^ هل فعلاً هناك منظمات تعمل ضد البحرين من الخارج وتمثل مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية؟ إلى وقت قريب كانت هناك آراء تنفي ذلك، وتؤكد أن نشاط مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية واهتمامها بدول الخليج والبحرين على وجه الخصوص يأتي انطلاقاً من اهتمام هذه المؤسسات بالحريات المدنية العامة وحقوق الإنسان ودعم الديمقراطية، ولذلك كانت هناك انتقادات واسعة تظهر عندما تحاول حكومة البحرين تقييد نشاطها في المنامة إذا كان مخالفاً للقوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة. أزمة فبراير 2011 جاءت مختلفة، وجاءت لتكشف حقيقة مؤسسات المجتمع المدني الغربية التي تحرص على التواصل مع منظمات المعارضة الراديكالية في البحرين لأهداف معروفة. هذه المؤسسات معروفة أهدافها، رغم أنها تتخفى تحت ستار وشعارات متنوعة، كما إن تمويلها لا يأتي بشكل مباشر، وإنما يتم من خلال وسطاء، كما هو حال بعض التجار البحرينيين الذين احترفوا منذ فترة مثل هذه الأنشطة المشبوهة في سبيل تحقيق بعض المكاسب التجارية، ونذكر جيداً قيام أحد تجار البحرين بدعم تنظيم سياسي شبابي بمبلغ 7 آلاف دينار من أجل المشاركة في انتخابات طلابية في إحدى الجامعات البحرينية لسبب واحد لا غير وهو منع الإسلاميين من السيطرة على مجلس الطلبة في هذه الجامعة. مؤسسات المجتمع المدني الغربية والأمريكية ليست مقطوعة العلاقة مع حكوماتها، وإن كانت الحكومات الغربية دائماً ما تدعي استقلالية المجتمع المدني عنها. لنتحدث عن النموذج الأمريكي الذي يمكن أن يشكل تجربة فريدة تستحق الدراسة، فالإدارة الأمريكية تؤكد استقلالية مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية عنها وعدم تدخل الطرفين في شؤون بعض، ولكننا لا نفهم المسألة عندما تؤسس الحكومة الأمريكية صندوقاً يختص بتمويل مؤسسات المجتمع المدني، ويتم تمويله بشكل مباشر من إحدى الوزارات الأمريكية؟ إحدى مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية قامت بصرف أكثر من 358 ألف دولار، أي أكثر من ربع مليون دولار على مجموعة صغيرة من مؤسسات المجتمع المدني في البحرين دون غيرها باسم التدريب والتمكين في المجتمع، ولكن التدريبات التي تلقتها ساهمت في جعلها جاهزة للقيام بأعمال عصيان مدني واحتجاجات واسعة النطاق كما حدث في البلاد خلال العام الماضي. هذا الواقع كشف فعلاً المصداقية الكاذبة لمثل هذه المؤسسات، والتي لا أعتقد أنها باتت تتمتع بمصداقية أكثر مما مضى في البحرين على الأقل. حيث لا معنى لدخول مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية للمنامة رغبة في الاطلاع على الأوضاع الحقوقية والأمنية للبلاد، فهناك حد فاصل بين نشاط هذه المؤسسات وبين سيادة الدولة التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار، ولا يمكن السماح لمنظمات أجنبية المساس بها مهما كانت الظروف.