^ - الإعلان الأول يقول: “تملك بيت أحلامك بسعر لا يزيد عن 180 ألف دينار فقط..”. - الإعلان الثاني: “فلل لذوي الدخل المحدود من 160-280 ألف دينار فقط”. - الإعلان الثالث: “فيلا كبيرة في منطقة هادئة تطل على البحر، فقط 480 ألف دينار فقط.. فرصة لا تفوت..”. - الإعلان الرابع: “شقق دولوكس في منطقة حديثة مخطط إسكاني في ..، تبدأ الأسعار من 120 ألف دينار..”. أحببت أن أبدأ هذه السطور بعرض نماذج من الإعلانات التي نقرأها هذه الأيام في الصحافة المحلية، وذلك لتسليط الضوء مجدداً على قضية الإسكان التي لا تؤثر على المواطن فحسب، بل وتؤثر على الاقتصاد الوطني أيضاً، كما تؤثر على الأمن الوطني للمجتمع وعلى استقرار الفرد وسد حاجاته النفسية والاجتماعية. فعندما تقرأ بعض الإعلانات المتعلقة بالمساكن والفلل والشقق وما فيها من استفزاز حقيقي لمتوسطي ومحدودي الدخل، تصاب بقدر غير قليل من الإحباط، وذلك لأنه وبعملية حسابية بسيطة تصل إلى نتيجة شبه حتمية أنه يستحيل على محدودي الدخل وحتى العديد من متوسطيه الحصول على سكن خلال حياتهم الجارية، وأنه ولكي يحصل الواحد منهم على سكن -على نفقته الخاصة- يلزمه من جيلين إلى ثلاثة أجيال من الادخار حتى يتمكن الأحفاد مثلاً من الحصول على وحدة سكنية من السوق التجاري، هذا إن لم تنقذه الدولة -كما هو حاصل حالياً لآلاف المواطنين- فتوفر له وحدة سكنية بالتقسيط الطويل المدى، وبسعر الكلفة تقريباً، وهذا ما تجهد الدولة في توفيره للمواطنين بالرغم مما تواجهه من تحديات تتعلق بالطلب المتزايد على الخدمات الإسكانية نتيجة ارتفاع معدل النمو السكاني، والكثافة السكانية العالية، وارتفاع نسبة التحضر إلى أكثر من 92%، والارتفاع الهائل في أسعار الأراضي ومواد البناء، فضلاً عن الانطباعات السلبية السائدة لدى المواطنين عن “البناء العمودي”. فالفجوة الواسعة بين العرض والطلب في قطاع الإسكان قد أدت إلى ارتفاعات خيالية في أسعار البيوت السكنية وقطع الأراضي، تفوق كثيراً إمكانية الأُسر المتوسطة ناهيك عن الطبقات الفقيرة في امتلاك وحدات سكنية بسيطة. إن هناك فجوة سكنية فعلية مطلوب سدها وتقدر بحسب الإحصاءات الرسمية بنحو 45 ألف وحدة سكنية على قائمة الانتظار، دون احتساب زيادة الطلبات الجديدة سنوياً، في مقابل قدرة محدودة للدولة على توفير الوحدات السكنية مما يعني أن حل هذه المشكلة لن يكون ممكناً في المدى القريب في ظل الإمكانات والموارد المتاحة حالياً، ولذلك قد نحتاج إلى حلول أكثر جُرأة في مواجهة هذه المشكلة، ترتبط بتطوير التشريعات العقارية القائمة وتنويع التمويل العقاري والأخذ بالتقنيات الحديثة للبناء كما تفعل الدول المتقدمة، والعمل على تغيير العقليات. فعلى صعيد التشريع نحتاج إلى استحداث التشريعات الإضافية لتنظيم الاستثمار العقاري السكني وتفعيل التمويل العقاري المباشر وغير المباشر “الرهن العقاري، الإيجار المنتهي بالتمليك، البيع بالتقسيط، عقود المرابحة” الحكومي والتجاري، أما على صعيد تقنية البناء الحديثة فيجب أن نُقبل على استخدام المباني المُسبقة الصنع والتي يمكن تجهيزها في غضون عدة أشهر وهي تتميز بكلفتها المنخفضة، بالرغم من كونها مصممة من مواد ممتازة وبضمانات حقيقية، تحقق قفزة نوعية في حل مشكلة الإسكان. أما على صعيد تغيير العقليات فقد نحتاج إلى وقت كافٍ لتغيير أنماط السكن نحو البناء العمودي استثماراً لمساحة الأرض، وخفضاً للكلفة، مع توفير الخدمات المركزية من تبريد وتهوية ومصاعد حديثة وخدمات صحية، تدار من قبل شركات صيانة متخصصة، تربط بعقود تضمن السرعة والجودة في الخدمة، وهذا الحل يناسب العوائل الصغيرة والمتوسطة خاصة من محدودي الدخل، أو من المتزوجين حديثاً.. حتى لا يُصاب أحد بالإحباط عند مطالعة الإعلانات التي بدأنا بها هذا المقال.