^ الإسكان وما أدراك ما الإسكان؛ الإسكان اليوم أصبح عند كثير من الأسر البحرينية أهم من كل القضايا السياسية والطائفية، فهو الملجأ الأول والأخير للأسرة والأبناء وكل المستقبل، فمن دون وجود مأوى للإنسان يحتمي به سيشعر أنه مازال غريباً حتى لو كان يعيش في وطنه. ملف الإسكان من أهم الملفات الوطنية البحرينية التي يجب أن تعالجها الدولة، لأنه من الملفات المؤرقة لغالبية شرائح المجتمع، وكلما تأخر وقت العلاج أو تباطأتْ الجهات المسؤولة في إيجاد مخرج لهذا الملف الكبير، فإن هنالك فرصاً ستُخلق للجميع من أجل تسيَّسه بكل تأكيد، وبعدها من الممكن جداً أن تكون ذلك محل إحراج كبير للدولة. لا أعتقد أن وزارة الإسكان باستطاعتها معالجة الملف الإسكاني في البحرين لوحدها، فهي وعلى مدى عقود أثبتت عجزها عن وضع حل نهائي لمشكلة الإسكان في البحرين، بل لم تستطع أن تصنع استراتيجيات بعيدة المدى، أو حتى أن تخلق مناخات جيدة وخصبة للمعالجة، والدليل أن الطلبات الإسكانية لم تتزحزح من مكانها، بل زاد حجمها واتسعت رقعتها في العقود الأخيرة. زرت الإسكان زيارة خاطفة، فرأيت جموع المراجعين تكتظ بهم الصالات، وحين يقابلون المسؤول يخرجون جميعهم بانطباع واحد وهي إلقاء (الوعود المعسولة) عليهم، حتى قال بعضهم (حفظنا الإسطوانة)!!. إن المشكلة الإسكانية في البحرين، وبعد أن تضخمت اليوم، تحتاج أن تسهم فيها جهة أخرى، وهو أن تشكل هيئة وطنية عليا للإسكان وليس إلى وزارة تقليدية يرأسها وزير وبعض من المسؤولين، لأن الوزير لن يستطيع بمفرده أن يحل ملف الإسكان العظيم، حتى ولو كان رجلاً خارقاً، فالإسكان يحتاج إلى هيئة وطنية كبيرة وإلى خطط مستقبلية وإلى بناء استراتيجيات عملاقة تتناسق وحجم المشكلة، لا أن تقوم الوزارة في شكلها الحالي بتخصص خمسة (كونترات)، تريد من خلالها إعطاء جرعات تخديرية من الأمل لمواطنين ينتظرون أكثر من 20 عاماً للحصول على وحدة سكنية!!. ليس هكذا وبهذه البساطة تُحل المشكلة الإسكانية في البحرين، وليس بالوعود وحدها، تستطيع الوزارة أن تُمَوِّه عجزها عن بناء وحدات سكنية للمواطنين، لتعطي وعوداً غير حقيقية لهم. وأنا جالس في قاعة الانتظار بالوزارة، جاءني صديقي المواطن العزيز الأخ علي بوجيري، فسألته ما هي مشكلتك؟ فأخبرني أنه جاء يراجع الإسكان عن موضوع طلبه الإسكاني الذي شارف على العشرين عاماً، لكنه لم يستفد من كل الوعود التي يضربها معه موظف الاستقبال في كل مرَّة يراجعهُ فيها!. على وزارة الإسكان أن تعترف وعبر عقود من الزمن الماضي عن فشلها في إدارة الملف الإسكاني بطريقة احترافية، ومن هنا وجب على الدولة أن تحيل ملف الإسكان العظيم إلى لجنة وطنية عليا، تضم أسماء بارزة من الكفاءات والطاقات والخبرات الوطنية والأجنبية الجبارة، وإلا سوف يظل الملف الإسكاني شماعة يحركها كل السياسيين حيثما شاؤوا، وحينها ما عسى أن نقول لهم ولكل مواطن جف دمه وهو ينتظر منزل العمر؟. أنا على يقين أنني لا أستطيع معالجة أو حتى مناقشة موضوع أكثر من 50 ألف طلب إسكاني في هذا المقال. لكن أتمنى هذه المرة أن تجيبنا الإسكان.