^ لا فرق بين النظام الوحشي في دمشق الذي يقتل إخواننا السوريين وبين الكيان الإسرائيلي الذي يقتل إخواننا الفلسطينيين في غزة، بل إن جريمة نظام الأسد ربما تفوق جريمة الكيان الإسرائيلي، حيث يبلغ عدد ضحايا بشار الأسد ونظامه أكثر من تسعة آلاف شهيد وآلاف المصابين والمهجرين قسراً والمشردين في البلدان المجاورة لسوريا، في حين استشهد في الحرب على غزة 2008 - 2009 ألف وأربعمائة شهيد. وبلغت حماقة النظام الأسدي مبلغاً خطيراً في الأيام الماضية، حيث اكتشفت عدسات الإعلام مذابح جماعية لأسرتين كاملتين في حي بابا عمرو تم ذبحهم بدم بارد أغلبهم من النساء والأطفال، كما إن الإجرام وصل مداه حينما قامت كتائب الأسد المعروفة بالشبيحة بوضع الألغام على كل من الحدود التركية واللبنانية ليرسم ملامح ديمقراطية النظام المتهاوي في سوريا، ويترك للمواطنين الاختيار بين موتين؛ إما ذبحاً على يد الشبيحة بالسكاكين والمدافع الإيرانية الروسية الصينية، وإما بالألغام إذا ما حاولوا -يائسين- الفرار من جحيم الوضع في سوريا! حتى أكثر الدول إجراماً وعدواناً وانتهاكاً للقواعد الإنسانية تسمح بمرور الإمدادات الغذائية إلى المدنيين الأبرياء والمستلزمات والأدوية الطبية إلى الجرحى والمصابين، أما النظام السوري فقد تجاوز كل تلك القواعد ليعلن عن قواعد جديدة وقوانين جديدة تتفنن في قتل الشعب وإغلاق جميع منافذ الحياة في وجهه لأنه يحاول استرداد كرامته السليبة. إن كل تأخير في محاولات التوصل لحل الأزمة السورية لا يدفع ثمنه إلا الأبرياء من المدنيين والأطفال والنساء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم عاشوا حقبة الأسد، الذي ينظر إلى السوريين وكأنهم فرائس (جمع فريسة) له الحق في أن ينهش لحمهم ويمتص دماءهم، طالما أن القانون الدولي عاجز عن اتخاذ القرار بفعل قوانين المصالح التي لا يجيد العرب حساباتها للأسف، فكانت النتيجة أن إجماع الدول العربية على إدانة النظام الأسدي غير ذي قيمة أمام المصالح الروسية والصينية وأمام الضغط الإيراني بكافة أشكاله وصوره. أتصور أن النظام الأسدي في سوريا لن يستطيع أن يكمل مسيرة القتل، مهما بلغت فصول مسرحيته التي يقوم على إخراجها مخرج إيراني بارع قادر على الحصول على جوائز الأوسكار، ومهما افتعل أحداثاً بظنه أنها ستلهي وسائل الإعلام عما يحدث على الأرض، مثل الدستور الجديد، تلك المزحة الثقيلة، ومثل الإعلان عن انتخابات برلمانية في مايو القادم الذي يطمح أن يصل إلى ذلك التاريخ وهو لم يزل رئيساً بعد! لست أدري كيف يدرك أن بإمكانه أن يعبر هذا المأزق الذي أوصل سوريا إليه بنفسه، كيف يمكنه أن يتصور أنه سيظل رئيساً لأبناء القتلى وأحفادهم وأقاربهم، كيف يمكنه أن يحكم شعباً يرفض الاستسلام لقهره، كيف بإمكان النظام القائم في سوريا الآن أن يتصور أن بإمكانه تحقيق المزيد من الإصلاح المزعوم؟ وأن تجرى انتخابات برلمانية ورئاسية وينسى الناس شهداءهم وينسى المهجرون أوطانهم؟ حالة واحدة فقط هي التي يمكنه فيها أن يستمر رئيساً حتى 2028 كما يطمح وفقاً لتعديلات الدستور الأخيرة، وهي أن يقوم باستبدال الشعب السوري بشعب آخر، وربما يساعده في عملية الاستبدال حلفاؤه في طهران وبكين وموسكو!