بات سيناريو خروج اليونان من منطقة اليورو بعدما ظل لفترة طويلة من المحرمات، مطروحا بشكل متزايد مع تنظيم انتخابات جديدة غير معروفة النتائج في هذا البلد، ويهدد بالتسبب بمازق للاتحاد المالي وببلبلة المشروع الاوروبي بشكل اجمالي.
وقال ريتشارد ويتمان من مركز تشاتام هاوس للدراسات في لندن ملخصا الوضع "بعدما يخرج بلد (من منطقة اليورو) لن يكون هناك ما يمنع تكرار الامر" مضيفا "ان خروج اليونان في حال حصل، ستترتب عنه عواقب كبرى بالنسبة لاثينا، لكنها ستكون اكبر بالنسبة للدول التي تجد صعوبة في الالتزام بتعهداتها" المالية.
وبكلام اخر، فان هذا السيناريو قد يرغم دولا اخرى تواجه صعوبات اقتصادية على الاختيار ما بين البقاء في اليورو او الخروج منه.
وبالتالي قد يشكل خروج اليونان بداية لتفكيك الاتحاد المالي بعد 13 عاما على اقامته، فضلا عن انه سيشكل اعترافا بالفشل من قبل الاوروبيين الذين يتخبطون منذ سنتين للخروج من ازمة الديون.
وسيسدد هذا الاحتمال ضربة شديدة الى المشروع الاوروبي بمجمله الذي ينص على دمج جميع بلدان الاتحاد الاوروبي مع الوقت في منطقة اليورو، باستثناء بريطانيا والدنمارك اللتين ترفضان ذلك.
اما بالنسبة للمنضمين حديثا، فان الامر سيكون صعبا للغاية، اذ سيعني انه بالرغم من جهودهم الهائلة من اجل الدخول الى الاتحاد الاوروبي، فان مستقبلهم لن يكون مضمونا، ما قد يفقدهم الثقة في المشروع الاوروبي. كما ستكون الخيبة كبيرة بين الذين يتطلعون للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، ما قد يحملهم على التخلي عن مشروعهم.
وعلى الصعيد الرمزي، ان ترك اليونان التي كانت مهد الديموقراطية، تخرج من منطقة اليورو وربما ايضا من الاتحاد الاوروبي كما تنص عليه المعاهدات الحالية، سيسدد ضربة للمبادئ الجوهرية التي يقوم عليها البناء الاوروبي.
وكان انضمام اليونان عام 1981 تقرر تحديدا من اجل تثبيت الديموقراطية في هذا البلد بعد قليل على انتهاء حقبة الدكتاتورية العسكرية.
وراى جان تيشاو مدير مركز كارنيغي اوروبا للابحاث في بروكسل ان "هذا سيقضي على فكرة التضامن بين الاوروبيين، ما سيطيح بجهود بناء اتحاد اوروبي"، ما قد تترتب عنه عواقب سياسية فادحة.
وقال جان دومينيك جولياني رئيس معهد روبرت شومان ان "كل ذلك سيصب لصالح الاحزاب المتطرفة. انه سيناريو قاتم جدا. وهذا ما يفسر كل هذه التصريحات التي ترد من اجل بقاء اليونان في منطقة اليورو".
فهل يكون هذا الاحتمال مقدمة لكارثة؟ هذا امر غير اكيد بنظر برونو كافالييه، الخبير الاقتصادي في وكالة اودو للوساطة المالية.
ويوضح "المفارقة ان خروج اليونان المحتمل قد يشكل عامل تماسك بين الاعضاء الاخرين" لان الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في هذا البلد سيكون "نموذجا لا يود احد التشبه به".
واقر رئيس معهد شومان ان "اي تفاقم في الوضع سيقود بشكل طبيعي الى تحقيق تقدم على صعيد الاندماج".
ويضيف انه حتى في اسوأ الحالات "لا اعتقد انه سيتم التضحية باليورو، بل سيعمد الى اعادة تركيزه مجددا على نواة صلبة من الدول المستعدة للموافقة على مزيد من الاندماج".
وعلى سبيل المثال فان خروج اثينا من منطقة اليورو قد يؤدي بصورة غير مباشرة الى تشجيع التشارك في مسؤولية القروض، من خلال السندات باليورو التي ترفضها برلين بشكل قاطع، واقامة خزانة اوروبية.
كما يحتمل ان تنبثق عن هذه التقلبات مناصب جديدة مثل وزير مالية اوروبي، وهو منصب يدعو اليه الرئيس السابق للبنك المركزي الاوروبي، الفرنسي جان كلود تريشيه.
لكن جولياني يحذر من ان مثل هذا السيناريو يتوقف على عدد الدول التي ستكون على استعداد لتحقيق المزيد من الاندماج، وعلى كلفة هذه التغييرات.