خطر تكوين الصور النمطية السلبية في البحرين وصل إلى درجة خطيرة لا يمكن السكوت عنها لأنها وصلت إلى مرحلة تهدد الأمن الوطني، وعدم الشعور بمخاطرها مشكلة أخرى ليست مقتصرة على المؤسسات الرسمية، بل مشكلة تمتد إلى كافة الأسر المختلفة مهما كانت أصولها أو انتماءاتها. البعض يعتقد أن الجيل الحالي الذي عاصر أحداث تسعينات القرن العشرين، وأحداث 2011 يعاني كثيراً ومن الصعوبة بمكان معالجة ما تعرض له من مآسي نفسية أو مادية أو اجتماعية، وبالتالي فإن المعالجات قد تستغرق وقتاً طويلاً من الزمن يمتد لعقود من الزمن. مثل هذا الطرح منطقي للغاية، لكنه يتجاهل حقيقة مهمة، وهي مخاطر الأجيال القادمة على البحرين التي ترى محيطها سلبياً مهماً كانت مستوياته «الأسرة، المدرسة أو المؤسسة التعليمية، أو حتى مؤسسة العمل»، ويزداد الإحباط فيه أكثر فأكثر تجاه الوضع الراهن معيشياً كان أو اقتصادياً أو سياسياً أو أمنياً. هذا الخطر الذي نقصده هنا تساهم في تشكيله مجموعة من العوامل والمؤثرات من أهمها شبكات التواصل الاجتماعي، وكافة المؤسسات المعنية بالتنشئة الاجتماعية والسياسية، وقد يكون ذلك بشكل غير مقصود لا نشعر به. ندخل شبكات التواصل الاجتماعي فنتعرض لكمية هائلة من الرسائل الإعلامية على مدار الساعة تعزز فينا القيم السلبية، وتزيد من الشعور بالإحباط، مقابل الشعور المزيف بحياة معينة تعيشها شريحة واسعة من الأفراد بالمحتوى الإعلامي الذي يساهمون فيه، وهو شعور مناسب للغاية لمن يبحث عن واقع افتراضي مختلف يحاول اللجوء إليه للابتعاد عن ذلك الإحباط الذي يحيط به. في ظل هكذا بيئة، فإن الأفراد يلجؤون لابتكار واقع مماثل لحياتهم اليومية، ومن يحاول التغيير لكنه لا يراه أمامه، أو لا يجد نفسه جزءاً منه سيجد أمامه خطابات متطرفة تتنوع مستوياتها، ويسهل انخراطه فيها أو انسياقه وراءها. والأخطر فيها أن الفرد قد لا يشعر أنه جزء من عملية تغيير أو تطرف في الخطاب أو الرأي أو القناعات ومن أسباب ذلك غياب الوعي، وغياب البدائل المنظمة المستهدفة ملء الفراغ. تدريجياً، تتحول الصور النمطية السلبية لدى الأفراد إلى جماعات غير منظمة، وتجد الأفراد الذي يحملون هذه الصور يلتقون تلقائياً عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومن الممكن أن تكون بينهم علاقات معرفة أو صداقة لكنها غير حقيقية لأنها مرتبطة بنفس الشعور والقناعة والاهتمام. تكون المحصلة النهائية ابتعاد الأفراد عن هويتهم الوطنية، وانتمائهم لمجتمعهم، وهو ما يزيد من حال الانشطار والتقسيم في المجتمع الذي يضعف هويته ووحدته الوطنية، وتتراجع درجة التعايش السلمي بين مختلف المكونات، ويكون المجتمع أكثر عرضة لهزات أمنية وسياسية مستمرة.