كتبت – مروة العسيري: أقر مجلس الشورى في جلسته الختامية أمس مشروعاً بتعديل قانون العقوبات (15) لسنة 1976، بشأن إذاعة ونشر أخبار كاذبة والحق في حرية التعبير، وذلك على الرغم من تحفظ بعض الأعضاء على المادتين 69 والمادة 168 وإصرارهم على الإبقاء على نص المادة في القانون الحالي في مفارقة غريبة، حيث إن السلطة التشريعية ترغب بفرض قيود ولكن الحكومة هي من تسعى لمزيد من الحريات. توسيع حرية التعبير وقال وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة “إن هذا القانون يضمن مزيداً من حرية التعبير ومعمول به في العديد من الدول الأوربية، حيث تم استعارتها من الاتفاقيات الأوربية كما إنه يأتي في سياق تنفيذ اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، مؤكداً لابد أن يفرق بين الكذب فلا يوجد إنسان في عصرنا الحالي اليوم لا يكذب ولكن التنظيم في هذه المادة أن يكون الكذب له تأثير وضرر يقع على المجتمع ويخل بالداب العامة والمصلحة العامة والأمن القومي مشيراً لى المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهي أن لكل إنسان حق اعتناق آراء دون مضايقة ولكل إ نسان تلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب إنسان كذلك الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار فني أو بأية وسيلة يختارها، كما تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية وهي احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأشار الوزير إلى ضرورة أن يترك للسلطة القضائية تحديد حجم الضرر الواقع من هذا الكذب المنشور، وأكد أن طلب إعادة المداولة في المادة 168 جاء لكي يتم تعديل القانون تنفيذًا للتوصيات التي قبل بها جلالة الملك وشكل لجنة لمتابعة تنفيذها، وقال:« ليس القصد كما يردده بعض الأعضاء من عدم تطبيق الشريعة الإسلامية فيه أو المساس بسيادة الدولة ولم يربط يد المشرع في الحكومة لكي يكتب مثل هذا القانون بل كان توجها لخدمة المصلحة العامة خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية التي مرت بها المملكة”. وكشف الوزير أن الانتقادات الموجهة لهاتين المادتين لم توجه لجزء معين واضح ولكن المطروح هو الآتي:«سوء التطبيق وخلق المشكلة وتخالف الشريعة الإسلامية وهذه المادة هدر للسيادة وجعل البحرين فريسة وسيادة البحرين راحت ثم مصلحة من تراعي هذه المادة”، مؤكداً “ لاتوجد دولة على قدر من الرقي في الدول الغربية تعاقب على حرية التعبير دونما أن يكون هناك ضرر وإذا رجعت إلى تصريح المقرر المعني في حرية التعبير ستجده تماماً هو نص الفقرة التي أمامك وهذه المادة تمت صياغتها بواسطة الحكومة وعرضت بواسطة الحكومة على السلطة التشريعية”، مشيراً إلى أن هناك قواعد دين وقواعد أخلاق وكيف في الجنائي لا نشترط ضررا ثم نأتي في المدني ونشترط ضراراً واجعل الجنائي أخف من المدني”، مطالباً المجلس أن يناقش المشروع مناقشة موضوعية. وأكد الوزير أن تطبيق القانون الحالي في حالة البحرين الاستثنائية صعب جداً ويترك القرار للسلطة التشريعية ولايمكن لنا أن نضغط على المجلس وإنما القرار النهائي له ولكن من حقنا أن ندافع وأن نطلب إعادة المداولات أو الدفاع وشرح وتوضيح ما وضعته الحكومة في مشروعها وهذا طبقاً للإجراءات واللوائح الداخلية، وما قلته في المداخلة السابقة نظراً للضغط الشديد علينا ولحالتنا الحالية صعب تطبيقه والقرار في هذا الأمر للسلطة التشريعية. المجلس سيد قراره وتساءلت العضو لولوة العوضي “كيف سيكون المجلس سيد قراره إذا لمح له بضرورة الموافقة وذلك تنفيذاً لأوامر من لجنة أو من اتفاقية، محذرة “أن يكون قرار المجلس تو اللحظة “، مؤكدة “نحن لا ننكر أن الدولة ملتزمة بتنفيذ توصيات بسيوني، ولكن لابد من ضرورة العمل بحسب الإجراءات واللائحة الداخلية للمجلس وألا يكون القرار مستعجلاً مصاحباً له الضغط من الحكومة للموافقة على المشروع “، وبينت العوضي “هناك سوء تطبيق للقوانين أدى إلى أفراط من قبل البعض في استخدام الأساليب الملتوية فمن أمن العقوبة أساء الأدب “، مؤكدة “علينا أن نجعل للنصوص تطبيقاً محكماً، ولايعني أن وجود خلل في التطبيق أن أعدل كل نصوصي لتتماشى مع هذا الخلل، وألا نجعل البحرين فريسة سهلة لمن يريد بها شراً، لافتة إلى مسألة الكذب ولايدخل في نطاق حرية التعبير وإلا أبحنا الكذب في إطلاقه وجعلناه مبدأ نتعايش عليه في مجتمعنا “. صورة البحرين مبهمة واعتبر العضو د.