ودعت الجزائر المطربة العربية الكبيرة وردة الجزائرية في موكب جنائزي مهيب، ووارت جثمانها الثرى في مربع الشهداء والمجاهدين في مقبرة “العالية” في العاصمة الجزائرية لترقد الى جانب كبار الشخصيات الذين عرفتهم البلاد. وفي مراسم قل نظيرها لشخصية غير سياسية، وقفت نخبة من عناصر الحماية المدنية لاستقبال نعش “وردة الجزائر” في المقبرة، وسار وراءه نجلها رياض الذي كان يعيش معها، وبدا عليه تأثر شديد منعه من الإدلاء بأي تصريح. وترافقت مراسم دفن الفنانة العربية مع إطلاق النساء اللواتي حضرن استثنائياً المراسم التي تقتصر عادة على الرجال، الزغاريد. وسار وراء النعش رئيس الوزراء أحمد أويحيى وسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، إضافة الى فؤاد عالي الهمة مستشار ملك المغرب محمد السادس. وقالت خلفة بن عمار (61 عاماً) التي أتت خصيصاً من بجاية التي تبعد 180 كيلومتراً شرق العاصمة للمشاركة في مراسم الدفن “أنا منهارة كلياً. لقد ذبلت وردة الجزائر، وأشعر أني مت أنا أيضاً”. وذكرت سامية مبروك (40 عاماً) وهي من سكان العاصمة “ما كان بوسعي إلا أن أرافقها إلى مثواها الأخير. فقد رافق صوتها طفولتي. لقد بذلت الكثير من أجل بلادها”. وأعرب الموظف مراد (40 عاماً) عن أسفه “لخسارة رمز للجزائر برمتها”. وتوفيت وردة البالغة من العمر نحو 72 عاماً في القاهرة جراء إصابتها بأزمة قلبية الخميس. ونقل جثمانها إلى العاصمة الجزائرية مساء الجمعة في طائرة خاصة وكان في استقباله في المطار عدد من الوزراء في الحكومة الجزائرية. وقبل ظهر أمس (السبت) سجي جثمانها لساعات في قصر الثقافة لإلقاء نظرة أخيرة على المطربة الكبيرة. ووقف رجل ثلاثيني من عين دفلة (140 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة) أمام الجثمان وهو يبكي صائحاً “وردة يا وردة” وقد أصيب بنوبة هيستيريا قبل أن يفقد الوعي ويتم إخراجه من القاعة. وقال سفير الجزائر في مصر نادر عرباوي “قبل أسبوع على وفاتها التقيتها في القاهرة. وكانت متشوقة للعودة إلى الجزائر للإقامة فيها والمشاركة في احتفالات الذكرى الخمسين للاستقلال”. وتحضيراً لهذه الاحتفالات سجلت وردة الجزائرية أغنية “ما زال واقفين” التي تبثها الإذاعة باستمرار مع شهادات عن المطربة في حين يعرض التلفزيون حفلاتها الغنائية. وأشادت الصحافة الجزائرية مجتمعة بالمطربة الكبيرة ونشرت عشرات الصور لها. وكانت وردة الجزائرية بدأت الغناء في سن الحادية عشرة في مقهى والدها في باريس. وغادرت فرنسا في العام 1958 قبل أربع سنوات على استقلال الجزائر. وفي كلمة ألقتها في قصر الثقافة، قالت وزيرة الثقافة الجزائرية خالدة تومي إن “وردة لم تتردد يوماً في منح صوتها وحتى عائداتها إلى جيش التحرير الوطني” الجزائري. وقال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إن وردة “نذرت حياتها لفنها ونذرت فنها لوطنها أينما حلت وارتحلت مناضلة من باريس في صباها إلى المشرق العربي، فرفعت رايته في محافل الفن وأسمعت كلمته في منابره وكانت في ذلك قامة قل أن تسامى وموهبة مبدعة ندر أن تضاهى”.