^ الحمد لله ألف مرة الذي أنقذ البحرين وفتح عيوننا وأسقط كل أوراق التوت عن الخيانة العظمى. الحمد لله أن الشعب البحريني بجماعاته التي تحركت في الفاتح من كل الطوائف وما بعده ليست جماعات خاضعة لزعامات طائفية ولا مقدس عندها، وإلا لكانوا باعونا في سوق النخاسة في مساومات وصفقات كما فعل زعماء الطوائف في لبنان والعراق. إذ رغم أنه كان ممكناً اعتبار عدم وجود زعامات للكتلة الشعبية الكبرى في البحرين نقصاً وضعفاً وعيباً، إلا أن ذلك ربما من الحسنات ومن النعم. فحزب الله في لبنان أو حزب الدعوة في العراق ليسوا الأكثرية، ولكنهما حزبان منتظمان ويقودان جماعات ملتزمة بطاعة زعمائها الدينيين، وكلاهما يتظللان بمظلة خامنئي أو السيستاني وكلاهما على مسافة قريبة من بعضهما البعض وقوتهما تكمن في تبعيتهما العمياء للقيادة. وقد كان من سوء حظ الآخرين والذين يشكلون الغالبية أنهم عدة جماعات وطوائف في لبنان أو العراق وكل منها له زعامات اكتسبت شرعيتها التاريخية، لذلك فإن الجموع في لبنان والعراق خضعوا لتلك الزعامات وهي التي وقعت في فخ الصفقات وضاعت المصلحة الجماعية والشعبية فسهل أمر السيطرة عليها من قبل الأحزاب الشيعية الراديكالية متمركزة القيادة. في حين أن ما حدث في البحرين هو غريب وفريد من نوعه، فالكتلة الكبرى رغم سيولتها بلا زعامة مركزية إلا أنها تجمعت وأعلنت موقفاً موحداً مما قلب المعادلة وقد كان لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الدور الأكبر في حشدها. فإن أرادت التحشيد وإن أرادت العكس فإن الإرادة الجماعية هي التي تقود الفعل وليس إرادة الزعامات، بل إن الغريب أن الزعامات التقليدية واللاعبين التقليديين هم الذين يحسبون الحساب لهذه الكتلة السائلة. اليوم الغالبية البحرينية تقود نفسها بنفسها وجرأتها في استقلاليتها وفي بعدها مسافة عن كل اللاعبين الأساسيين رغم محاولات الاستقطاب التي تتحرك هنا أو هناك هي التي جعلت منها قوة لا تقهر، وحتى محاولات الاستقطاب لم تنجح في جمع أغلبية لصالح أي طرف وهذا مصدر من مصادر قوة هذه الكتلة لا ضعف لها. فهناك مزاج عام -وراية البحرين فقط- هو الذي تتبعه تلك الكتلة السائلة متوحد وبوصلته محددة وواضحة وواقفة بالمرصاد أمام أي تسوية أو صفقة يعقدها هذا اللاعب أو ذاك، وبصمودها رفعت سقف التسويات ضد حزب الدعوة البحريني ولقنته درساً لن ينساه. والتجربة مازالت في طور تشكلها وتحتاج إلى دراسة وتمعّن ومراقبة حثيثة، وأعتقد أن التجربة تستحق أن تتكرر في العراق ولبنان للتخلص من سيطرة عملاء إيران، ومثلما كانت وسائل التواصل الاجتماعي أداة التغيير وقيام للثورات، فإنها الآن أدوات رافعة للتغيير ضد السيطرة الحزبية الإيرانية التي تهيمن على تلكما الدولتين وبإمكان الجماعات البحرينية المساهمة في التواصل مع الجماعات في تلك الدولتين ومساعدتها. العامل الثاني الذي جعل من ضغوط تلك الجماعات عاملاً حاسماً هو أننا نحمد الله أن عملية تهريب السلاح محدودة في البحرين وإلا لكانت الآن تلك الحسابات مختلفة، فالجماعة الشيعية الراديكالية في البحرين التي تأتمر بأمر السيد الفقيه وتتبع وتخدم مصالحه على استعداد لاستخدام السلاح لو وجد وقتل أبناء شعبهم مثلما فعلت في لبنان والعراق متى ما أمر السيد ومسيرة الجمعة خير دليل، لكن الحمد لله أن الأمن عندنا يقظ وتهريب السلاح محدود للغاية فأنقذنا من الهلاك. لذلك فإننا في البحرين تجربة رائدة في الديمقراطية والحراك الشعبي الإيجابي الذي أخرجنا من خطة محكمة أرادت استغلال كل الظروف والإمكانات لكن الله خير الماكرين فانقلب السحر على الساحر ونجح أهل البحرين في استخدام وتوظيف ذات الأدوات والظروف إنما لإفشال المخطط الدنيء. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.