بعد ثمانية أيام من الآن يبدأ حكم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب للبيت الأبيض وسط ترقب دولي، واهتمام في منطقة الشرق الأوسط التي ترى أن السياسة الأمريكية هي التي قادت الأوضاع إلى ما هي عليه الآن من فوضى مستقرة عارمة من الصعوبة بمكان إيقافها قريباً.

اعتمدت السياسة الأمريكية منذ حكم الرئيس الأسبق جورج بوش الابن على دعم جماعات مؤدلجة معينة وتنظيمات سياسية محددة من أجل أن تساهم في عملية التغيير التي يحتاجها «الشرق الأوسط الجديد» بحسب الرؤية الأمريكية.

استمرت هذه الرؤية خلال حكم الرئيس أوباما في الولايتين الأولى والثانية، فهل تستمر واشنطن في دعم نفس الجماعات؟ أم هناك جماعات أخرى يمكن الاعتماد عليها؟

الاعتماد الأمريكي على الجماعات السياسية الدينية في تغيير الأنظمة السياسية أثبت فشله بشكل ذريع، وأعتقد أن تقييم مراكز الأبحاث الأمريكية أثبت ذلك، حيث ترى أن الجماعات الدينية لا يمكنها بناء ديمقراطية حقيقية، أو نظام سياسي مستقر، بل تكون عاملاً مساعداً لتحويل نظام الحكم لثيوقراطية أو تدعم تحول الدولة لتكون دولة فاشلة «F State».

شاهدنا ذلك في العراق، ولبنان، ومصر، واليمن، وأيضاً هنا في البحرين. جميع هذه التجارب قادت إلى تزايد نعرات التطرف المشجع على الإرهاب، ومن ثم تضرر المصالح الأمريكية في المنطقة بدلاً من أن يساعد التغيير في الشرق الأوسط على تعزيز مصالح واشنطن وحمايتها آنياً ومستقبلاً.

من المتوقع أن تتراجع الإدارة الأمريكية الجديدة عن دعم الجماعات الثيوقراطية السياسية كأداة للتغيير في الشرق الأوسط، وتواصل أجندة التغيير من خلال وسائل القوة الناعمة التي يتم تطويرها بشكل سريع ومبتكر كما نراه اليوم في شبكات التواصل الاجتماعي التي ترفض أن تتوقف، وباتت جزءاً مهماً من حياة الأفراد، وعاملاً أساسياً في تشكيل أنماط حياتهم، وسلوكهم لاحقاً.

لا يتوقع أن تدعم واشنطن الجماعات التي دعمتها سابقاً، لكنها ستدعم تكوين قوى تغيير شعبية واسعة النطاق تتشكل ذاتياً يمكن الاستفادة منها مستقبلاً في تحقيق مكاسب وأجندات التغيير. وهذا لا يعني أن الإدارة الأمريكية ستقطع علاقاتها التي بنتها منذ سنوات طويلة مع الجماعات الدينية السياسية في المنطقة، بل ستتعامل معها وتواصل اتصالاتها معها، فواشنطن لا تفرط فيما يخدم مصالحها وإن كان ذلك على حساب علاقاتها مع الدول.