة والقضاة مع احتقان سياسي في البلاد مع مواجهات شهدها ميدان التحرير بوسط القاهرة أمس الأول بين أنصار للرئيس المصري ومعارضين له أسفرت حسب وزارة الصحة عن 121 شخصاً وإحراق 3 حافلات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها وكانت الأسوأ في البلاد منذ تولي مرسي السلطة في يونيو الماضي. وتزامنت التظاهرة التي دعا إليها الإخوان المسلمون مع تظاهرة أخرى للناشطين المدافعين عن مدنية الدولة باسم “جمعة الحساب” تطالب بتشكيل جمعية تأسيسية جديدة لوضع الدستور تكون أكثر تمثيلاً لطوائف المجتمع ومحاسبة مرسي عن حصيلة المائة يوم الأولى من حكمه. وتبادلت الأحزاب السياسية الاتهامات بالمسؤولية عن هذه المواجهات.