أجمع خطباء الجمعة أن الاتحاد الخليجي مطلبٌ شرعي ومكسبٌ سياسي وقوةٌ اقتصادية وحصانةٌ أمنية واجبة، لافتين إلى أن مشروع الاتحاد بلسمٌ شافٍ يدرأ المخاطر والمطامع ويحقق مصالح دول الخليج العربي وآمال شعوبها. وطالب الخطباء دول مجلس التعاون بوضع أُطر ونظم وتشريعات تُسهّل خطوات الانتقال من التعاون إلى الاتحاد، موضحين أن “الاختلاف والفرقة من مصائب الأمم والشعوب، والاتحاد مجد لها وفخار وسؤدد”. وقالوا إن الاتحاد الخليجي أمرٌ رباني وواجبٌ ديني قبل أن يكون مطلباً شعبياً ملحاً، داعين إلى تقويض المؤامرة الإيرانية بالوحدة وإفشال مشروعها الإرهابي باجتماع الكلمة. وبيّن الخطباء أن إيران كشفت سوءة عملائها في البحرين بدعوتهم للتظاهر ضد مطلب الوحدة، مشيرين إلى أن “الوفاق” لم تُدن رفض طهران لمشروع الاتحاد وادّعاء أحقيتها بالمملكة. ودللوا على القواسم المشتركة للوحدة الخليجية المرتقبة بعوامل التاريخ والجغرافيا واللغة الواحدة، مطالبين بترجمة التقارب الخليجي على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية. صراع الحق والباطل وقال خطيب جامع عائشة أم المؤمنين الشيخ د.عبداللطيف آل محمود، في خطبته تحت عنوان “قواعد المدافعة لانتصار الحق على الباطل وفوائد الاتحاد”، إن لانتصار أهل الحق على أهل الباطل قواعد عدة، الأُولى أن كلاً من أهل الحق وأهل الباطل يعمل من أجل تحقيق غايته، فإذا توانى أهل الحق عن المدافعة فإن الغلبة تكون لأهل الباطل فيتمكنوا من الإفساد في الأرض، والثانية على أهل الإيمان والحق أن يستعدوا في مدافعتهم لأهل الباطل بكل ما يستطيعون حتى لا تستباح دولهم وأرواحهم وأموالهم. وأضاف أن القاعدة الثالثة هي توحيد صف أهل الإيمان والحق، بالتحقق والتمسك بالأخوة الإيمانية بينهم التي قررها الله تعالى، والرابعة على أهل الحق والإيمان أن يبذلوا الأموال والأوقات والجهود لنشر الحق ومقاومة الباطل حتى لا يغلبهم أهل الباطل ويهلكوهم إذا تسلطوا عليهم، والقاعدة الأخيرة وجوب التمسك بالقواسم المشتركة بين أهل الإيمان والحق، مع الحذر الشديد من التفرق والتمزق. وأكد آل محمود أن الاتحاد هو الدواء الشافي في ضوء هذه القواعد الربانية، وبعد أن وعينا الدرس من مؤامرة الاحتراب الطائفي وتمزيق الأوطان التي مررنا بها ومازالت ذيولها باقية، وأن المؤامرة لم تكن على البحرين فقط وإنما كانت البحرين بوابة التحرك تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، ويصبح قيام الاتحاد بين هذه الدول اليوم هو العلاج الناجح للدفاع عن دولنا وشعوبنا وتحقيق مصالحهم ودرء الخطر عن دولهم وشعوبهم. ولفت إلى أن الاتحاد واجب ديني و«بالنظر إلى مكانة دول مجلس التعاون الخليجي من الجانب الديني والعروبي، فإن الاتحاد يصبح واجباً دينياً، يأثم من يتركه وهو قادر عليه، وهو بالنسبة لدولنا اليوم واجب سياسي وعقلي حتى إذا أغفلنا الجانب الديني، ومنافعه كثيرة من أهمها قوة المواقف السياسية والاقتصادية والعسكرية لدول الاتحاد وحماية المصالح، وهو اليوم واجب لحماية الدول والأفراد من مؤامرات الأعداء، وطالما نادت شعوبنا