عواصم - (وكالات): عبر خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أمس عن القلق حيال “خطورة” الأزمة في لبنان وإمكانية حدوث فتنة طائفية واندلاع حرب أهلية، داعياً إلى عدم خدمة “مصالح أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان”. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن الملك أن بلاده “تتابع ببالغ القلق تطورات أحداث طرابلس وخصوصاً لجهة استهدافها إحدى الطوائف الرئيسة التي يتكون منها النسيج الاجتماعي اللبناني”. ودعا العاهل السعودي الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى التدخل “نظراً لخطورة الأزمة وإمكانية تشعبها لإحداث فتنة طائفية في لبنان، وإعادته لا قدر الله إلى شبح الحرب الأهلية في الإطار العام لمبادرتكم ورعايتكم للحوار الوطني وحرصكم على النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية، وخصوصاً الأزمة السورية المجاورة لها”. وناشد العاهل السعودي كافة الأطراف “تغليب مصلحة الوطن اللبناني أولاً على ما عداه من مصالح فئوية ضيقة، أو خدمة مصالح أطراف خارجية لا تريد الخير للبنان، ولا المنطقة العربية عموماً”. وختم أن السعودية “لم تألُ جهداً في سبيل الوقوف إلى جانب لبنان ودعمه بدءاً من اتفاق الطائف ووصولاً لاتفاق الدوحة علاوة على بذل المملكة ودول مجلس التعاون كافة الجهود في سبيل دعم لبنان اقتصادياً لتحقيق نمائه وازدهاره”. في غضون ذلك، خطف عناصر من الجيش السوري الحر في محافظة حلب شمال سوريا 13 لبنانياً شيعياً أثناء عودتهم من زيارة لأماكن مقدسة في إيران، بحسب ما قال أقرباء لهم والوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية. وذكرت الوكالة الوطنية أن “الجيش السوري الحر أوقف باصاً كان يقل 50 مواطناً لبنانياً عائدين من زيارة إلى العتبات المقدسة في إيران، فأنزل الرجال الذين بلغ عددهم 13 واحتجزهم وترك 43 امرأة يكملن طريقهن”. وذكرت وكالة أنباء “سانا” الرسمية السورية من جهتها أن المخطوفين هم 11 لبنانياً وسائق الحافلة السوري، مشيرةً إلى إن “مجموعة إرهابية مسلحة” قامت بعملية الخطف. وذكرت الوكالة أن العملية حصلت خلال عودة الزوار من إيران إلى لبنان عبر تركيا في بلدة السلامة السورية في منطقة إعزاز في ريف حلب. ونقلت “سانا” عن محافظ حلب موفق مخلوف قوله إن “52 شخصاً كانوا في حافلتين”، وأن “الجهات المعنية تعمل على نقل” النساء الموجودات في حلب إلى لبنان. وكان آلاف الأشخاص تجمعوا في مناطق بئر العبد وطريق المطار وشاتيلا ومار مخايل وغيرها في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقطعوا بعض الطرق بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على عملية الخطف. ودعا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في مداخلة عبر الهاتف مع تلفزيون “المنار” التابع لحزبه تعليقاً على الحادثة إلى ضبط النفس. وقال “الكل مدعو إلى انضباط حقيقي لا يجوز أن يتصرف أحد من تلقاء نفسه بقطع الطرق أو القيام بأعمال عنف أو خطوات سلبية”. ودعا نصرالله إلى عدم القيام بأي ردود فعل سلبية تجاه المواطنين السوريين في لبنان. وكان بعض المحتشدين الغاضبين في الضاحية الجنوبية لبيروت تحدثوا عبر شاشات التلفزة عن إمكان استهداف معارضين سوريين موجودين في لبنان رداً على عملية الخطف. وحاول بعضهم اعتراض سيارات وحافلات تحمل لوحات سورية لدى مرورها قرب المحتجين، إلا أن عناصر حزبية منعتهم من ذلك. وذكر شقيق منظم “حملة بدر الكبرى” التي كان المخطوفون من ضمن رحلة لها لتلفزيون “الجديد” أن الخاطفين طلبوا من النساء بعد الإفراج عنهن “تبليغ أول حاجز للجيش النظامي بوجود الشباب معهم”. وأشار إلى أن الجيش الحر “يريد أن يبادل المخطوفين بعناصر منه محتجزين لدى الجيش النظامي”. وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “باشر إجراء سلسلة من الاتصالات الخارجية من أجل الإفراج عن اللبنانيين الذين خطفوا في حلب”. واستنكر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أبرز أركان المعارضة اللبنانية المناهضة للنظام السوري، “خطف المواطنين اللبنانيين في سوريا”، معرباً عن “تضامنه الكامل مع أهلهم ومطالباً بالإفراج الفوري عنهم”، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي. وأكد أن “الشعب اللبناني هو واحد موحد في هذه القضية”. واستمر التوتر مخيماً على شمال لبنان أمس إثر مقتل رجل الدين السُني الشيخ أحمد عبدالواحد ورفيقه على حاجز للجيش اللبناني. وأخلى القضاء سبيل الناشط الإسلامي شادي المولوي الذي أدى توقيفه بتهمة الإرهاب إلى ازدياد حدة التوتر في البلاد، وصولاً إلى اشتباكات مسلحة بين منطقتي باب التبانة السُنية المناهضة تاريخياً للنظام السوري، وجبل محسن العلوي الموالي لنظام الرئيس بشار الأسد. وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط 10 قتلى وعدد من الجرحى. في غضون ذلك، يرى محللون أن لبنان بات رهينة النزاع في سوريا بعد سلسلة مواجهات أمنية دامية وقعت فيه أخيراً بين مناهضين ومؤيدين لنظام الرئيس بشار الأسد، وفي ضوء اتهامات دمشق حول تحول بعض المناطق الحدودية اللبنانية إلى مقر لدعم المعارضة السورية المسلحة. وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون عن “قلقها الشديد” لأعمال العنف التي وقعت في لبنان بين مناصرين للنظام السوري ومناهضين له.