أحمــــــــــــــد جاســـــــــــم [email protected]

مع أننا كمجتمعات عربية نغوص يومياً في (القيل والقال) واللغط، فإن الأحداث الأخيرة التي عصفت بالبحرين العام الماضي وتواصل تأثيرها إلى هذه اللحظة، كوّن لدى الناس قاموساً ضخماً من مخزون (القيل والقال) وسخّر الناس أوقاتهم ومجالسهم وهواتفهم وإيميلاتهم واهتماماتهم التلفزيونية في تأكيد هذه الثقافة الضحلة الهدّارة للأوقات المضيعة للأعمار. شخصياً حاولت إنقاذ نفسي مبكراً وسحبت رجلي من وحل الإشاعات ونشر أخبار الإحباط، وقصص الطائفية وتحليل المؤامرات، ووفرت جهدي في عمل متخصص يخدم وطني على أساس متين، ليكون حلاً بديلاً عن المهاترات والمزايدات وحروب التويتر والفيس بوك النارية التي تحرق الأخضر واليابس. شكلتُ ساحتي الهادئة التي أبني فيها مدينتي وقلعتي الحصينة، فإذا جاءت العواصف فإنني أحتمي بها، وإذا طلب مني الآخرون مأوى رحبت بهم، وإذا طلب الطامحون ترجمة أفكارهم وفرت لهم الجو، وإذا أراد مريدو الفن والثقافة مرادهم وجدوه عندي وعند غيري ممن انتهج هذا النهج . فالعيش في ظلال العمل والإنتاج هو الذي يعطي للحياة معنى التقدم، أما الخوض في القيل والقال وتبادل أنباء المؤامرات والتخريب فلا أدري إلى أي درجة سيفيد، ولا أعني بذلك ترك البلد تحترق، ولكن نضع لكل ميزان نصابه، فأصحاب الشأن من السياسيين ورجال الأمن وأولي الأمر وذوي الشأن لهم الحق في خوض ذلك المعترك، أما الأكثرية المتبقية فعليها العمل والتحرك للإنتاج الحقيقي لهذا البلد. كم مرة جلست الأسر مع بعضها والجميع تتلاحق عيونهم في هواتفهم لعرض مقاطع الفيديو الطائفية الهزلية – في كثير من الأحيان – وكم مرة فتح النقاش لساعات طويلة لتحليل مقولة فلان من الناس في حق الحكومة أو في حق العقيدة، وبالرغم من إيماننا بضرورة الدفاع عن الوطن والعقيدة، لكن هل كل رواد المجلس من المدافعين، وماهو نوع الدفاع؟! وهل المطلوب من الجميع قضاء تلك الأوقات ليثبتوا لبعضهم البعض مقدار حميتهم وغيرتهم . في مفهومي المتواضع لحب الوطن هو أن نعطيه شيئاً من أفعالنا ونترك بصمة ملوّنة زاهية لا تمحيها آثار دمار المخربين والمتآمرين، فقلاع الأندلس وقصورها الشامخة وتوابع ثقافتها وروحها الحضارية الأصيلة مازالت شامخة أصيلة لم تتزحزح، فانظر أي قلعة بنيت في حياتك وأي قصر شيّدت .