بالاتحاد لكن لم تجد صرخاتهم آذاناً صاغية من الساسة”. خطوات الوحدة الخليجية وقال خطيب جامع الشيخ محمد بن أحمد بن علي آل خليفة الشيخ فؤاد إبراهيم عبيد، إن الحرص على الانتقال إلى الاتحاد الخليجي وعدم القناعة بـ«التعاون الخليجي”، وأن هناك تعاوناً بين الدول الأخرى ضمن اتفاقات ثنائية، إنما في الخليج العربي الواقع أقرب إلى الاتحاد، ولا يضير أحداً أن يُسمى اتحاداً بصيغته التي هو عليها حالياً، و«أتصور أن كلمة اتحاد بذاتها تخيف بعض الخليجيين لأنها تعطي المفهوم الفيدرالي”. وعلل مشكلة رفض الاتحاد في عدم وضوح الفكرة، وتحديداً في مصطلح الاتحاد الذي يوحي بالفيدرالية، مع أن المفهوم الذي طرحه الملك عبدالله بن عبدالعزيز يماثل فكرة الاتحاد الأوروبي، وهو أقرب إلى الكونفدرالية منه إلى الفيدرالية، والمطلوب من الدول الآن وضع أطر ونظم وتشريعات ودراستها باستفاضة وتأنٍ لتسهيل خطوات الانتقال من التعاون إلى الوحدة الخليجية الراسخة القوية، وإبرازها للوجود ككيان موحد قوي. ونصح بعدم التسرع والعجلة لتفادي الأخطاء ودرء المخاطر المحيطة، سواء من الأصدقاء أو من الأعداء فهم في مجابهة هذه الوحدة سواسية، خاصة أولئك الأصدقاء الطامعين في ثروات بلداننا. مواجهة المد الصفوي ونبّه خطيب جامع صلاح الدين الشيخ د.فيصل عبدالله الغرير، إلى أن الاتحاد الخليجي طريقنا للقوة بعد الله عز وجل، ودعوة ربانية إلى الاتحاد والوحدة والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله، ودعوة إلى تأليف القلوب ونبذ الفرقة، فإن من المصائب التي حلّت بهذه الأمة الاختلاف والتفرق، وإن من عوامل قومة أمة من الأمم الاتحاد، بالاتحاد تنال الأمة مجدها وتصل إلى مبتغاها وتعيش حياة آمنة مطمئنة مع اتصالها بخالقها واعتصامها بحبل الله المتين. وأضاف “الوحدة واجتماع الكلمة تُعدُ من أعظم النعم، وخاصة عندما نشاهد ما يريده الأعداء من زعزعة الأمن وإثارة الفتن، فإن ذلك يزيدهم تمسكاً ببعضهم بعضاً حتى لا تتشتت الجهود، وهذا ما رأيناه في هذه البلاد وخارجها لأناس حاقدين على مملكتنا، لا همّ لهم إلا التفريق بين المسلمين وبث بذور الاختلاف بينهم، ويبحثون عن كل ما يمزق الجماعة إلى جماعات متنافرة متناحرة”. وقال الغرير إن أعداء الدين يدركون حقيقة أن المسلمين لا يمكنهم الانتصار إلا بالاتحاد والاجتماع، وهذا ما قاموا به طوال السنين من العمل لإضعاف الأمة، وما يحصل اليوم في العالم الإسلامي عن طريق عملاء وأذناب إيران خاصة في منطقة الخليج العربي وولي الفقيه في البحرين كنموذج عيسى قاسم، مؤامرة إيرانية إرهابية لزعزعة الأمن وخلق الفوضى والتخريب. ودعا الدول الخليجية والعربية إلى تقويض المؤامرة الإيرانية وإفشال مشروعها الإرهابي، والعمل على فضح مخططاتهم ونشر الوعي بين الناس بخطورة المد الصفوي الفارسي. الوحدة واجبة شرعاً من جانبه قال خطيب جامع أحمد الفاتح الشيخ عدنان عبدالله القطان، إن من أهم عوامل قيام أية أمة من الأمم الاتحاد، فبالاتحاد تنال الأمة مجدها، وتصل لمبتغاها، وتعيش حياة آمنة مطمئنة، وتكون مرهوبة الجانب، مهيبة الحمى، عزيزة