أكد كتاب” المرأة البحرينية في عهد حمد”، في تقرير أعده المجلس الأعلى للمرأة البحرينية،أن” تفاعل المرأة في المجتمع معيار أساسي لحضارة وتقدم أي مجتمع، مشيراً إلى أن وضع المرأة يمثل في أي مجتمع، معياراً أساسياً يوضح درجة تقدمه ومدى تفاعله مع معطيات العصر الحديث بكل ما يحمله من قيم الديموقراطية واحترام المواطنة ودعم قضايا حقوق الإنسان”. وأوضح الكتاب الذي يعد أحد أهم إصدارات المجلس الأعلى للمرأة، أن” القانون البحريني أكد المساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة، إضافة إلى التزام الدولة بكفالة حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل بمختلف الميادين، منوهاً إلى أن للمشاركة النسائية دور كبير في اجتماعات اللجنة التي وضعت الميثاق”. وأضاف الكتاب” أن القانون أقر مبدأ المساواة بين المواطنين، بما يتجاوز ويرقي على أي تمييز قائم على الفروق النوعية، وبما يرسى دعائم المواطنة التي ترسخ لممارسة ديموقراطية أصيلة تعد إطاراً أعم وأشمل لنيل المرأة حقوقها سواء بشكل مباشرة عبر الاعتراف بتلك الحقوق وتمكينها من الحصول عليها أو توفير المناخ الملائم لنيلها”. ويستمد هذا التقرير سطوره من كتاب “المرأة البحرينية في عهد حمد”، الذي يستمد فكره من المشروع الإصلاحي، الذي تبناه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى أجزائه البنيوية. ومن هذا المنطلق جاء الميثاق الوطني ودستور 2002 مقدمة إلى مشروعية حقوق المرأة حيث أكدت التعديلات التي أدخلت عام 2002 على دستور عام 1973، أهمية تحقيق مبدأ المساواة بين جميع المواطنين دون أي تمييز بينهم في الحقوق والواجبات بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة الأمر الذي أدى إلى دعم دور المرأة التنموي وأضفى عليه المشروعية. وجاءت هذه التعديلات التي نص عليها دستور 2002 استجابة لحوار وطني شاركت فيه طوائف الشعب كافة ودعا إليه جلالة الملك في 22 نوفمبر 2000، بصدور الأمر الأميري رقم “36” الذي ينص على تشكيل لجنة إعداد ميثاق العمل الوطني التي تكونت من 46 شخصية من رموز المجتمع منهم ست سيدات هن:« الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة، ود. الشيخة مريم بنت حسن بن علي آل خليفة، ولولوة صالح العوضي، ود. بهية جواد الجشي، وفاطمة حسن جواد، ود.ندى حفاظ”. وكان للمشاركة النسائية دور كبير في اجتماعات اللجنة التي وضعت الميثاق الذي تم طرحة للاستفتاء العام يومي 14 و15 فبراير عام 2001 وأكد الإعلان الدعوة إليه حق الرجال والنساء البحرينيين البالغين من العمر 21 عاماً في المشاركة، ونال هذا الميثاق موافقة 98.4% ممن لهم حق في التصويت، وبلغت نسبة تصويت النساء 49% من إجمالي المشاركين مما يعكس التفاعل الإيجابي للمرأة مع الدور الجديد الذي شكلت ملامحة المرحلة الجديدة التي تخطوها التنمية السياسية بالمملكة. وعقب الموافقة الشعبية على الميثاق الوطني، أصدر جلالة الملك في 24 فبراير 2001 المرسوم رقم “6” لسنة 2001 بإنشاء “لجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني” والتي تهدف إلى مراجعة جميع القوانين والتشريعات الوطنية واقتراح التعديلات والآليات اللازمة لتنفيذ مبادئ الميثاق وقد تم تشكيل اللجنة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم “15” لسنة 2001 وترأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد وضمت في عضويتها 16 عضواً منهم السيدتان المحاميتان “لولوة العوضي” و“جليلة السيد” وعقب عمل متواصل استمر نحو العام صدر الدستور المعدل في 14 فبراير 2002 متضمناً الكثير من المبادئ التي تدعم دور المرأة في المجتمع بما لا يدع مجالاً لإغفاله أو تحجيمه. الضمانات الدستورية لحقوق المرأة أقر الدستور البحريني نصوصاً عامة تتعلق بالمساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة وبحماية الأمومة والأسرة ثم أفرد بنوداً تنص على التزام الدولة بكفالة حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل