كتب - طارق مصباح: في وقت تُزال الدوارات من شوارع المملكة، تبقى مدينة حمد هي مدينة الدوارات المتربعة على عرش مدن المملكة كأكبر مدينة حديثة بنيت في أوائل الثمانينات وبقيت دواراتها الـ22 باقية عبر السنين! فمنذ أن افتتحت مدينة حمد سنة 1984، وهي تتميز بين مناطق المملكة بضواحيها الأربع: اللوزي، الروضة، الوادي، والنزهة، التي يقول عنها الأهالي إنها كانت مزارع خضر تشتهر بالرمال الزراعية والأشجار والنباتات التي يندر وجودها في بقية المناطق والتي كان المزارعون يأتون لشرائها. ذكريات مدينة الدوارات حدثنا عنها أكثر من واحد ممن عاشوا فيها منذ تشييد بيوتها، ومنهم العضو النيابي السابق أحمد حاجي الذي عاد بذاكرته إلى سنة 1968 عندما كان السكان يذهبون إلى عالي ومدينة عيسى والرفاع لشراء الخبز والطعام والماء! وعن جانب آخر من حياة المدينة حدثنا أيضاً حسين القلاف راوياً لنا أن الرجال كانوا يخافون على أهليهم ونسائهم في المساء فلا يخرجون من بيوتهم بسبب كثرة الحوادث والسرقات آنذاك. أما محمد القصاب فحدثنا أن المدينة لم يكن فيها مركز صحي في ذلك الوقت مما يضطر السكان أن يقصدوا مركز مدينة عيسى الصحي أو مركز الصباح في كرزكان.. قصة الدوارات مواقف لم تخل من الطرافة عايشها الآباء والأجداد في تلك الحقبة، كان منها ما يتعلق بـ “الدوارات”! فما هي تلك القصة؟ أترك الكلام لعادل الذوادي الذي قال: لم تكن هذه الدوارات مرقمة، فكان الذي يريد الذهاب إلى بيته في الدوار العاشر مثلاً عليه أن يعد الدوارات التي يمر بها وإذا أخطأ في العد فإنه يعود إلى البداية!. وروى موقفاً آخر وهو يضحك: كنا نسمي الدوار 4 بالدوار الأقرع لأن البلدية لم تزرعه كما بقية الدوارات.. ولا نعرف السبب!! إذا كان الحالي في المدينة هكذا في تلك السنين، فهل تغير الحال اليوم بعد مرور أكثر من 25 عاماً؟! الخدمات الصحية غير كافية المواطن سلطان الدوسري أكد وجود تغيرات ملحوظة في المدينة الكبيرة ولكنه وصف الخدمات المقدمة للمدينة بأنها “لا توازي حجم التوسع العمراني والكثافة السكانية الآخذة بالتزايد عاماً بعد عام”. هذا الكلام دفع حسين القلاف إلى أن يطالب بإنشاء أكثر من مركز صحي في المدينة وعدم الاقتصار على مركزين فقط، وتوسعة المراكز الحالية لتشمل التخصصات الأساس المطلوبة بدلاً من الاضطرار للذهاب إلى المستشفى العسكري أو مركز السلمانية. لكن عبدالله كبابي ومحمد القصاب شددا على الحاجة الملحة لإنشاء مستشفى ولادة في المحافظة الشمالية لخدمة نساء مدينة حمد اللواتي تصعب عليهن في كثير من الأحيان الولادة في مناطق أخرى بعيدة. ويقترح الأهالي توفير سيارات إسعاف في المراكز الصحية لكي تسهل عملية الوصول إلى الحالات الصعبة في ظل الازدحام المروري هذه الأيام. الحاجات الاجتماعية والرياضية ويمتاز سكان مدينة حمد بحبهم حضور المجالس والتواصل الاجتماعي مع بعضهم، لذا فكانت بعض مطالبهم تصب في هذا الإطار، وهذا هو المواطن ضيف محمد يحدثنا عن الحاجة إلى إقامة صالات عامة للمناسبات واللقاءات مع المسؤولين، كما اقترح تخصيص ساحات شعبية لإقامة المهرجانات والفعاليات السنوية. وفي الشأن نفسه، يرى إبراهيم الياسي أن الحاجة قائمة لإنشاء مكتبة عامة وقاعات محاضرات لتكون حاضنة للعلم والثقافة واستضافة الفعاليات العلمية. وللمتقاعدين مطالبهم أيضاً، إذ أكد فريد حسن أهمية وجود دار لرعاية الوالدين، ذاكراً أهميتها في تحسين الصحة النفسية لكبار السن والمتقاعدين وتنمية مواهبهم وإشراكهم في برامج مجتمعية وفعاليات ترفيهية. بينما تمنى سلطان الدوسري أن يتم بناء أندية شبابية وملاعب للشباب وعدم الاقتصار فقط على مركز مدينة حمد الشبابي، متسائلاً باستغراب: كيف تكون مدينة بحجم مدينة حمد وليس فيها ناد وفريق رياضي ينافس بقية فرق المناطق؟!! المدينة، أيضاً، تفتقر إلى الحدائق والمتنزهات، وإن وجدت فإن وجودها غير منظم! هذا واقع جعل شباب المدينة وأبناءها يلعبون في الأحياء بين العمارات، والتقطت صورة