^ يميل أهل الخليج إلى إطلاق صفة “المتصابي” أو “المتشبِّب” على الرجل الذي تجاوز الخمسين من العمر، لكنه لايزال يحاول أن يعيش حياته كما لو كان شاباً، فتراه يرتدي الأزياء الشبابية الصارخة التي لا تتناسب مع مرحلته العمرية التي تطلب الوقار واحترام الذات، ويضع على عينيه أفخم النظارات وفي يديه الإكسسوارات، ليتبختر في ثقةٍ متناهيةٍ، وكأنه في العشرينات من عمره. وعموماً تميل النساء الخليجيات، خصوصاً السيدات منهن، إلى الرفض التام لهذه الأساليب، حيث يعتقدن أن الرجل الخمسيني الذي يمارس السلوكيّات الصبيانية يريد أن يظهر شيئاً غير حقيقي، أو يرغب في نيل إعجاب طرفٍ آخر، والسبب الشائع، في نظرهن، هو الرغبة في الزواج مرةً أخرى، ومن هنا السعي العارم لديه لأن يبدو أصغر سناً وجمالاً وتألّقاً! على نطاق واسع، يُوصف الرجل الذي يرغب في استعادة أيام شبابه، والتعبير عن عشقه للأيام الخوالي المفعمة بالمرح والحيوية، وتشوّقه لاستعادتها مرةً أخرى، بأنه شخص يهرب من واقعه بشتى الطرق، لأنه يرفض استيعاب فكرة أن قطار العمر قد أوشك على الوصول إلى محطته الأخيرة ولأنه ينبذ الواقع، ويتشبّث بأذيال الشباب. ويجزم البعض أن التصابي ربما يكون مرضاً نفسياً، بينما يرى أناس قليلون أن فكرة التشبّب تعبِّر عن هامشٍ من الحرية لا يحق للآخرين الاحتجاج عليها. وفيما يعزو بعض علماء النفس هذه السلوكيات إلى عدم النضوج، وعدم المرور بمراحل النمو النفسي السويّة المتوالية، وفقدان الترابط الأسري، وعدم القدرة على التعبير عن الذات، يرجح البعض الآخر أن هذه التحولات يمكن أن تكون تعويضاً عن الحماية أو القسوة الزائدة، وذلك بجذب الانتباه من خلال ممارسة طقوس شبابية، فقد يلجأ الرجل إلى الزواج بمن هي أصغر منه سناً بكثير أو الحديث المبالغ فيه عن جاذبيّته، بينما يتصوّر آخرون أن هذه التصرّفات تنمّ عن صراع داخلي لدى الفرد المتقدم في السن، إذ إنه يرفض الكبر، فيلجأ إلى الحيل الدفاعية بعمل ما لا يتوافق مع مرحلة نموّه، لكنني أعتقد أن التقدّم المتحقّق في مجتمعاتنا العربية لم يمسّ بعد مجال الحريات الشخصية، باعتبار أن الخمسيني “يخطئ” أصلاً لو أنه فكّر كيف يتعلّق بتلابيب الحياة ليعيش أياماً وأكثر إشراقاً في الفترة المتبقية له من عمره!