دائماً ما أكرر وأقول إن البحرين «كبيرة» جداً بأخلاق قيادتها وأهلها، وكيف أن الملك حمد حفظه الله رفع اسم البحرين عالياً في المحافل الدولية، من خلال أخلاقه العالية، وصفاته العديدة المتمثلة بالطيبة والكرم والنخوة والتمثل بالمواقف الرجولية. ولذلك حينما يزور أحد ما البحرين، ويحظى بفرصة التشرف بالجلوس مع جلالة الملك والنقاش معه، يدرك تماماً أنه يجلس مع رجل «استثنائي». رجل مثل رئيس الوزراء السابق للمملكة المتحدة ديفيد كاميرون، لو سار اليوم في شوارع بريطانيا قد لا يلتفت إليه أحد، أو قد لا يهتم أحد برأيه، لكنه حينما يزور البحرين حالياً سيدرك على الفور، أن بلادنا وقيادتها استقبلته بنفس القدر من الحفاوة والكرم والضيافة حينما كان رئيساً لوزراء بريطانيا.

جلوس كاميرون مع جلالة الملك حمد بحد ذاته رسالة واضحة لكثيرين، بأن تقدير البحرين لعلاقاتها مع الدول الصديقة يتعدى بكثير مسألة المناصب والاستمرار فيها.

البحرين تقدر البشر أياً كانوا، تحترمهم، وتكرمهم، بل تعاملهم بأعلى مستويات الإنسانية والكرامة، وهي صفة كثيرون عرفوا بها البحرين، بالأخص حينما غادروا مناصبهم.

ليست البحرين ولا ملكها الذين يتعاملون مع الناس بصفاتهم، بل على العكس هم من يتعاملون مع الناس كبشر لهم احترامهم وقدرهم ومكانتهم، وحقهم على البحرين أن يعيشوا حسن ضيافتها وكرم أهلها وقيادتها، وأن يعرفوا بلادنا على حقيقتها.

أجزم بأن الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء السابق لبريطانيا انطباعاتها قد تكون مختلفة لديه عن زياراته الرسمية السابقة، والسبب يكمن في أنها البحرين وأنه ملكها الذي لا يتغير معدنه الأصيل، ولأنه حمد بن عيسى الذي يحافظ على عهوده وعلى روابط الصداقة، وعلى أواصر التعاون القائمة على مبادئ الرجولة والالتزام بالكلمة.

وعلى نفس المنوال كان جدول رئيس الوزراء السابق مزدحماً، فمع مقابلته لرئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله، كان له نصيب كبير من الاهتمام من قبل سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد حفظه الله، فرتبت له لقاءات مهمة مع جهات مسؤولة عن الملفات الاقتصادية في البحرين ومعنية بالاستثمار والتعاون الخارجي مثل مجلس التنمية الاقتصادية.

كاميرون الشخصية التي أكن لها شخصياً كل تقدير واحترام، وذلك يعود لمواقف عديدة قام بها هذا الرجل كلها تصب في خدمة بلاده والحفاظ على أمنها، إذ مازلت أتذكر الدرس التاريخي الذي قدمه للعالم في كيفية التعامل مع الإرهاب والفوضى، من خلال تصديه لعمليات شغب لندن، وكيف قبض على الإرهابيين، وأنفذ القانون، وجعل القضاء يعمل ليل نهار، دون اهتمام بفلسفيات دكاكين حقوق الإنسان، حين قال إنه «حينما يأتي الأمر على أمن بلاده فلا يهمه أية أصوات نشاز».

كاميرون المحترم في علاقته مع البحرين، يزيد احترامي له، من منطلق احترام ملك بلادي له، ومنحه الوقت للجلوس والتباحث معه، حتى بعد تركه موقع رئاسة الحكومة البريطانية، أضيف إليه مواقفه مع البحرين على صعيد التعاون الحكومي وفي الملفات الأمنية والتسلحية.

وجود ديفيد كاميرون في بلادنا هذه الأيام، مادة إعلامية مهمة، تسليط الضوء عليها مهم، لا فقط بشأن ما سيقوله كاميرون، بل لبيان كيف تتعامل البحرين مع أصدقائها، وكيف يقدر ملك البحرين البشر ويحترمهم.

تعلمنا الاحترام من قيادتنا، وتعلمنا الذكاء والحصافة من ملكنا، وتشربنا الطيبة وحسن التعامل مع الغريب قبل القريب من أصالة وعراقة تراب أرضنا الطاهر.

بالتالي ليعرف العالم من تكون البحرين، ومن يكون ملكها حمد بن عيسى، وكيف يكون أهلها، في حسن علاقاتهم، وفي وثاقة صداقاتهم، وفي الالتزام بالعهد والأخلاق والأعراف.