^ أتصور لو أن الذي شبه صوت المطرب بصوت الله كان من الدول الغربية، أو أن الذي تحدث عن نبي الإسلام العظيم محمد صلى الله عليه وسلم باستهزاء كان ممن ينتسب إلى دين آخر غير دين الإسلام، لكانت المظاهرات العارمة ملأت شوارع العواصم الإسلامية، مطالبة بإدانة الإساءات للدين الإسلامي ورموزه، ومطالبة حكومات الدول التي ينتمي إليها المسيئون بتقديم اعتذار، وقد يتطور الأمر إلى مقاطعة للبضائع كما حدث في حالات سابقة مع إساءات غير مقبولة لرموز الدين الإسلامي الحنيف. لكن المشكلة الكبرى أن الإساءات لديننا العظيم تأتي من بين أظهرنا، وتعددت حالاتها حتى صارت ما يشبه الظاهرة، وذلك يستوجب أن نقف أمامها بشيء من التأمل لنتساءل؛ ما الذي يدفع بعض شبابنا للإساءة لرموز ديننا؟ وأين تكمن المشكلة؟ وبالتالي كيف يكون الحل؟. فيما أعتقد أن جزءاً من المشكلة هي الحالة الإعلامية التي نعيش فيها وتغمرنا بتفاصيلها، حيث بإمكان أي فرد أن ينشئ حساباً له في مواقع التواصل الاجتماعي ليحصل على مساحة افتراضية يكتب فيها ما يشاء، وقد يكون هذا الحساب باسم وهمي أو افتراضي ما يصعب عملية التتبع أو المحاسبة، وهناك كثيرون ممن يعملون في هذا المجال، وينتشرون في غرف البالتوك وغيرها من آليات النقاش الذين يقومون بحملات منظمة للتشكيك في ثوابت الإسلام والنيل من قداسته. أما الحالات التي ثارت بسببها ضجة إعلامية فلم تكن من النوع السابق، بل كانت لشباب يدونون في حسابات بأسمائهم، وبما أن هذه الحسابات كما هو معلوم خالية من الرقابة، فما يخطر على بالك تقوم بتدوينه دون مرور بأي مرحلة من مراحل الفلترة، وتلك لا شك من حسنات مرحلتنا الراهنة، إلا أن من سلبيات هذه المرحلة أن الأخطاء البشرية واردة، وأن لحظاتٍ يتمكن الشيطان من المدون قد يسول له أن يكتب ما يعد إساءة للإسلام أو للنبي الكريم أو للقرآن الكريم، فما حدث مع حمزة كاشغري المدون السعودي الذي كان يخاطب الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في يوم مولده، ولسوء فهم وتقدير ظن أن بوسعه أن يتناول شخصية النبي كما يتناول حياة واحد من أصدقائه، كما إن الحساب الذي نسب لحصة آل الشيخ المدونة السعودية والتي في لحظة انتشاء لسماع المطرب السعودي محمد عبده، خلطت الأوراق، وتجاوزت تجاوزاً أبكى أحد شيوخ الإسلام الكرام في إحدى البرامج على قناة المجد لأنها تحدثت عن الذات الإلهية بما لا يليق، وزعمت أنها من حسن صوت المطرب كأنها تسمع الله تعالى ذاته -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- وقد سارعت المدونة لإنكار نسبة الحساب إليها، وتم حذف الحساب بعد حملة على تويتر وفي كل وسائل الإعلام تلفظ وتستهجن هذه الإساءات. في عصر الفضاءات المفتوحة يحتاج شبابنا إلى زيادة جرعة الوعي والثقافة، وإلى حملات توعية تتناسب مع الفئة العمرية التي ينتسبون لها حتى لا يقع مزيد من الشباب في براثن الإساءة لأعز ما نحرص على الانتساب إليه وهو الدين الإسلامي الحنيف، وهو واجب الدعاة والمستنيرين الذين يجب أن يكونوا مع الشباب في تلك المواقع يحاورونهم ويرشدونهم إلى جادة الصواب.