الزيادة السنوية هي حق للمواطن كان يجب ألا تمس، وذلك لأنها بمثابة الرئة التي يتنفس منها المواطن، كلما زادت عليه متطلبات الحياة المعيشية وأعباؤها، خاصة في عصرنا الحاضر، حيث الزيادة في أسعار السلع الأساسية وفي الرسوم والضرائب التي تفرض على المواطن بين فترة وأخرى، وتسبب له كثيراً من الضغوط المعيشية والنفسية وحالة من التوتر، خاصة في ظل غياب الوضوح والشفافية في الرسالة الإعلامية الرسمية، حيث لم يظهر علينا متحدث إعلامي من قبل الحكومة يوضح لنا لماذا يجري كل ذلك؟ لذا يجب أن نتفهم ردة فعل المواطنين التي جاءت بشكل عفوي وفي حالة من الهيستيريا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن الناحية القانونية، من المتعارف عليه أن أي قرار يصدر عن السلطة التنفيذية لا ينفذ إلا بالرجوع للسلطة التشريعية المتمثلة بالتحديد في مجلس النواب، لذا أصبحت السلطة التشريعية في وضع لا يحسد عليه، ومثل هذا الإجراء من قبل السلطة التنفيذية يعني انفرادها بالقرار المعني، وفيه تجاهل واضح لمجلس النواب، خاصة الذي يتمثل دوره في التشريع والرقابة على قرارات وأداء الحكومة، وهذا ما أكد عليه رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب النائب عبدالرحمن بوعلي عندما قال: «إن قرار وقف صرف العلاوة الدورية السنوية في شهر يناير 2017 لجميع الموظفين هو انفراد بالقرار من السلطة التنفيذية وينسف كل الحديث عن التعاون الإيجابي مع السلطة التشريعية ويشكل أضراراً فادحة بالمواطن ومساساً مباشراً بمكتسباته التي قيل إنها لن تمس».

كان جهد الحكومة مشهوداً له ومشكوراًعليه ولا يزال بأنه يسعى إلى تطوير الأداء الحكومي نحو الأفضل، ولكن من جانبنا نتساءل، هل مثل هذا القرار يطور الأداء الحكومي نحو الأفضل؟ الدراسات العلمية في مجال التنمية البشرية تؤكد على دور التحفيز المادي والمعنوي لأفراد مؤسسات العمل والإنتاج، كي تقودهم نحو تحقيق أهداف المنظومة وزيادة الإنتاجيه حيث يحتاج الفرد إلى هذا التحفيز ليس فقط الذي مصدره دوافعه الداخلية المتمثلة في ولائه للوطن وحبه له ولقيادته، فهذا شيء لا نساوم عليه، ولكن بالمقابل هناك التحفيز الخارجي المتمثل في الحوافز والمكافآت والزيادات السنوية، فهي تلعب دوراً كبيراً وتقود إلى نجاح وتطوير المنظومة، وتحقيق أهدافها المطلوبة. كيف ننتظر من الموظف أن يزيد في إنتاجه وعمله في ظل قرار يجعله يشعر بالإحباط والظلم، وبالتالي يقلل من مستوى الدافعية الخارجية للعمل؟!

والتساؤل المهم هنا، إذا كان هناك عجز في الميزانية، هل يكون مثل هذا القرار هو الذي سوف يسد العجز في الميزانية؟ كان بالإمكان أفضل مما كان، كان يمكن تدارس الوضع مع مستشارين اقتصاديين ذوي خبرة ثم يتم رفع الأمر لمجلس النواب لمناقشته للوصول إلى بدائل ناجعة تحفظ مكتسبات المواطن ولا تمس حقوقه.. حفظ الله مملكة البحرين ملكاً وحكومة وشعباً من كل مكروه.