تحدثت في مقال يوم أمس عن «الطابور الخامس»، وهي مجموعة من العملاء تعمل على محاولة تهديد أمن الدولة من الداخل بتعاون مع جهة خارجية أو عدو داخلي، أو كما اعتاد البعض بتسميتهم بالجواسيس أو الخونة. واليوم سأتحدث عن نوع جديد من الطوابير وهو «الطابور السادس»، و«الطابور السادس» ببساطة هو ذلك الطابور الذي يخدم العدو دون قصد، إما نتيجة الجهل، أو عدم إدراك معالم «الرسالة» - الهوية، والوظيفة، والهدف، أو الانبهار بالآخر، هذا الطابور الذي يعتقد أن ما يقوم به هو في سبيل إصلاح الوضع الراهن، وأنه يساهم في عملية النماء والبناء، ولكنه للأسف فهو يقوم بعكس ذلك -دون قصد منه- يقوم مثلاً بنشر أخبار أو آراء وهو يعتقد أن رأيه سيزيد من نماء ورفعة المجتمع، ولكنه للأسف هو يقوم بعكس ذلك حرفياً، حيث يتسبب في زيادة اللغط حول ما نشره، أو يتسبب في تكوين رأي عام «سلبي» من وراء شائعة طائشة، وقد يتسبب بسبب «جهله» في الإخلال بالأمن الوطني.

المثير في موضوع «الطابور السادس» أنه يشكل خطراً مجتمعياً لا يقل عن «الطابور الخامس»، وقد يستخدم عملاء الطابور «الخامس» أفراد الطابور «السادس» ويستغلونهم لنشر أفكارهم والترويج لها، كأن يقوم الطابور «الخامس» بترويج شائعة، يتناقلها دون قصد «الطابور السادس» كبعض الأخبار التي سمعناها مؤخراً، وهي عارية تماماً عن الصحة، خاصة ما يتعلق بالحادث الإرهابي في سجن جو، فعندما يقوم الطابور الخامس بالترويج لشائعة «بأن الحادث الإرهابي «مفتعل» وأنه «غير حقيقي»، وأنه «ملفق»، وأن «المؤسسة الإصلاحية قامت بهذا الفعل من أجل شغل الناس عن مواضيع أكثر أهمية»، أو قامت بهذا الفعل «من أجل التستر على موقف معين»، أو قامت بهذا الفعل من أجل القبض على الرأس الأكبر في الخلية الإرهابية»»، وغيرها من القصص الخيالية التي يروج لها «الطابور الخامس»، ويقوم نفر من المواطنين بإعادة تكرار هذه الشائعة بدون وعي منهم، فإنهم بذلك يشكلون «طابوراً سادساً».

المثير أيضاً في موضوع «الطابور السادس» أنه من الممكن أن يقع أي مواطن صالح في فخه تحت ذرائع صالحة، فالمواطن الذي ينطوي تحت مظلة «الطابور السادس» يعتقد أنه يقوم بعمل صالح حينما ينشر خبراً «غير متيقن» من صحته، أو عندما ينشر رأيه على أساس أنه حقيقة مسلم بها، أو يقوم بإعادة تغريدة لأحد قادة الرأي الإلكترونيين الذي نصبوا أنفسهم ليكونوا مرشدين ومعلمين للناس، لسد الثغرة التي لم يستطع الإعلام سدها، أو لم تقم المؤسسات الرسمية بسدها حتى الآن.

وكثيرة هي الشواهد على ما أقول، يقوم أحد المواطنين بنشر تغريدة، أو إرسال رسالة إلكترونية عن نقاط التفتيش ويبدي استياءه من تأخره في الطريق، لتنهال النكات والسباب والشتائم (.....)، حتى يخيل لمن يتابع الوضع أن البحرين عبارة عن جزيرة مأهولة بنقاط التفتيش، وأن الوضع الأمني «سيئ»، و«مخيف»، متناسين أن هذا الوضع وضع أمني مؤقت، ويجب أن نتعاون مع هذه النقاط التفتيشية التي تقوم بواجبها في حفظ الأمن.

فكم من شخص خليجي كان ينوي السفر إلى البحرين، ولكنه امتنع عن ذلك بعدما قرأ تعليقات المواطنين حول «نقاط التفتيش» والمبالغة واللغط حولها. وبهذا انتصر الطابور الخامس الذي يهدف أصلاً إلى تشويه سمعة البحرين بجهود من الطابور السادس الذي لم يكن يقصد الإساءة مطلقاً.

قد يعتقد البعض أنني أبالغ، ولكن كل كلمة «سلبية» تكتبها دونما قصد منك، يستغلها الطابور الخامس ويروج لها أيما ترويج!! وهذا هو ما يريده الطابور الخامس، فهو يريد أن يسود السخط، وتنتشر الشائعات، لتعم الفوضى، فعمل الطابور الخامس يكون أكثر سهولة في أجواء الفوضى، ومن غير قصد يفرش «الطابور السادس» الأرضية للطابور الخامس لكي يقوموا بالإخلال بالأمن الوطني وتشويه سمعة البحرين.

يجب أن نكون أكثر وعياً لكي لا يتغذى طرف على جهلنا ونكون عاملاً مساعداً للطابور الخامس، وأن نقدر الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البحرين اليوم، ويجب أن نكون أكثر انتباهاً لكي لا نندرج تلقائياً تحت طائلة «الطابور السادس»، ونحن نعتقد أننا نحسن عملاً.