عبدالعزيز أبل أن المجلس أمام مسؤولية وطنية اتجاه البحرين، مشيراً إلى أن خلال اليومين السابقين وأثناء زيارة وفد برلماني للندن تعرض الوفد للكثير من الأسئلة حول ما إذا كان النظام البحريني خالف حقوق الإنسان وأن هناك انتهاكات، مستنتجاً من هذه الأسئلة أن صورة البحرين في الخارج أصبحت مبهمة، معتقداً أن على الشورى إعادة النظر في هذه المادة والمشروع إذا كان فعلاً يخدم مصلحة البحرين ومراعاة لظروفها الحالية والدفع بها نحو الاتجاه الصحيح. وأيد أبل في رأيه كل من العضو أحمد بهزاد، والعضو د. بهية الجشي في أن صورة البحرين أصبحت في الخارج مبهمة وذلك بسبب الأكاذيب المتنقلة عبر الفضائيات ومواقع الإنترنت. وكشف العضو الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام أن الكذب حرمه الإسلام، وأكد على أن تستمد قوانين البحرين من شريعتها الإسلامية وهذا ما نص عليه الدستور، مستغرباً من إحدى الأكذوبات الغريبة التي بدأ ينشرها المتظاهرون بعد آخر تجمعاتهم أن البحرين تم بيعها للمملكة العربية السعودية ولو أن هذه الكذبة لم تضر المجتمع الداخلي ولكنها قد تضر بصورة البحرين في الخارج ما إذا تم تداول هذه الأخبار المغلوطة متمنياً تأجيل هذه المادة إلى ما بعد الإجازة الشرعية. ولكن أتت رغبة المجلس مخالفة لرغبته وتمت الموافقة على المشروع. وقال العضو الشيخ د.خالد آل خليفة “تتحدث هذه المادة عن كذب مرتبط بالأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة وليس أي كذب بسيط وعادي “، مؤكداً “أننا في البحرين يجب أن لانتحسس من تقرير بسيوني ولابد أن نفخر به، حيث لم يسبق لحاكم أن يقترح تشكيل لجنة تقصي تبحث في حقائق حصلت في بلاده وهي لجنة محايدة مستقلة . وطالب العضو محمد الستري بألا نحمل النص أكثر مما يحتمل وهو يعاقب الكذب المؤدي إلى خطورة في المجتمع ولم تبح الكذب أبداً والنص شي آخر”، مؤكداً أن تقرير بسيوني وتوصياته خطوة غير مسبوقة من أجل تصحيح أوضاع قد تؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها. وتساءل العضو فؤاد الحاجي : هل يعاقب شخص على كذبة أبريل مثلاً لو قال هناك ديناصور يمشي بالقرب من المرفأ المالي فأين الضرر من هذه الكذبة؟ مع علمه الصريح بانه كاذب ولكن لا يوجد ضرر من وراء هذه الكذبة، فكيف يعاقب عليها وهل يجوز معاقبته عليها ؟ “، مؤكداً أن ما يحدث اليوم هو مفارقة عجيبة حيث إن الحكومة هي من تسعى لإعطاء مزيد من حريات التعبير والرأي ولكن نرى أعضاء في السلطة التشريعية هم من يتجهون نحو مزيدٍ من القيود . وينص مشروع تعديل قانون العقوبات 15 لسنة 1976، في إذاعة ونشر أخبار كاذبة، والحق في حرية التعبير، على «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وبالغرامة التي لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أذاع عمداً أخباراً كاذبة مع علمه بأنها من الممكن أن تحدث ضرراً بالأمن الوطني أو بالنظام العام أو بالصحة العامة، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ترتب على ذلك حدوث الضرر». ويضيف المشروع إلى قانون العقوبات مادة جديدة برقم 69 مكرراً نصها «تُفسر القيود الواردة على الحق في التعبير في هذا القانون أو في أي قانون آخر في الإطار الضروري اللازم لمجتمع ديمقراطي وفقاً لمبادئ ميثاق العمل الوطني والدستور، ويعد عذراً معفياً من العقاب ممارسة الحق في حرية التعبير في هذا الإطار”. وتمسكت وزارة العدل بالمشروع، لكون هناك انتقادات من عدة جهات دولية ومنها الأمم المتحدة على النص الأصلي للمادة 168، إضافة إلى أن النص بالمشروع بقانون ليس فيه أي ثغرة قانونية وهو يتماشى مع توصيات لجنة تقصي الحقائق التي أشارت إلى ضرورة ضبط النص ولم تشر إلى التخفيف أو التشديد، مشيرة إلى «أن النص المعدل في المشروع بقانون تمت دراسته بمزيد من البحث والعناية لمدة ثلاثة أشهر إلى أن تم التوصل إلى هذه الصيغة النهائية «، مؤكدة «ضرورة الفصل بين احتمال الضرر وحدوثه لأن هذا الخلط سيؤدي إلى مشكلة عدم إمكانية تنفيذه، والنص يتحدث عن إذاعة خبر يؤدي إلى ضرر بالأمن الوطني، وإذا لم يحدث منه أي ضرر فلا مشكلة في الموضوع، وتضمنت الفقرة الثانية في المادة نفسها تعريفاً لمفهوم الأمن الوطني الوارد في الفقرة الأولى من المادة”.