في مختلف الميادين، إضافة إلى نصوص نوعية تؤكد حق المرأة بالمشاركة السياسية حيث جاء الدستور المعدل عام 2002 متضمناً نصاً نوعياً بإقرار حق المشاركة السياسية للمرأة والرجل وهو الدستور العربي الوحيد الذي اشتمل على مثل هذا الحكم. كفالة الحق في المساواة وتضمن الدستور البحريني المعدل لعام 2002، نصوصاً تقر صراحة مبدأ المساواة بين المواطنين بغض النظر عن الجنس أو الأصل او اللغة أو العقيدة، مما حقق اعترافاً مبدئياً بالتساوي النوعي بين مواطني المملكة، بما يدعم فكر المواطنة ومبادئ الديموقراطية وبما يجعلهم سواسية أمام القانون سواء في الحقوق أو الواجبات حيث تنص المادة “4” علـــــــــــى أن “الحريـــــــــــــة والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة” كما تنص المادة “18”على أن” الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنين لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، فضلاً عما تضمنته الفقرة “ب” من المادة “5” من المساواة الصريحة بين الرجال والنساء في جميع المجالات حيث تنص على أنه “تكفل الدولة للمرأة .. مساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية” وقد أقرت تلك المساواة الدستورية مبادئ المواطنة التي تجعل جميع من يحملون الجنسية البحرينية سواءً في ممارسة الحقوق والواجبات. وبالنظر إلى هذه المواد التي أسست لمبدأ المساواة بين المواطنين بغض النظر عن النوع كأساس تنطلق منه قرارات وقوانين الدولة، وبما يحمل من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على حصول المرأة البحرينية على حقوقها - يمكننا استخلاص عدة ملاحظات كالتالي: - أقر القانون مبدأ المساواة بين المواطنين بما يتجاوز ويرقي على أي تمييز قائم على الفروق النوعية، وبما يرسى دعائم المواطنة التي ترسخ لممارسة ديموقراطية أصيلة تعد إطاراً أعم وأشمل لنيل المرأة حقوقها سواء يشكل مباشرة عبر الاعتراف بتلك الحقوق وتمكينها من الحصول عليها أو توفير المناخ الملائم لنيلها. - مراعاة الدستور لمبادئ الشريعة الإسلامية كأساس لتحقيق المساواة بين النساء والرجال وهو ما يرسخ حقيقتين مهمتين الأولى “أهمية تحقيق الموازنة بين الثوابت الدينية والثقافية للمجتمع من ناحيه وحصول المرأة على حقوقها من ناحية أخرى، بما يحقق أعلى درجة القبول الاجتماعي لنيلها تلك الحقوق، والثانية، تتمثل بوعي القيادة السياسية بالقيم الإسلامية السمحة التي راعت إنسانية المرأة وحافظت على حقوقها، وضرورة الفصل بين ما أرسته العادات الاجتماعية وما تضمنته الشريعة من أحكام وعدم التعارض بين حصول المرأة على حقوقها والنهج الإسلامي الأغر. - الاعتراف بمبدأ تكافؤ الفرص يضع أساساً لاعتماد الكفاءة معياراً أولياً ورئيسياً في ممارسة الحقوق والحصول على المزايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. - اشتملت المساواة التي أقرها الدستور على الحقوق والوجبات معاً بما يدفع بالمرأة للمشاركة بفعالية في الشؤون العامة على اختلافها في إطار احترامها لما عليها إزاء المجتمع الذي يحترم هو الآخر ما لها. - اعتبر الدستور أن الكرامة الإنسانية، توجب بالمساواة بين الناس على اختلافهم وتنوعهم مما يعني أن كرامة الرجل في أن يحترم إنسانية المرأة وبالعكس. - جعل الدستور من القانون حكماً ومرجعاً يتم تنفيذه وفق مؤسسات القضاء بما يضمن العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة. - جمع الدستور بين ثلاثية الحرية والمساواة والأمن، باعتبارها أركاناً متكاملة يفتقد كل منها جدواه في حال غياب الآخر فلا معنى للمساواة بين الرجل والمرأة في ظل مجتمع لا يعترف بحريتهما في الممارسة أو لا يحيا مواطنوه في أمان يضمن لهم واقعاً يمارسون فيه حريتهم المتجاوزة لفروع النوع. - منح الدستور ما أقره من مبادئ كأساس للحكم حصانة ضد أي تغيير أو تعديل إذ الفقرة “ج”، من المادة “120”، على أنه “لا يجوز اقتراح تعديل نظام المجلسين، ومبادئ الحرية والمساواة المقررة