إن حاجات السلام لا ينبغي أن تكون مبرراً لحاجات الحروب! وإن منظري الحروب ودوافعها عبر التاريخ عليهم أن يتخلوا عن نظرية الضرورة الحربية والإبقاء على سياسات السلام! يذهب «لورانس كيلي» من جامعة إلينوي في كتابه «الحرب قبل الحضارة» إلى أن ما يقرب من 95 % من المجتمعات البشرية المعروفة – على مر التاريخ – شاركت – على الأقل – في حرب عرضية، وخاضت العديد منها باستمرار، أما القرن الثامن عشر في أوروبا الغربية تحديداً، فقد شهد 150 حرباً، في 600 مكان، وتشير تقارير الأمن البشري عام 2008 من مركز التنمية الدولية وإدارة النزعات في «السلام والصراع» إلى أن الانخفاض في النزاعات الذي أعقب انتهاء الحرب الباردة عاد إلى الارتفاع من جديد، وما الحروب التي تجرى على أرض العالم الإسلامي منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، عنا ببعيد!! ورغم أن كل المتحاربين عبر التاريخ يدعون أنهم ذاهبون إليها «بدافع أخلاقي» كما يقول «يوحنا استوسنجر» في كتابه «لماذا تذهب الأمم إلى الحرب؟ إلا أن الحقيقة المرة أن سبب الحروب هو الطمع البشري والإمبريالية البغيضة والدوافع المتنافسة على أسس نفعية اقتصادية، وأحياناً تكون الأسباب هي غرائز الانتقام أو «الصراع بين الرغبات»، على حد تعبير «كارل تونكلاوز فيتز».

إن أسوأ ما تمخض عنه الفكر الاقتصادي هو أن تكون الحرب «وليس السلام»، هي محفز للمنافسه والنمو الاقتصادي، فقد وصلت الفاشية في تطرفها إلى اعتبار الحرب حقاً طبيعياً للقوى، وأيد بعض قادة العالم وجنرالاته ومنهم «رؤساء دول» وجهة النظر الاقتصادية للحرب! فأين السلام إذن؟ وكيف تكون الحرب وسيلة للسلام كما يدعي هؤلاء! وتطفو على سطح هذا الجدل مقولة «المقاومة»، ليحاول منظروها الدفاع عن الحرب كحق لا مراء فيها، ولكن تفهم حجة الضعفاء والمسلوبين يقود إلى التفرقة بين الظالمين والمظلومين، وتقود أيضاً لمقاربة مع قوالب المقاومة العديدة كما هي في تاريخ المصلحين وقادة السلام في التاريخ القديم والحديث! وللحديث بقية.