السلطان، مشيراً إلى أن الاتحاد بين المسلمين واجب شرعي بنصوص الكتاب والسُنة. وأضاف أن التاريخ يشهد أن من أهم أسباب سقوط الدول على اختلاف عقائدها ومللها هو التفرق والاختلاف، وأن الوحدة والاتحاد مطلبٌ شرعيٌّ، ومكسَبٌ سياسيٌّ، وقوةٌ اقتصاديةٌ، وحصانةٌ أمنيَّة، لابد ولا مناص منها، خاصة في هذه الفترة العصيبة التي يموج فيها خليجنا العربي بأوضاع سياسية لم يشهدها من قبل، إلى جانب مواجهة الدول الخليجية للتحديات الصادرة من دول الجوار وتهديداتهم المتكررة المستفزة، ومن الدول الكبرى المتآمرة عليها الزاعمة أنها حليفة لها. مطلب الاتحاد وبين خطيب جامع الظهراني بمدينة الحد صلاح بن محمد بوحسن، أن مطلب شعب الخليج الملحّ في الاتحاد بين دول مجلس التعاون، قبل أن يكون مطلباً شعبياً فهو أمر من رب السماوات والأرض، حيث إن الأطماع الخارجية كثُرت وتعالت أصواتها، ومنها ما صرح به رئيس مجلس الشورى الإيراني، وعداء دولته المستمر لدول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والبحرين. و شدد بوحسن على دعوة خادم الحرمين الشريفين بضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، لافتاً إلى أن دعوته الكريمة مستمدة من الكتاب والسُنة، باعتبارها مطلباً شعبياً لأهل الإيمان والتوحيد ويخشى منها أهل الأهواء. عملاء طهران ومطلب الوحدة وأكد خطيب جامع العجلان الأستاذ المساعد بجامعة البحرين د.ناجي العربي، أن إيران كشفت سوءة عملائها في البحرين، حين دعت أذنابها وعملاءها وعبيدها للخروج في مسيرات ضد مطلب الوحدة الخليجية. وقال العربي “نقول لهؤلاء إننا نربأ بأي مواطن شريف أن يكون ولاؤه للخارج، وأن تكون إرادته مرهونة بآخرين يعبثون بأمن بلاده وإخوانه في الوطن”. وأضاف “نقول لمن يريد أن يخرج معهم إنكم تثبتون على أنفسكم أنكم خونة لله ورسوله والوطن ولإخوانكم أبناء الشعب، إذ يكون المحرك لكم إرادة أسيادكم هناك الذين يريدون ببلادنا سوءاً، وكل من يستجيب لدعوة طهران حري به أن يرحل من بلادنا غير مأسوف عليه، وعلى الدولة اتخاذ مواقف حازمة قوية جريئة لردع رؤس الفتنة”. وأوضح العربي أن الاتحاد حلم مبارك طالما تشوقت النفوس إليه، وعمل المخلصون لأجله، مشيراً إلى أن الخليج سيبقى بفضل الله وجهود أبنائه عربياً، رغم أنف المجرمين في طهران. وقال إن الوحدة الخليجية غاية شرعية قبل أن تكون غاية دنيوية، ويجب أن ندرك أن تمزق الأمة وتفرقها في دويلات هنا وهناك خلاف الأصل، وما بلغ العدو مبلغه إلا بعد أن حزبنا وشتتنا ومزقنا. وأضاف “تأتي دعوة مباركة من رجل يستشعر مسؤولية الأمة، وتشرف أن يكون خادم الحرمين الشريفين الداعي إلى الوحدة والمستجيب لأمر الله ورسوله، واستجابة لرغبة ملحة من أبناء دول تستشعر حاجتها الضرورية إلى وحدة تكون أنموذجاً يحتذى في بقية أبناء الأمة في طلب الوحدة والإصرار على اجتماع الكلمة”. واعتبر العربي من يقف ضد الوحدة إما أن يكون جاهلاً “عليه أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أسس الدولة الإسلامية وأقامها على أن يكون لها حاكم واحد وله من يمثله في الأقطار”، أو أن يكون صاحب