في هذا الدستور”. الحق في المشاركة السياسية لم يمنح الدستور البحريني لعام 1973 المرأة حق المشاركة السياسية إذ تم تفسير المبادئ الخاصة بالمساواة بين المواطنين باعتبارها قاصرة على الرجال فقط بما حرم المرأة من مباشرة حقوقها السياسية انتخاباً وترشحاً وهي الحقوق التي حصلت عليها في الدستور المعدل لعام 2002، حيث تنص الفقرة “ه” من المادة رقم “1” على:« للمواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشح وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشح إلا وفقاً للقانون” وقد تضمن تلك المادة نصاً صريحاً ومباشراً يقر حق المرأة في المشاركة في الفعاليات العامة ومنها الفعاليات السياسية ويمكن الكشف عن أهمية ذلك النص بالنظر إلى اعتبارين مهمين، الأول أن الدستور لم يقصر حق المشاركة الانتخابية للمرأة على الحق في التصويت، وإنما منحها الحق في الترشح سواء لعضوية المجلس النيابي أو المجالس البلدية بما يحمله ذلك من تبعات من حيث قدرتها على طرح ومناقشة مشروعات القوانين وممارسة الأدوار الرقابية على السلطة التنفيذية والاضطلاع بعمليات التخطيط المحلي. أما الاعتبار الثاني فهو إقرار الدستور لحق المرأة في التمتع بالحقوق السياسية بصورة عامة، بما يعني عدم الاقتصار على الحقوق الانتخابية، وإنما يمتد ليشمل حقها في المعرفة السياسية والاعتصام والتظاهر والمشاركة في الجمعيات السياسية وغيرها من الحقوق التي تدخل ضمن إطار الحق السياسي. الحق في العمل أقر الدستور حق العمل والمشاركة في الأنشطة الاقتصادية لجميع مواطني مملكة البحرين دون تمييز بما يتيح للمرأة فرصة المشاركة في العملية الإنتاجية داخل المجتمع حيث تنص الفقرة “ب” من المادة “16” على “المواطنين سواء في تولي الوظائف العامة وفقاً للشروط التي يقرها القانون” وهو ما حددت شروطه وضوابطه المادة “13” من الدستور التي تنص على:« العمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستجوبه الخير العام ولكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقاً للنظام العام والآداب. وتكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه. ولا يجوز فرض عمل إجباري على أحد إلا في الأحوال التي يعينها القانون لضرورة قومية وبمقابل عادل أو تنفيذاً لحكم قضائي. وينظم القانون على أسس اقتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال”. ويقر بذلك الدستور لجميع المواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة الاقتصادية كعاملين أو أصحاب أعمال في إطار من المساواة القانونية الكاملة التي تراعي الأسس الديمقراطية وقواعد العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في اختيار العمل الذي يلائمه ويتناسب مع مهارته دون تقييد. كما لم يغفل الدستور الواجبات الاجتماعية والأسرية للمرأة كأم وزوجة وأهمية توفير الضمانات التي تتيح لها الموازنة بين واجباتها إزاء الأسرة وعملها بما يتجاوز عائقاً غير مباشر طالما حال دون نزول المرأة ميدان العمل. الحق في التعليم نصت المادة “7” من الدستور على:« ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي كما تكفل الخدمات التعليمية والثقافية للمواطنين ويكون التعليم إلزامياً ومجانياً في المراحل الأولى التي يعينها القانون وعلى النحو الذي يبين فيه ويضع القانون الخطة اللازمة للقضاء على الأمية. وينظم القانون أوجه العناية بالتربية الدينية والوطنية في مختلف مراحل التعليم وأنواعه كما يعنى فيها جميعاً بتقوية شخصية المواطن واعتزازه بعروبته. ويجوز للأفراد والهيئات إنشاء المدارس والجامعات الخاصة بإشراف من الدولة ووفقاً للقانون. وتكفل الدولة لدور العلم حرمتها”. ونجد الدستور، بالنظر إلى ما تضمنته هذه المادة، قد أقر حق التعليم لكل مواطني المملكة، دون استثناء أو تمييز وهو امتداداً لمبدأ المساواة الذي سبق أن اعتمده أساساً لجميع الحقوق السياسية والاقتصادية.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}