^ مع تزايد أعداد الأشخاص المحتالين والغشّاشين، ومحترفي الكذب والنصب عبر شبكة الإنترنت، تتعاظم أهمية الإلمام بأساليب الكشف عن الكذابين، وفضح نواياهم الخفيّة. ويرى علماء النفس الروس أنَّ ظاهرة الكذب في حدّ ذاتها تمثِّل جزءاً لا ينفصم عن حياتنا اليومية، وما النفاق والافتراء والتلفيق سوى مستويات متفاوتة من الكذب، رغم أن الكثير من الناس قد يتصوّر خلاف ذلك؛ كما إنَّ الكذب يمكن أن يُستخدم للدفاع عن النفس، وكذلك لمهاجمة الآخرين، وحقل السياسة أسطع مثال، ومع ذلك، لا يوجد شخص يحب أن يجد نفسه ضحيةً للمكر والخديعة. وإذا كان الإنسان، بحسب المختّصين، يكذب في اليوم بين ثلاث إلى عشر مرات تقريباً، فإنَّ هذه الأعداد تتضاعف عدّة مرات على شبكات التواصل الاجتماعي، كالفيسبوك والتويتر. ومع ذلك، يكذب الإنسان في كلتا الحالتين بوعيٍ وإرادةٍ تامةٍ، والدوافع للكذب واحدة، فكلنا، إلى حدٍ ما، نحب المفاخرة، والمباهاة، وتلميع الذوات، لكن هذا النمط من الكذب قد لا يجّر بالضرورة عواقب وخيمة، وهو أقرب للكذب الأبيض. وينطبق ذلك على اضطرار الشخص أحياناً إلى تصغير سنّه، وعدم ذكر محل إقامته بأمانةٍ، قبل أن يثق تماماً في الشخص الذي يدردش معه على الشبكة الافتراضية. غير أن إخفاء المعلومات يتوقّف على الأهداف المرجوّة من استخدام الشبكة، فهناك من يستخدمها للتواصل مع الآخرين فقط، وهناك آخرون يبحثون عن أصدقاء أو شركاء العمر، وهناك من يبتغي أن يجنى أموالاً طائلةً؛ وفي الغالب يكذب الناس كي يخفوا أهدافهم وأغراضهم الحقيقية، وهذا النوع من الكذب هو محاولة للمناورة والتحكّم في ذهن المتحاور وسلوكه، لذا يُنصح الفرد بتحليل المعلومات الواردة عن “صديقه” الافتراضي، وتمحيصها قبل مكاشفته بمعلوماتٍ صحيحةٍ عن نفسه. فإذا كان “الصديق” يمدحك دون معرفة سابقة، ويتربّص لظهورك على الشبكة بالكلمات المعسولة، فاعلم أنه يريد شيئاً أكبر من الصداقة، أما إذا كان عدوانياً وثرثاراً، فإنَّه يظهر على الشبكة للمفاخرة بالذات، وليس للاستماع للآخرين، وهناك اللحوحون الراغبون في التواصل مع الآخرين على مدار الساعة، ربما بسبب عجزهم عن تحقيق ذواتهم وأهدافهم في الحياة الواقعية فيلجؤون للحياة الافتراضية بديلاً عنها، ويبدو أن قدر المرء في هذه الدنيا أن يجري وراء الأوهام والخيالات كي يستطيع أن يهنأ بعيشه!