تظهر هذا المشهد، كما إن وجود ناد واحد لا يكفي وبعض الحدائق “الصغيرة” هنا وهناك لا تلبي الحاجة في ظل التزايد السكاني.. ومن ضمن مطالب الأهالي التي سجلتها أثناء جولتي واستطلاعي لآراء السكان ما ذكره ضيف محمد وإبراهيم صياح من أهمية توفير مدارس ثانوية صناعية. ملاحظة أخرى وردت على لسان كثير من الأهالي لخصها لنا حسين القلاف وهي عدم الإسراع ببناء المساجد التي خصصت لها مساحات، تلك المساحات التقطت لها صوراً بعدسة الكاميرا آملين من الجهات المعنية الإسراع في بناء بيوت الله وتجهيزها بدلاً من أن يقيم عباد الرحمن شعائرهم في “صناديق” في القرن الحادي والعشرين! أهالي مدينة حمد يعشقون الرياضة، والتجوال في شارعها العام وبخاصة قبيل الغروب، إذ تلحظ كثرة الرجال والنساء الذين يمارسون رياضة المشي، وتوقفت لأتحدث مع بعضهم فذكر لي أحمد محمد أنه يحبذ إنشاء ممشى بدلاً من استخدام الشارع، واتفقت معه أم صالح التي عدت الممشى أكثر “ستراً” للنساء، وعندما سألتها لماذا إذن تلجئين للمشي في الشارع أجابت باستغراب: “وين نروح بعد”؟!! أسواق مدينة حمد.. متوقفة! وفي شوارع المدينة أيضاً صادفت عدداً من باعة الخضراوات والفواكه الجائلين، واتفقوا على أن المنطقة تحتاج سوقاً مركزياً كبيراً يضمهم ويوفر خدماته وبضاعته قريباً من الأهالي. ومادام الحديث عن الأسواق، فكيف هي أحواله في هذه المدينة الكبيرة؟! الأهالي منزعجون من تكدس المحال في مقدمة المدينة وفي بدايتها عند السوق الشهير المسمى سوق “واقف” وسبب هذه التسمية كما يقول مختصون بالتراث القطري أن الباعة كانوا يقفون على جنبات الطريق الضيقة التي تؤدي إلى السوق الكبير في الدوحة ليبيعوا فيها أشياء مثل البقل والأسماك، وعادة ما كان البيع يتم بنحو سريع قبل الدخول إلى السوق، ولكن كيف حال سوق واقف في مدينة حمد؟! تجولت في هذا السوق بسيارتي ظناً مني أنني سأجد موقفاً لأسير بعدها على قدمي إلا أن سيارتي تباطأت في سيرها بسبب الضيق والزحام وبعد معاناة كبيرة وجدت موقفاً ضيقاً تركتها فيه! الناشط الاجتماعي جمال داود استغرب من تجمع الأسواق كلها “تحت قبة واحدة” في هذا السوق الآخذ في البناء العمودي، مطالباً بإنشاء مركز تجاري وسوق عام في منتصف مدينة حمد، منوهاً إلى أن الأهالي كثيراً ما تردد عندهم هذا المقترح لافتاً إلى أهمية الاستجابة له. بينما تحدث عبدالرحمن مسامح عن أهمية وجود مجمع لخدمات الوزارات الخدماتية في مدينة حمد لخدمة السكان وتقريب المسافة بينهم وبين تلك الوزارات. ماذا يقول نواب المدينة؟ ولكن ماذا فعل نواب المنطقة بشأن هذه النواقص الضرورية التي يأمل السكان بتوافرها في مدينتهم؟ النائب محمد العمادي عايش تطور مدينة الآباء وأشاد بتوافر الخدمات الأساس فيها إلا أنه أكد ضرورة توافر منشآت شبابية وأخرى للمتقاعدين ومجمع لخدمات الوزارات وسوق مركزي، بينما اتفق النائب خالد المالود على ضرورة بناء مجمعات تجارية وأسواق كبيرة بدلاً من الاكتفاء بسوق واقف، مطالباً بتوفير الخدمات الصحية والعيادات التخصصية في المراكز الصحية كافة في مدينة حمد. أما العضو البلدي خالد الكعبي فبعد أن استعرضنا معه ملاحظات الأهالي أوضح لنا أن الأرض التي خصصت لإنشاء مجمع تجاري توقف البناء فيها بعد وجود ما يتطلب الإزالة تحت الأرض، ولكن ميزانية إزالته حالت دون تنفيذ المشروع! وبشأن طموح الأهالي بتوفير عدد أكبر من الحدائق والملاعب، علق الكعبي: إن الفكرة والمقترحات بهذا الصدد استمرت منذ 2002 وهي آخذة في التطبيق على أرض الواقع ولكنها لحد الآن لا تلبي تطلعات الأهالي، مشيراً إلى أن الميزانية المرصودة دائماً ما تكون هي العائق! وبعد هذه الجولة السريعة، فإن أهالي المدينة التي تحمل اسم الرجل الأول في هذه المملكة وربان سفينتها، ليأملون أن تحظى منطقتهم بامتيازات تؤهلها لكي تصنف ضمن المناطق الحديثة النموذجية التي تتوافر فيها الخدمات كافة التي تهيئ العيش الكريم والمريح لهم، فهل ترى مطالبهم وآمالهم النور قريباً؟!