^   توجيه سمو رئيس الوزراء لإحياء طلبات الإسكان الملغاة واحتساب تاريخ تقديم أول طلب هو استجابة لمطلب قديم جداً ومهمل، وتلبيته أمر أسعد أسراً بحرينية كثيرة تعيش هاجساً مراً بسبب سوء إدارة ملف الإسكان على مدى عقود، وتعسف في بعض الإجراءات التي تضيع على المواطن سنوات من عمره في الانتظار، ثم تضاعفها سنوات أخرى في حال تحويل طلبه، في حين أن تخفيف العبء وتيسير حياة المواطن المعقدة أساساً هو واجب الوزارات والجهات الرسمية. ملف الإسكان عامر بآلاف الوعود؛ وزير يأتي ووزير يرحل وعشرات ألوف المساكن تبنى على ورق الصحف، المواطن لم يعد يقرأ التصريحات بل يريد أن يرى مشكلاته تعالج على الأرض، المواطن لا يحمل هم التوجيهات العليا فهي دوماً تصب في اتجاه تيسير الحياة ورفع الأعباء وعلاج المشكلات، لو أن كل ما يصدر عن سمو رئيس الوزراء من قرارات ينفذ كما هو؛ ولو كان كل ما يعلن وينشر من توجيهات يطبق لكان بلدنا بكل خير، المشكلة هي الانتقال من مرحلة التصريح إلى مرحلة التطبيق والتنفيذ، عندما يصل الأمر ليد الوزير والوكيل ومن دونهم وتبدأ الإجراءات تتعقد وتبدأ الوعود تضمحل. المواطن ما زال يعاني حالة اهتزاز ثقة منبعها أن المرحلة الأولى من أي مشروع تكون واعدة جداً؛ مثل علاوة الغلاء التي انتهت إلى دعم بسيط معقد بألوف الاشتراطات والإجراءات، ومثل الزيادات التي تبدأ عند رأس الهرم مقبولة ثم تنكمش إلى الربع في أفضل الأحوال، ومثل المستشفى الذي انتهى إلى كارثة فساد غير مسبوقة، لا تكتمل فرحة للمواطن بسبب تدخل الفساد والبيروقراطية وإفساد العلاقة بينه وبين قيادته التي نعلم بتوجهها الإصلاحي وطموحها لكل ما هو أفضل لشعبها. نحن بحاجة إلى بناء حالة ثقة قوية متبادلة، لا ينمو التطرف في بيئة من الثقة والمصارحة ولا تستطيع أكبر القوى السياسية أن تركب الموجة وتتصدر المشهد، كما حدث في فبراير الماضي، إلا عندما نعطيها الفرصة وأفضل فرصها هو الضبابية وسوء الاتصال بين المواطن وحكومته، أهم وأول أسس استقرار بلدنا أن تحرص الحكومة على تعزيز الثقة بالحرص على المصداقية، كل المشاريع المعلنة والتي نرى آثاراً كثيراً منها تسير في الطريق الصحيح، لكن على الوزراء ومسؤولي الوزارات والمؤسسات الحكومية الحرص على أن يثق المواطن في أنهم يعملون لأجله لا لأجل محاباة هذا ومجاملة ذاك وضمان كراس. هناك مواقع كثيرة يعمل فيها المسؤول وفق منطق نفسي ويتجاهل متطلبات موظفيه واحتياجات المواطن الذي يتعامل من خلاله مع الحكومة، في بعض المواقع أبسط الحقوق من علاوات وغيرها لا يحصل عليها الموظف إلا بشق النفس، إهمال لعملية التدريب والتطوير والتوظيف بالمحسوبية والطائفية، كثير من المدراء همه كيف يوفر الميزانية ليسعد رؤساءه وكيف يغادر وظيفته لأخرى أفضل. على أي حال نأمل أن القادم أفضل وأن وعي الحكومة سيواكب الوعي المتنامي عند المواطنين، فلم تعد الأمور كما كانت في السابق، وصار المواطن أعلم بما له وما عليه وأكثر وعياً بحقوقه، يسعدنا أن يصل صوت المواطن وأن يتحقق جزء من طموحاته من خلال تطوير منظومة قوانين الإسكان التي ترتبط بأبسط حق إنساني، ونأمل أن تتوج بحلول شاملة لقضية تراكم الطلبات الإسكانية.