أجندة ومخططات وحسابات لا يريد خيراً للبلاد، داعياً إلى المشاركة في اجتماع الفاتح اليوم باعتباره مسألة مصير تثبت للعالم إرادة الشعب بالتوحد. القواسم المشتركة من جهته قال خطيب جامع النصر الشيخ حبيب النامليتي “منذ عقود ومواطنو مجلس التعاون الخليجي يترقبون وحدة الكيان الخليجي واتحاده في كافة الجوانب، هذا الترابط بين الشعوب الإسلامية أثر من آثار اتفاقهم في العقيدة وترابطهم في الدين، وكلما زادت الأمور المشتركة زاد التقارب والتواصل بين الشعوب، لذا نجد هذه الروابط الوثيقة والاتصالات المباشرة والزيارات المتبادلة بين البحرين وسائر دول مجلس التعاون”. وأضاف أن العقيدة الواحدة والرؤى المتحدة واللغة مشتركة والعادات المتداخلة والأراضي المتقاربة والتاريخ المترابط، لابد أن تؤدي لتلاحم هذه الدول واتحادها في كيان موحد. ودعا النامليتي إلى ترجمة التقارب بين دول الخليج على مختلف المستويات والجوانب سياسياً واقتصادياً وثقافياً وسياحياً، لكن في شقها المشرق والإيجابي، ما يثمر عن تعاون ودفاع مشترك ضد كل طامع من دول الإقليم أو خارجها، وإيجاد حلول لمشاكلها، وهي السبيل لتحقيق المشاريع الإسلامية المشتركة. تماهٍ إيراني وفاقي وتحدث خطيب جامع سبيكة النصف بمدينة عيسى الشيخ جاسم السعيدي، عن حرص الشارع على وحدة المسلمين وترابطهم وتأسيس الكيان الموحد بين المسلمين تحت راية التوحيد والعقيدة الإسلامية الصحيحة، تقوية للمسلمين وتعزيزاً للأخوة والمصير المشترك فيما بينهم، وردعاً لمن يتربص بالمسلمين ويطمع فيهم. ولفت إلى أن الإسلام حرص وشدد على الاتحاد في العقيدة أولاً، ومن ثم وحد المسلمين في دولة النبي صلى الله عليه وسلم التي أعزها الله بعز الإسلام فسادت الأرض والبحار، مشيداً بالإعلان عن قرب الاتحاد الخليجي الذي أثار حنق وغضب أعداء الإسلام وخاصة في إيران التي هدد مسؤولوها الدول الخليجية في حال إنفاذ الاتحاد، وادعوا أحقيتهم بالبحرين كجزء من إيران دون أن يجدوا معارضة أو كلمة استنكار واحدة ممن يسمون أنفسهم الوطنيين من أتباع عيسى قاسم والوفاق، وكل من يؤمن بنظرية الولي الفقيه التي جعلت منهم خدماً لدولة الفرس المعادية التي مازالت تحتل أراضي العرب شأنها بذلك شأن المحتل الصهيوني للأراضي الفلسطينية. كشف المخطط وقال خطيب جامع الخالد الشيخ عبدالله بن سالم المناعي، إن مشروع المخطط الصفوي خطير على ديار الإسلام، وهو حقيقة وليس خيالاً وهو واقع يجوس داخل الديار، وأصبح لهم اليوم صوت مرفوع في العالم وإعلام مسموع يذكي الفتنة، ويشكر العداء ويصبح ويمسي في عمز ولمز وهجاء، وعلى جميع الدول فضح مخطط هؤلاء، وكشف وسائلهم ليس دعوة للتصادم والتحارب المذهبي ولكن رسالة لفهم مشروع القوم، وكيف يتحركون وما يكيدون. ودعا المناعي المتحمسين لوهج الثورات تحت لافتات الحريات وانتزاع الحقوق بالتحلي بالفهم السياسي، والإلمام التاريخي بالأطماع الصفوية الباطنية في الخليج عامة وخاصة ما يمثله موقع البحرين من أهمية كبرى لهم، لتكون بوابة الحلم الفارسي الموعود بإنشاء الإمبراطورية الباطنية الكبرى، وإعادة أمجاد الدولة الفارسية.